موريتانيا: تصنيف التعليم العالي في ذيل القائمة عربيا وعالميا..فلماذا؟

ثلاثاء, 03/01/2016 - 11:27

تقرير خاص (أنباء أطلس): يحتل التعليم العالي في موريتانيا ذيل القائمة عربيا وعالميا في مؤشر التنافسية حول جودة التعليم العالي، مع العلم إلى ان هذا المؤشر يساهم إلى حد كبير في رفع أو تخفيض قيمة وترتيب مؤشر تنافسية الدولة بين قريناتها، ويؤدي ضعف هذا المؤشر كذلك إلى عدم وجود عمالة جيدة مما يعتبر عرقلة للنمو الاقتصادي.

ويعتبر خبراء المنتدى الاقتصادي العالمي من معدي تقرير التنافسية الذي يصدر سنويا أن جودة التعليم العالي والتدريب، أمر بالغ الأهمية بالنسبة للاقتصادات خاصة التي ترغب في الارتقاء في سلسلة القيمة لعمليات الإنتاج.

ويرجع ضعف التعليم العالي في موريتانيا، إلى عوامل كثيرة تراكمت عبر العقد الخمسة الماضية ولم تجد من يهتم بإزالتها أو تحسينها حتى الآن.

وهكذا أصبح التعليم العالي أحد أهم روافد البطالة في البلد، رغم انه يجب ان يكون عكس ذلك نظرا لقلة السكان واتساع سوق الشغل وكثرة الموارد الاقتصادية الوطنية. بيد أن الواقع يعكس بوضوح أن التعليم العالي في البلد مازال في وضعية هشة وضعيفة .

في التحقيق التالي نتعرف على أبرز مشاكل التعليم العالي في موريتانيا.

 

أسباب ..و مؤشرات

 

تهتم دول العالم بتعليمها العالي لأن وتيرة الاقتصادات اليوم، تسير مسرعة نحو العولمة ويجب على كل البلدان أن تتوفر على عمال متعلمين وقادرين على التكيف بسرعة مع البيئة المتغيرة والاحتياجات المتطورة لنظم الإنتاج وهي مهمة التعليم العالي بالأخص.

ويهتم المنتدى بصياغة مؤشر «التعليم العالي والتدريب» الذي يقيس معدلات الالتحاق بالمدارس الثانوية والتعليم العالي، وكذلك جودة التعليم «حسب تقييم مجتمع الأعمال»، بالإضافة إلى بُعد تدريب الموظفين، حيث يعتبر معدو تقرير التنافسية أن التدريب يجب أن يكون على رأس أولويات قطاع الأعمال، على الرغم من إهمال الكثير من الاقتصادات هذا الجانب، الذي يضمن إلى حد كبير التطوير المستمر لمهارات العمال .

وتحتل قطر الـرتبة ال27 عالميا والأولى عربيا إلى موريتانيا الأخيرة عربيا وعالميا. وقد تحسن ترتيب 3 دول هي الأردن وقطر والسعودية، واستقر ترتيب دولة واحدة وهي البحرين، فيما تراجع ترتيب 9 دول هي الجزائر ومصر والكويت ولبنان وموريتانيا والمغرب وتونس والإمارات وسلطنة عمان، بينما خرجت 3 دول من التصنيف مثل ليبيا وسوريا واليمن، نتيجة صعوبة جمع البيانات من هذه الدول التي تعاني من اضطرابات شديدة وصلت لمرحلة الحرب الأهلية.

وتتراوح قيمة مؤشر التعليم العالي والتدريب من صفر إلى 7 وفقا لمجموع المؤشرات الفرعية المكونة له، مثل معدلات الالتحاق بالمدارس والتعليم العالي وجودة التعليم ودرجة تدريب الموظفين، وحصلت قطر، الأفضل عربيا، على 5.12 نقطة من أصل 7 نقاط، بينما حصلت موريتانيا على 2.13 نقطة فقط في آخر تقرير للتنافسية .

 

قراءة  في المؤشر بموريتانيا

 

طبا لتقرير التنافسية  الدولي حول التعليم  فإن عدد التلاميذ الملتحقين بالتعليم الثانوي يعتبر من اهم النقاط في مؤشر التنافسية بخصوص جودة التعليم . و في هذه النقطة تعتبر موريتانيا ضعيفة حيث يترشح30 ألف تلميذ لدخول الإعدادية وينجح منهم 20 الفا في احسن الاحوال ،كما ان معدل النجاح في الباكالوريا ضعيف للغاية حيث بلغ العام الماضي 9 % بحدود 5000 طالبا جديد في أحسن الأحوال من اصل حدود 40 الف مترشح لدورة الباكلوريا العام2015.

أما النقطة الثانية الهامة على المؤشر فتتعلق بتدريب الموظفين وهي شبه غائبة حيث ان الموظفين في موريتانيا تنص القوانين المتعلقة بالشغل على ضرورة تدريبهم سنويا لكن هذه الفقرة من القانون معطلة.

تتعلق النقطة الثالثة من المؤشر بجودة التعليم وهي شبه معدومة حيث يعاني كل من التعليم الأساسي والثانوي من رداءة كبيرة خاصة في السنوات الأخيرة من أهمها :

الإصلاحات التربوية العشوائية وضعف التمدرس الذي شهد إهمالا كبيرا في العقدين الماضيين على الأقل سواء على مستوى التكوين او القيمة المعنوية  في المجتمع أو الناحية المادية ولم تحرك السلطات المعنية بالتعليم ساكنا حول هذه النقاط.

وهنالك ضعف تكوين الاساتذة والمعلمين واعتماد المقاربة الكمية في التعليمين الأساسي والثانوي منذ عقدين مما جعل التلاميذ يتجاوزون دون امتلاك المستوى المعرفي المطلوب وهو ما انحدر بالمستويات إلى الأسفل في النهاية وتلقت الجامعة نصيبها من ذلك، بسبب ضعف مستويات التلاميذ الذين يتجاوزون في الباكالوريا لدخولها.

وهنالك ضعف التعليم قبل المدرسي الذي يعتبر مرحلة حاسمة في عملية التعلم المدرسي، فالتعليم ما قبل الابتدائي الرسمي غير موجود تقريبا، أما التعليم ما قبل المدرسي غير الرسمي فيتكون من مدارس تحفيظ القرآن ومراكز الرعاية المجتمعية (مبادرات نسائية لرعاية الأطفال أساسا)، ويتميز بعدم ملاءمة أماكن العمل ونقص المعدات وتدريب القائمين على هياكلها وعدم وجود برامج للتوعية.

وتسجل أيضا من النواقص ضعف التكوين والتعليم المهني، حيث يذكر التقرير الإقليمي لليونسكو لعام 2014 حول التعليم للجميع في البلدان العربية (المؤتمر الدولي للتعليم للجميع، عمان، 12 -14 مايو 2014) أن "الالتحاق بالتعليم الفني والمهني في موريتانيا يمثل 2.6٪ من مجموع المسجلين في برامج الثانوية في عام 1999"

وتوجد أيضا مشكلة الأمية حيث يقول التقرير الوطني للتنمية المستدامة 2012 أنه: "إذا كان وضع محو الأمية عرف تطورات إيجابية في السنوات الأخيرة، أدت إلى تحسين المعدل الإجمالي للإلمام بالقراءة والكتابة (61.5٪ في عام 2008)، فإنه لا يزال دون التوقعات، كما أن الفوارق لا تزال قائمة بين الرجال والنساء (70.3٪ و 54.4٪ على التوالي)، وبين مناطق الإقامة (73.3٪ في المناطق الحضرية مقابل 50.3٪ في المناطق الريفية وتصل نسبة الامية 38 %".   

 

تطور شكلي في البنية التحتية

 

عرف التعليم الجامعي تطورا شكليا في البنية التحتية، حيث بنيت جامعات ومعاهد لكنها لم تخضع للمعايير العالمية المطلوبة في غالبيتها، كما تنقصها الكثير من التجهيزات والمعدات الضرورية لتسييرها بصورة جيدة.

تأسست جامعة نواكشوط كأول نواة للتعليم العالي سبتمبر1981  وتضم

            كلية الآداب والعلوم الإنسانية

كلية العلوم القانونية والاقتصادية

كلية الطب

كلية العلوم والتقنيات 

            المعهد الجامعي المهني

            إدارة مركز المصادر المعلوماتية

            إدارة مركز دعم تدريس اللغات

            إدارة المكتبة المركزية

مركز الدراسات والبحوث

 

مؤسسات غير تابعة للجامعة هي:

جامعة العيون الاسلامية

المعهد العالي للدراسات والبحوث الاسلامية

المعهد العالي التقني بروصو

مدرسة المعادن

مدرسة الهندسة المدنية

 

إحصاءات هامة

عدد الطلاب 17000 طالب"جامعة نواكشوط"

نسبة الاستيعاب السنوي 3600طالب"جامعة نواكشوط"

عدد مؤسسات التعليم العالي 4 مؤسسات (عامة) وهنالك مدارس ومعاهد متخصصة

عدد الجامعات الخاصة 4 (واحدة منها لبنانية) جامعة شنقيط –جامعة

12% من خريجي الجامعة يحصلون على فرصة عمل (تخرج1500 طالب سنويا)

المدرسون الرسميون 400

المتعاونون 435

 

التعليم العالي في مهب الريح

 

بحسب بعض الأساتذة في التعليم العالي بموريتانيا الذين استجوبناهم حول الموضوع فإن التعليم العالي يعاني الكثير من المشاكل بعضها ورثه من التعليمين الابتدائي والثانوي كضعف المستويات والاكتظاظ وقلة التخصصات وبعضها خاص به، ومن أهمها غياب قاعدة بيانات أصلا حول الطلاب وأعمارهم وتخصصاتهم ومستوياتهم الحقيقية وعلاقة تخصصاتهم بواقع سوق الشغل وكذا نفس الشيئ بالنسبة للأساتذة الذين يجهل الكثير من المعلومات عن بعضهم  كمستواهم الحقيقي وأصل شهاداتهم والقدرة الحقيقية لهم على تدريس تخصصاتهم،وتسود علاقة الكثيرين منهم بالإدارة الزبونية والمحسوبية حيث لا طرق شفافة في السابق لاكتتابهم، كما أن انتخاب العمداء يجعلهم خاضعين لهم في كل صغيرة وكبيرة يقبلون غيابهم ويتمالؤون معهم ضد مصالح الطلبة، الأمر الذي دعا الدولة أخيرا للتخلي عن انتخاب العمداء وقررت تعيينهم رسميا على غرار رؤساء الجامعات كي يكونوا أكثر حرية وضبطا  لمؤسساتهم.

هنالك غياب البحث العلمي بشكل كلي ومعروف ان البحث العلمي هو الحاضنة الأساسية للتعليم العالي وتطوره .

كما يلاحظ تسييس الساحة الطلابية الجامعية، حيث تزخر كليات الجامعة ومختلف المعاهد بالتيارات السياسية التي توجد بموريتانيا وتتصارع داخل الجامعة، حيث تحرك من الأحزاب السياسية عند الحاجة وقد ساهم تسييس الجامعة والعمل النقابي فيها بإرباك العملية التعليمية وضعف مستوى تحصيل الطلبة وأداء الأساتذة.

ويقول المستجوبون أيضا إن من المشاكل المطروحة بحدة في التعليم العالي صعوبة تطبيق نظام "أل، ام ، دي" محليا وهشاشة البنية التحتية وضعفها وغياب خدمات جامعية حقيقية، خصوصا في النقل والسكن والغذاء والصحة وفي توفير المكتبات والمراجع والأساتذة الجيدين وعدم مواءمة برامج التكوين أصلا مع متطلبات سوق الشغل60 % من الخريجين في مجالات لا علاقة لها بسوق الشغل بحسب بعض المهتمين بالتعليم العالي. وتغليب العمل النقابي والسياسي لدى كثير من الطلبة والأساتذة على الهم الطلابي والتحصيل العلمي .