الإسلاميون واترارزة.. حضور في القيادة وضعف في الجماهير (تحقيق) -

ثلاثاء, 06/07/2016 - 04:22

بمختلف طبعات الظاهرة الإسلامية في موريتانيا كان حضور أبناء ولاية اترارزة قويا وملحوظا، فهم موجودون بقوة ضمن أبرز قيادات تيار الإخوان المسلمين في موريتانيا، ثم كانوا أيضا بارزين بقوة في التيار السلفي وكذا التبليغي، ولم يخف حضورهم القوي جدا في قيادات القاعدة وفروعها المقاتلة في شمال مالي.   الإخوان المسلمون.. وقد كان حضور القادة التروزيين قويا جدا بداية نشأة التيار الإسلامي منتصف عقد السبعينيات، حيث كان من أبرز الوجوه الترزوية حينها الشيخ الدكتور أبو مية ولد محمد سعيد ولد أبياه أستاذ اللغة والفقه ينتمي إلى مقاطعة واد الناقة وقد تولى إمارة الحركة الإسلامية في موريتانيا في مأمورتين غير متواليتين، قبل أن يخرج من الحركة الإسلامية نهاية الثمانينيات، حيث عمل في الكويت أستاذا ومدرسا لمعارف الشريعة.   التحق أبو ميه ولد ابياه بالحزب الحاكم في موريتانيا، قبل أربع سنوات وفي تلك الفترة ساءت علاقته إلى أقصى درجة مع زملائه السابقين في التيار الإسلامي ممثلين بحزب تواصل، يمثل ولد ابياه أحد أهم المرجعيات العلمية والسياسية والنقابية سابقا للتيار الإسلامي.   ـ  الشيخ محمد الحسن ولد أحمد: من مقاطعة المذرذرة أمير سابق للحركة الإسلامية وموظف حاليا باتحاد العلماء المسلمين في قطر أستاذ أدب وشريعة يعتبر من أكثر القيادات الإسلامية مرونة وقدرة على التأثير في الشباب.    الدكتور محمد الأمين بن الشيخ بن مزيد: أستاذ الحديث وعلومه والشاعر المعروف أحد أمراء الحركة الإسلامية في نهاية عقد الثمانينيات ولا يزال أحد قيادات التيار الإسلامي المحسوب على المعارضة، يمثل الدكتور مزيد أحد الأوجه الأكثر سلفية في التيار الإخواني حاليا، ويعتبر الشيخ مزيد من العلماء المتمرسين في الفقه الإسلامي، كما يمثل أحد الشعراء والمؤلفين المرموقين داخل التيار المذكور.    الدكتور خطري ولد حامد: من مقاطعة المذرذرة أيضا وهو أمير سابق للحركة الإسلامية نهاية عقد التسعينيات وأستاذ فقه وتفسير في المعهد العالي،  يتميز بثقافته العالية وكونه أحد الأطر المفرنسين في التيار الإسلامي.    الحسن ولد مولاي اعل: إعلامي قدير وأستاذ الفقه المقارن بمعهد ابن عباس وأحد أبرز الوجوه الإسلامية سابقا، يمثل أحد الرموز التجديدية للتيار وطالما انتقد الفقه التقليدي وسيطرة ذهنية التقليد على المشهد الفقهي العام.   وقبل هؤلاء أيضا الشيخ محمد المختار كاكيه رئيس الجمعية الثقافية الإسلامية وأحد أبرز الوجوه العلمية والدعوية للتيار الإسلامي في عقد الثمانينيات، ويمثل هؤلاء أبرز قادة الجيل الأول للتيار الإخواني في موريتانيا ويلاحظ تركزهم أساسا على منطقتي المذرذرة وواد الناقة.    وقد كان لمقاطعة اركيز حضور قوي في الجيل الأول للتيار الإسلامي لكن سرعان ما انقطعت الصلة بسبب التمايز الفكري والصدام بين التيار الحداثي الإسلامي والتيار الصوفي، حيث غادر الحركة الإسلامية عدد كبير من القادة والعلماء والشباب الذين ينتمون إلى مقاطعة اركيز وخصوصا حواضر بارينة والنباغية والتحقوا بالطريقة الصوفية التي ينتمون إليها سلفا عن سلف.   وجد الجيل الأول أيضا من قادة اترارزة أنفسهم في صراع جهوي قوي مع نظرائهم من أبناء المناطق الشرقية، حيث ظهرت خلافات قوية بين أبو ميه ولد ابياه ومحمد فاضل ولد محمد الأمين سرعان ما تفاقمت بعد ذلك إلى خلافات جهوية واسعة في مختلف أطر الحركة الإسلامية.   وضمن الأجيال اللاحقة كان لأبناء اترارزة حضور قوي في قيادة التيار الإخواني في موريتانيا ومن أبرز الأسماء حينها حبيب ولد حمديت، بوننه ولد محمد سالم، والمختار ولد محم والشيخ محمد الحسن ولد الددو ومحمد جميل ولد منصور، ومحمد عبده ولد سيديا وغيرهم من القيادات الشبابية التي استطاعت ترميم بناء الحركة الإسلامية وتجاوز أزماتها.   وفي الوقت الحالي يتربع على قيادة حزب تواصل أحد أبناء مقاطعة واد الناقة وهو الأستاذ محمد جميل منصور، وربما يكون ولد منصور وهو آخر من يعلم بانتمائه إلى اترارزة، حيث يمثل نموذجا لأبناء التيار الذي نشؤوا في صفه دون أن يعرفوا أي انتماء قبلي أو فكري خارجه، كما ينشط ضمن قادة الحزب أيضا عدد من رموز اترارزة من أبرزهم حبيب ولد حمديت، أحمدو ولد الوديعة، أوفى ولد السعد وغيرهم.   ويلاحظ ضعف الحضور الجماهيري لحزب تواصل وتياره الإخواني في الترارزة حيث تجلى ذلك الضعف في:   ـ محدودية الانتشار السياسي فباستثناء بلدية آجوير في مقاطعة بوتلميت وبلدية واد الناكه لم يحصل على تواصل على أي بلدية في عموم الولاية، وقد كانت الأبعاد القبلية حاضرة بقوة في ترشيح العمدة الحالي للبلدية محمد ولد عبد الجليل.   ـ ضعف الأداء الدعوي في اترارزة أيضا: فرغم وجود شخصيات علمية كبيرة تنتمي إلى التيار الإخواني وإلى مقاطعة اترارزة، فإن العملية الدعوية في الولاية لا تزال ضعيفة مقارنة بحجم الحضور النوعي للشخصيات العلمية والدعوية.   السلفيون في اترارزة.. مثلت مقاطعة بوتلميت أهم محطة للتيار السلفي في موريتانيا، قبل أن تلتحق بها أيضا مقاطعة اركيز التي استقطب الفكر السلفي عددا كبيرا من أبنائها، ومن أبرز الرموز السلفية في اترارزة:    ـ الشيخ محمد سيديا ولد اجدود النووي: عالم ومحدث ووجه سلفي مشهور وأحد أهم مصادر العلم وبوابات التمويل للتيار السلفي حاليا.   ـ  الشيخ عبد الله ولد أمينو: ينتمي إلى مقاطعة بتلميت أيضا، وهو قيادي سابق بالتيار الإخواني وأحد أهم الرموز العلمية حاليا في التيار السلفي.   الشيخ محفوظ ولد الوالد: من مقاطعة اركيز، مفتي القاعدة سابقا وأحد أهم الشخصيات العلمية في التيار السلفي، يعيش الآن حالة ربيع مع السلطة بعد خروجه من السجن، ويمكن القول إنه يمثل أحد المستشارين الأمنيين للسلطة حاليا.   ـ الشيخ أحمد مزيد بن عبد الحق: عالم محدث وأصولي وخبير معلوماتية، ينتمي إلى مقاطعة اركيز.   ـ محمد محفوظ ولد إدوم: أستاذ لغة وشريعة ومقرئ متميز، رئيس مشروع حزب الأصالة والتجديد السلفي ينتمي إلى مقاطعة المذرذرة، وهو قيادي سابق أيضا في التيار الإخواني.   ـ سيدي ولد آمه: من مقاطعة بتلميت، مهندس وأستاذ للكهرباء في الثانوية الفنية في موريتانيا، وهو الأمين العام لجمعية البر التابعة للتيار السلفي.   ـ إبراهيم ولد يوسف ولد الشيخ سيديا: عالم ولغوي ينتمي إلى مقاطعة، بتلميت ومن أبرز الوجوه العلمية للسلفية حاليا في موريتانيا.   ويتمتع السلفيون في موريتانيا بانتشار قوي في مدينة بتلميت وضواحيها، ولا يزال حضورهم الجماهيري ضعيفا، وذلك بفعل تصادمهم مع الرموز والمشايخ الصوفية وبفعل المضايقة الأمنية التي جعلت الكثير ينفرون منهم خوفا من المتابعات الأمنية.   تنظيم  القاعدة.. مثل التروزيون أيضا فريقا مهما داخل القاعدة وتنظيماتها المحلية والإقليمية، ومن أهم هؤلاء:   ـ حماده ولد أحمدو خير: الذي يعتبر من أشرس قادة القاعدة، وينتمي هذا الرجل إلى مقاطعة واد الناقة.   ـ محمد الأمين ولد الحسن: فتى خلوق وذكي وله باع في علوم اللغة العربية والعلوم الشرعية، ينتمي إلى قرية لفريوة، وقد شغل منصب مفتي القاعدة في شمال مالي، وقد توفي في غارة للجيش الفرنسي على شمال مالي.   ـ أحمد ولد مقام: من مقاطعة بتلميت، وقد قتل هو الآخر في مواجهات مع الجيش التونسي.   ـ موسى ولد انديه: من مقاطعة بتلميت، وقد قتل هو الآخر في مواجهات مع الجيش الموريتاني في نواكشوط.   ـ  كما استطاع أحد أبناء مقاطعة واد الناقة الوصول إلى منصب مفتي تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي قبل أن يتم اعتقاله بعد ذلك من قبل الجيش الجزائري.   ويعزو مراقبون تزايد القيادات التروزية داخل خارطة الإسلاميين إلى، القدرات العلمية والإدارية لتلك القيادات، وهو ما أهلها لأدوار سياسية وعلمية كبيرة.   أما الضعف الجماهيري فيعود إلى الخصوصيات الثقافية والاجتماعية في اترارزة التي تجعل اختراق نسيجها الثقافي والفكري صعبا للغاية، كما أن أغلب تلك الرموز كانت من سكان نواكشوط وكانت علاقتها المباشرة بجماهيرها ضعيفة جدا، إضافة إلى أن أغلب تلك القيادات لا تلبي حاجة علمية لدى أغلب سكان اترارزة الذين يعتمدون على مراجعهم العلمية ومحاظرهم العتيقة، ينضاف إلى ذلك عامل آخر وهو الفقر المالي الذي ميز القيادات التروزية، حيث قعدت بهم قدراتهم الاقتصادية عن صناعة أنصار وحضور قوي في الولاية.   ولا يبعد عن التحليل المنطقي القول إن حضور القيادات التروزية في التيار الإسلامي سيظل قويا ومتزايدا، لكن انزياحهم عن الواجهة السياسية من حزب تواصل بات مسألة وقت لا أكثر، وذلك بعد انتهاء المأمورية الثانية لرئيسه محمد جميل منصور، حيث من المنتظر أن يتولى قيادة الحزب شخصية جديدة تنتمي إلى الشرق أو الشمال. 

المصدر