واقع الإعلام في موريتانيا : حرية كبيرة... وفوضى بلا حدود...

سبت, 04/16/2016 - 09:45

تحقيق "أنباء أطلس" (نواكشط): نظمت في موريتانيا الأسبوع الماضي ندوة إعلامية دولية حول"الحريات الإعلامية في العالم العربي وإفريقيا" وقد كانت هذه الندوة مناسبة لتشخيص واقع المهنة الإعلامية بموريتانيا.

ومع أن موريتانيا عرفت أشواطا كبيرة حيث أنها في صدارة الدولة العربية من حيث حرية التعبير حسب "مراسلون بلا حدود"إلا أن الإعلام فيها لم يستفد بشكل كبير من هذه الحرية بما يخدم مهنيته ويعلي من رسالته بحسب كثير من المراقبين .

وقد عرفت الندوة تدخلات من عايشوا مهنة الصحافة في موريتانيا منذ التعددية 1991 وكان التقييم أن الحرية موجودة عموما  رغم بعض المضايقات ولكن ظروف العمل الإعلامي في البلاد ما تزال صعبة بسبب كثرة العوامل المتدخلة في صعوبتها .

في التحقيق التالي تشخيص لأهم المشاكل التي يعانيها الحقل الإعلامي في موريتانيا والحلول المطلوبة .

 

إعلاميون يشخصون واقع المهنة

قال نقيب الصحفيين الموريتانيين أحمد سالم ولد المختار السالم  ان الصحافة الموريتانية تعاني من جملة مشاكل من أهمها 

نقص المعلومة والشح في مصادر الأخبار يعملون في ظروف صعبة، دون عقود عمل، ودون توفير المتطلبات الضرورية لأداء وظائفه".

في حين أكد الشيخ سيداتي المدير العام لوكالة الاخبار الموريتانية المستقلة "أن هناك مشتركا عاما بين الصحافة بجميع أجناسها في موريتانيا وهي عدم الولوج لمصادر الخبر، وغياب المؤسسية أو المقاولة الصحافية الجادة واحتكار الاعلام الرسمى للإعلام والإعلان". منوها بأن " الصحافة الألكترونية في موريتانيا تتميز بأنها ولدت حرة خارج الكثير من الأُطر القانونية ".

وأضاف  "رغم وجود مائتي موقع إعلامي نشط في موريتانيا فإن الخبر السياسي هو الطاغي على الإنتاج الإعلامي للمواقع الموريتانية حيث لا يوجد تخصص في الأخبار سوى الأخبار الرياضية التي أصبحت لها صحافتها الخاصة ".

وفي مداخلة حول الصحافة المكتوبة الخاصة في موريتانيا أكد الحسين محنض المدير الناشر لصحيفة «الأمل الجديد» ان الصحافة المكتوبة في موريتانيا امتهنت من طرف مثقفين وسياسيين لا إعلاميين".

وأضاف ولد محنض " قررت الحكومة سنة 1996 في عهد ولد الطايع تمييع الصحافة مستقلة وذلك قبل أن تصنف الصحافة علي أساس «ثنائية ولاء ومعارضة»، وأصبح التعامل معها على ذلك الأساس ضمن الخطة المدروسة للقضاء عليها من طرف الدولة"»

وأكد أن تمييع الصحافة الخاصة كان هدفه الأساس هو خلق صحافة لا تحمل رأيا ولا تريد إصلاحا وإنما يقتصر دورها على خدمة النظام مقابل العائد المادي مبديا خشيته من انقراض الصحافة المكتوبة".

كما يرى متابعون أن تهميش الكفاءات الإعلامية وفصلها تعسفيا وظاهرة المتعاونين المقيتة وهضم حقوق أصحابها وتزايد الاعتقالات مؤخرا اثر الشكاوى ممن يصفون أنفسهم بالصحفيين أساء للمهنة  وجعلها فوضى وهذه كلها من المشاكل التي مازالت بحاجلة لحلول عاجلة.

 

لمحة عن تاريخ الإعلام بموريتانيا

عرفت موريتانيا ظهور الصحافة متأخرة عن بقية دول العالم العربي حيث ظهرت أو ل الجرائد مع المستعمر الفرنسي سنة 1945

وقد تشكل جي من الكتاب على اثر ذك مهد لظهور الإعلام  بعد الاستقلال عن فرنسا سنة 1960

وفي سنة 1975 ظهرت جريدة الشعب على يد ذلك الجيل لتدخل موريتانيا عهد صحافة الحزب الواحد وتظهر الصحافة السرية التي تواصلت حتى 1988 حيث بدأت تظهر الصافة المتخصصة نسبيا "نقابية ونسائية وثقافية"،تمهيدا لظهور الصحافة الإخبارية والجامعة بعد تبني التعددية الديمقراطية سنة 1991

و قد صدر أول قانون للصحافة المكتوبة فقط بموريتانيا، سنة 1991، ولكن هذا القانون تم تقييد الحرية فيه بالمادة 11 التي كانت سيفا مسلطا على حرية الصحافة ، كما لم تسعى السلطات من خلال هذا القانون إلى تعريف المهنة وضبطها وتوفير الظروف الملائمة لها. بل على العكس شجع نظام ود الطابع الفوضى وتمييع الصحافة وخنق حريتها حتى أصبحت مرادفة لمهنة" التسول" مما أضر بمصداقيتها وجعل الكتاب والصحفيين الأوفياء يهجرونها .

ومع سقوط نظام ولد الطايع في العام 2005 فتحت موريتانيا صفحة جديدة في مجال حرية الصحافة بعد الإعلان عن قانون جديد للسلطة الرابعة أضاف الصحافة الالكترونية للصحافة الورقية وألغى عقوبة حبس الصحفيين في جرائم النشر مع تشكيل السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية كهيئة ضبط للحقل الإعلامي وتحويل الوصاية في التشريع صحف والمواقع  العدالة بدل وزارة الداخلية،مع إبقاء الوصاية الإدارية لوزارة الاتصال وإلغاء المادة11

وقد نص القانون الجديد في مادته الثالثة على " أن من حق بل من واجب الصحفي "حماية مصادره في جميع الأحوال، إلا في الحالات التي ينص عليها القانون لضرورات مكافحة الجرائم والجنح، وخاصة المساس بأمن الدولة والإرهاب ".

ومع مطلع عام 2002 تأسست المواقع الالكترونية الإخبارية في موريتانيا على شبكة الإنترنيت التي دخلت إلى موريتانيا منذ سنة 1998

ومن خلال هذه  الطفرة في مجال حرية الصحافة حافظت موريتانيا على تصدرها من حيث حرية الصحافة وتداول الشبكات الاجتماعية وباقي الوسائل الرقمية الأخرى على بلدان المغرب العربي الخمس، ودول الساحل بغرب إفريقيا، وذلك بحصولها على المرتبة ال67 عالميا حسب الترتيب العالمي لمنظمة مراسلون بلا حدود.عامي2011 و

 

احصاءات هامة

موريتانيا في المرتبة 55 عالميا

15هيئة تمثل الصحفيين بموريتانيا

13هيئة رجالية و3 اتحادات نسائية

30 بالمئة تمثيل موريتانيا في الاتحاد الدولي للصحفيين

5عدد المحطات الإذاعية   "موريتانيد توقفت عن البث"

عدد القنوات التلفزيونية5

1200عدد العاملين في الإعلام بين صحفي وفني

204 مؤسسة إعلامية بالبلد

100صحیفة

معترف ب77 منها من طرف هابا 200موقعا إخباریا

28صحیفة ورقیة لھا واجھة الكترونیة

11صحيفة توقفت عن الصدور

7 صحف تحولت الى الكترونية

'48 صحيفة ضعيفة الصدور

5 صحف تصدر يوميا

7 صحف تصدر أسبوعيا

عدد الإعلاميات 300 امرأة

حضور المرأة في الإعلام العمومي 23.8 بالمئة

حضور المرأة في الإعلام العمومي "مراكز القرار" 12.5بالمئة

تسجيل 15 اعتداء على الصحفيين

 

نقص في الحرية الإعلامية

قال المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان إن أكثر من ثلاثة عشر حالة بين إيقاف واستجواب واعتداء على الصحفيين الموريتانيين تم تسجيلها خلال العام المنصرم 2015

وأضاف المرصد في تقريره السنوي 2015 أن هذه الحالات شملت مضايقات واضحة للصحفيين أثناء عملهم من خلال الاعتداء أو الاستجواب في العاصمة نواكشوط وخارجها 

وخلص تقرير المرصد في جانبه المتعلق بحرية الرأي إلي أن الهيئات التي زكت موريتانيا علي الدول العربية في حرية التعبير رغم واقعها السيء في هذه الدول فإن الهيئات ربما لم تتابع تفاصيل الواقع الموريتاني بأدوات الفحص والتدقيق اللازمة .

 

آراء في إصلاح واقع الإعلام بموريتانيا

بالنسبة للسلطة تقول إن الإصلاح يجب أن يكون نايعا من مقترحات وتنظيم النقابات الإعلامية بيد أن خبراء في الإعلام يرون أن تلك النقابات هي بيت الداء ذلك أن غالبيتها الساحقة وغالبية المنتسبين لها هم من يعملون على إفساد المهنة الصحفية وتمييعها لنشوء الجميع في حين غفلة  وغياب اهل المهنة الحقيقيين عن المجالس التنفيذية والمنتسبين للنقابات وهو ما ينعكس جليا على واقع الساحة الإعلامية  حيث أن اكبر البلدان لا توجد به غير نقابة أو اثنتين ونحن لدينا 15 نقابة  واتحادا.

كما أن هجر الإعلاميين الحقيقيين للمهنة فتح باب التسوق والارتزاق بها من طرف كل من هب ودب وجعها "مهن من لا مهنة له " وبلا إنتاج لمضامين مكتوبة أو مرئية أو مسموعة لها قيمة زولا نبرئ الدولة ففي كل دول العالم تقوم الدولة بعملية ضبط مهنة الصحافة من خلال تطبيق القوانين بفعالية وهي مسألة غائبة في موريتانيا حيث لا تقوم "الهابا " بعملية الضبط اللازمة وهي بدورها لا يمثل فيها الصحفيون بما فيهم المهنيون فيها حتى الآن ،ما أن هنالك ثغرات قانونية كبيرة يجب سدها قبل أي محاولة لإصلاح القطاع منها تعريف الصحفي وأنواع الصحافة والبعد عن أحادية المضمون الحالية الذي تهيمن عليه السياسة في كل وسائل الإعلام وإنشاء قانون للإعلان وضمان حقوق الصحفيين من خلال عقود عمل دائمة وتوفير الظروف المرضية لهم ومتابعة دقيقة من طرف هيئت الضبط "لجنة أخلاقيات الصحافة وهابا ووكالة الجمهورية" لكل المضامين الإعلامية وعمل جرد فصلي لما يهم منها وعلق وسد الباب أمام كل وسائل الاعلام ذات المضامين التافهة من مواقع وصحف وإذاعات وقنوات .

بالإضافة لذلك ينبغي فتح قسم أكاديمي للتكوين الحقيقي في الإعلام يؤازره قسم للتكوين المهني يكونان مجهزين بأفضل المصادر البشرية الموريتانية في الإعلام نظريا وتطبيقيا وهي متوفرة لكن غالبيتها للأسف هاجرت بسبب ميوعة الحقل الإعلامي وعدم مردوديته.