موريتانيا: ندماء صاحبة الجلالة بين قدسية المهنة وهشاشة الظروف

سبت, 08/27/2016 - 11:21

بعد تحرير الفضاء السمعي البصري بموجب قانون يوليو 2010 و اطلاق أول باقة من القنوات التلفزيونية والإذاعية الحرة في موريتانيا في مطلع العام 2012 شهد الحقل الصحفي الموريتاني  اتساعا  ساهم فيه واقع البطالة الذي يعاني منه البلد.

 حيث مثل في مرحلة تشكله وجهة لحاملي الشهائد من التخصصات الأدبية بالإضافة الى الهواة  من عشاق المهنة الصحفية.   ونظرا لبداية التشكل وغياب مؤسسات حقيقية قادرة على استيعاب الراغبين في الالتحاق بالحقل الصحفي وتوفير ما يحتاجه هؤلاء من تكوين مهني  إضافة إلى غياب استراتيجية واضحة من طرف السلطة في هذا المجال  سيطرت فوضوية الاكتتاب والتشغيل على الطابع العام لعمال الاعلام المستقل.  و نتج عن ذلك تحرك الساحة الصحفية مرارا نتيجة لأحداث مختلفة من فصل للصحفيين في أول حراك نقابي حقوقي في اذاعة موريتانيد في العام 2012  تمردا على وضعية الاستغلال  حيث طالب العاملون في قطاع الاعلام بتحسين وضعياتهم القانونية الهشة وبتمكينهم من تطوير ادائهم عبر المشاركة في دورات تكوينية. يرى أحمد ولد محمد المصطفى الصحفي بوكالة الأخبار المستقلة (ان ابرز العوائق التي تواجه الصحفيين الشبان  هي تعمد الدولة تمييع الحقل الصحفي من خلال فتح الباب أمام الدخلاء عن المهنة حتى و لو كانوا غير مؤهلين لذلك.)  و يضيف  ولد محمد المصطفى (إنه على  الرغم من وجود  قوانين صريحة في هذا المجال فانه للأسف يتم تجاهلها و خرقها عبر تسليم تراخيص مؤسسات إعلامية لأشخاص غير مؤهلين للعمل في هذا القطاع) و يقول محدثنا  (عشرات من الاعلاميين الشبان يعملون اليوم دون عقود، ودون دوام محدد و لا راتب قار، وإنما حسب مزاج المالك  وتتغاضى السلطات بمختلف مستوياتها من السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية إلى وزارة الاتصال إلى الهيئات النقابية الصحفية عن هذا الأمر  ) من جانبه يحدثنا أحمد بداها الصحفي في التلفزيون الموريتاني  عن تجربته فيقول (ان العوائق عديدة منها ما يتعلق  بممارسة المهنة ومنها ما يتعلق بظروف العمل وعلاقة الصحفي بالمؤسسة المشغلة)  حيث يعتبر بداها ان قانون الصحافة لم يكفل للصحفي حق الحصول على المعلومة بالرغم من كونه حق ضروري وشرط أساسي للقيام بعمله على أحسن وجه. من جهتها تقول نبغوها بنت زيدان الصحفية في اذاعة صحراء ميديا ( كصحفية موريتانية، أبرز العوائق التي واجهتني خلال تجربتي هي أساسا  ضعف الخبرة و عدم توفر فرص التكوين التي عادة ما يستفيد منها بعض الاشخاص المعينين عن طريق علاقات شخصية تطبعها الزبونية) و تضيف نبغوها (أيضا هناك مشكل آخر نابع من خلل بنيوي في سياسات وإدارات المؤسسات الإعلامية هنا، وينعكس دائما على ظروف عمل الصحفي الموريتاني كنقص المعدات اللوجستية . فأنا مثلا كمقررة ميادين، غالبا تقلني سيارة تحوي ثلاثة مقررين معي، ليستغرق تصوير تقريري أربع ساعات هذا طبعا بالإضافة إلى تدني الاجور التي لا تصل في الغالب إلى ثلاث مائة دولار، والغياب التام لعقود عمل) أما على الصعيد الرسمي فقد  أكد رئيس السلطة العليا للسمعيات البصرية حمود ولد محمد أن هذا الهيكل ليس له أي سلطة على المؤسسات في علاقتهم مع عمالهم فهو فقط يقدم  التوصيات ويطالب وسائل الاعلام  بابرام عقود عمل مع موظفيهم. ويوضح مصدرنا ( إن السلطة العليا للسمعيات البصرية لا يخولها القانون  معاقبة أي مؤسسة لاتلتزم  بتصحيح وضعية عمالها فهذا من مشمولات   محكمة الشغل)  ودعا حمود، في هذا الصدد، الصحفيين الشبان إلى التوقف عن التظاهر أمام الهابا للمطالبة بالعقود والتوجه الى القضاء. بالمقابل يرى عيسى ولد اليدالي المستشار بوزارة الاتصال وعضو صندوق دعم الصحافة المستقلة أن الدولة وضعت شروطا ملزمة لأصحاب المؤسسات لتفرض احترام الصحفيين وتضمن حقوقهم واعتبرت ابرام عقود عمل قانونية شرطا أساسيا لاستفادة المؤسسة من صندوق الدعم.  وأكد  عيسى أن اللجنة حريصة على استيفاء المؤسسة لهذا الشرط. من ناحيته اعتبر زايد ولد محمد صاحب أشهر برنامج ساخر في اذاعة صحراء ميديا "صحراء توك" والذي أصدرت الهابا مؤخر قرارا يقضي بتوقيف برنامجه لمدة شهر عقابا له على ما اعتبرته تجاوزات لفظية وجهها لبعض المسؤولين في الدولة أن أصعب ما يواجهه هو إحساسه بأن حريته مقيدة بخطوط حمراء وهمية تضعها، حسب رأيه، الهابا وتستخدمها بطريقة مزاجية.   أصوات الكثبان