بيان للراي العام/ الصحفي زايد ولد محمد

جمعة, 09/25/2015 - 17:48

سلام من الرحمن موصول بالرحمة إلى من يهمه الأمر ،

عندما عدت للوطن قبل خمس سنوات كنت مسكونا لاشك بمشاهداتي طيلة أكثر من خمسة عشر عاما أمضيتها خارج الوطن و زرت فيها بلدانا كثيرة اقل ثروة و أكثر تعدادا و اقل موارد و كنت أعود له في كل مرة لألاحظ بنفسي التراجع الكبير في مستوى حياة الناس و تراجع و سوء الخدمات المقدمة ، سواء تعلق الأمر بالصحة أو التعليم أو البنىالتحتية .. فيما تزدهر حياة قلة أخرى  بشكل اقرب لتكاثر الفطريات في بيئة غير سليمة أشبه بمستنقع آسن ، لقد دفعني كل هذا و تجربتي التي أمضيتها في مواقع و برامج التواصل الاجتماعي التي أكسبت جيلا كاملا مفاهيم الحرية و علمته تجاوز الخطوط الحمراء الوهمية التي تحاول السلطة ان تضعها في وجه كل من يحاول تجاوز المحظور في عرفها ليذكر أولئك بحقوقهم المغتصبة .

لقد تعلمت بنفسي و من تجربتي أن لا حيادية للإعلام في وجه الفساد و ما القيمة الحقيقية للإعلام إن لم يسند حقوق الضعفاء ؟! و ينير الرأي حول تقويض البلاد من طرف ثلة من المنتفعين و السماسرة و الانتفاعيين و مرابي الثقافة و الفكر الهزيل ؟! إن ما لا يفهمه هؤلاء و أولئك ان الحرية هي صمام الآمان لبقاء البلاد و أن التكميم  هو الطريق للهزات التي لا تبقي و لا تذر ،و قد يظن كثيرون من داخل السلطة و من خارجها إنصمود موريتانيا في وجه "الربيع العربي و لهيبه" من قوة النظام و أدواته أو من ضعف المعارضة و خطابها و الحقيقة إن لا هذا و لا ذاك هو ما جنب موريتانيا الانزلاق في مطبات الربيع العربي بل باختصار قدرة الموريتاني في كل المستويات و في كل الخنادق على رفض رقابة السلطة على رأيه الذي يمثل متنفسه في وجه الفساد و قلة الخدمات حتى وهو خاضع للسلطة ..

و هو المستوى الذي كلما تناقص لكما اقتربنا أكثرمن الهزة الكبرى و التي ان لم تكن "ربيعا عربيا" فستكون بلا شك خريفا إفريقيا توضع اللمسات الأخيرة هذه الأيام على تشكله .. 

لقد حرصت دائما أن أكون صوت الغائب عن الحلقة و لذلك فقد كان الجميع يصنفني في خانة خصمه حتى أضحيت بعشرات الهويات من النظام و من المعارضة و من المعاهدة و ربما شباب أمل و حتى مندوبا للحوانيت و هذا أن دل على شيء فإنما يدل على أنني كنت صوتيا لكل الموريتانيين و أنني كما أكدت دائما "لست تاسفرة لأحد" .. 

أما حين انتقد الشخصيات العامة فليس لموقف شخصي طبعا و إنما لأنها هي المسؤولة أمام الجميع عن كل نقص قد يمس حياة المواطن و مع حرصي الدائم على أن أتحدث عن تلك الشخصية بصفة غير مباشرة محترما الأسماء و مقدرا لها لكنني أمارس عملي بما يضمن تحقق أهدافه دون الإساءة لأي كان ، و في أولها احترام عقل المستمع  المستهدف الأول من البرنامج .

لقد تفاجأت  من توقيف برنامجي فقد كنت دائما أظن أن ذلك الأثير قد فتح بابا و متنفسا لكل تلك القلوب و الأرواح المهمشة لتقول كلمتها دون أنيقول المقدم "يبدو أن الخط قد انقطع " أو "نأسف لانقطاع الخط" ثم الرنة المعروفة عبر الأثير  .. لقد شكل "صحراء توك" كغيره من برامج "توك شو "فرصة لإعلام التواصل الاجتماعي المسموع بعد أناستطاع الجمهور الولوج لمواقع التواصل الاجتماعي عبر الانترنت ليزيد من تفاعل المستمعين و المتابعين عبر وسائل جديدة و متعددة وطدت الشعور بالحرية و الاهتمام بالهم العام و لعل ذلك هو سبب نجاح البرنامج و الإقبال عليه من كافة فئات المجتمع ليس فقط في المجتمع الصامت و المعارضة ،بل في السلطة كذلك و ربما بصورة أكثروضوحا من خلال الاتصالات الكثيرة التي تردني مباشرة أو غير مباشرة من مواقع و شخصيات في السلطة و حرص شديد على كسبي و ربما كنت اليوم أقدم برنامجي لو أنني خضعت للترغيب و الإغواء و قبلت أن أسير ضمن القافلة التي تحرسها "الهابا" بعينها ، و الحقيقة أن هذا النجاح لا يعود لي شخصيا و لا لإمكانياتي بل لخطة البرنامج و حاجة المجتمع و متطلباته في برنامج خارج على النمط التقليدي للجمهور العائلي الذي تبدأ مكالماته و تنتهي بالثناء على مقدم البرنامج و البرنامج و الضيف العائلي القريب  دون أن يضيف فكرة ، فقد حرصت على أن يفتح أثير "صحراء توك"  لتوجيه النقد لي شخصيا و على صفحتي و صفحة البرنامج ، لأن البرنامج هو برنامج تفاعلي يؤسس لحرية الرأي و حرية النقد البناء و ليس حديقة عائلية لتنفيذ أجندة خاصة في تلميع أوتبيض الأموال و الأفراد ..

لقد تفاجأت فعليا من موقف الهابا و التي يفترض أن إنشاءها إضافة للإعلام كموجه و راع لا مقص و لا رقيب ليشطب و يقطع و يعيد التركيب على مزاج السلطة فالبلاد و الإعلام ليسا بحاجة لوزارتين للداخلية تعملان على تحقيق ما فوق المادة 11 سيئة الصيت ..استغربت فعلا كل ذلك السرد و تلك الإحالات التي ساقتها الهابا كمظلة قانونية و أخلاقية لتوقيف البرنامج  و تفاجأت أن أيا من أعضاء الهابا لم يستدعيني في أي يوم بعد حلقة واحدة ليوجه لي إنذارا خاصا أو عاما عن تجاوز في حلقات البرامج و لم اعمل بأن المؤسسة التي يعود لها البرنامج قد استلمت ما يفيد التحذير بشكل مباشر للبرنامج..

إن كل هذا الإحالات كشفت عن نية مبيتة مسبقة و منظمة من الهابا لا أظنها تتوقف عند توقيف البرنامج لشهر فقط بل نية مبيتة لإسكاته نهائيا و إلا فكيف لراعية إعلامية أن تسعى لجمع ما تسميه أدلة و الاحتفاظ بها "لساعة العسرة" و كأن حربا خفية تدور بينها و بيني شخصيا قبل البرنامج  .

كنت سأكون أكثر احتراما للهابا لو أنها نبهتني أول مرة لما تسميه خروجا على الخطوط الحمراء و تجاوزا لها بدل عملية "التجميع" تلك و الاستهداف بطريقة فجة و غير مبررة تماما كمطالبتها لي بالحيادية و أية حيادية متوقعة من الصحفي مع الجريمة و مع ارتفاع الأسعار و مع غلاء البنزين و انعدام الأمن و الاغتصاب و تهديد الآمنين و تدمير الفئات الفقيرة لحساب الأغنياء و غياب الخدمات إن لم تكن - تلك الحيادية المطلوبة مني -أن أرتل سفر الحزب الحاكم أو انشد قصائد تمجيد سيدها في نشوة صوفية على أثير برنامجي ..

كنت سأكون أكثر احتراما لها لو استدعتني و ناقشتني ذلك الخروج على المقررات و أبديت رأي فيه بقبوله أو رفضه لتضعه ضمن ملفي المثخن بالمادة 19 .

هذا أنا و تلك هي الهابا وهي على شفا تجديد المأموريات أما أنا فمأموريتي تبدأ بمعاناة هذا الشعب و تنتهي بحصوله على حقوقه كاملة غير منقوصة في الأمن و السلم الاجتماعي و الصحة و التعليم و الوظيفة و في أم الحقوق حريته التي لا بديل عنها و لو عبر أثير ساعتين عبر برنامج كل همه هو إيصال رسالة مستمعيه لمن يهمه الأمر ..

زايد محمد الباقر

مقدم و معد برنامج

صحراء توك

يوم الحج الأكبر

10ذي الحجة 1436

الموافق 24 سبتمبر 2015