تلك أرواح ابَّاه... (تدوينة)/ الكاتب أحمدو بزيد

أحد, 11/20/2016 - 00:35

كنت وقفت على مخطوط حوى كلاما للشيخ أحمدو بمبا - رحمه الله - قال فيه: إن أولاد ديمان قد فازوا بالحلم، وفازت القبيلة الفلانية بالعلم، وفازت العلانية بالكرم، وفاز إدَوَعْلِ بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم....
لعمر الله إن الْـمَرْغَايَةَ التي حط الشيخ أحمد بمبا لإدوعلِ أكبر من غيرها... فأي منزلة تعلو مرتبة محبة الحبيب صلى الله عليه وسلم؟

أما وقد لقحت حرب النصرة عن حيال! فلا تعجبوا - يا رعاكم الله - أن يكون "أهَلْ هَكْ" في طلائع المناصرين، الذابين عن ذلك الحمى، كيف لا؟ وعيونهم تذري فضض الجمان غراما من تذكر:
مــغان بالــعقيق إلى المنقى --- إلى أحد تذكرها شــــجانى
ومن تــــــــذكار منزلة بسلع --- إلى الجما تعاني ما تعاني

فإليَّ إن كنتم تريدون شرحهم، ولا يحدثكم مثل خبير: أولئك الناس صناعة رجل حاز رهان السبق على أضرابه من العلماء بكثير صلاة وصيام وشيء وقر في صدره.

حدثني الشيخ عبد الله ولد باباه - رحمه الله - قال وفد العلامة محمد ولد حمينَّه على الشيخ عبد الله ولد داداه - رحمهما الله - فاحتفى به الشيخ وارتاح له أكثر من الذي عهدته يحصل له مع غيره، فسألته عن الدافع، فقال: إن محمد ولد حمينَّه ليس كالعلماء فهو عالم مبلول، فقلت له: وهل يوجد علماء يُبَّسٌ؟ قال نعم.

إن العلماء موطن الفضل لمزية العلم، وقد رفع الله الذين أوتوا العلم درجات، وحصول رفيع الدرجة السابقة للمرفوع في أزل العلم تكون بالكائن من غلبة محبته صلى الله عليه وسلم على غيرها من درجات الفضل!
ومبتدأ التفاوت من تلك النقطة، وثم تكون إفاضة الاجتباء والقبول والتكريم وعدِّدْ ما شئت من ذلك القبيل...

إن القيم المضافة لأفضلية العالم، ودالة امتيازه عن غيره لاتكون إلا بالتعلق المحيل إلى التخلق المفضي إلى التحقق بالفناء في الذات المحمدية المغيب عن الأغيار، فلا شيء سواه!!

ولمن سرحت شغاف قلبه في مراتع ذلك المقام يكون له الإذن في التعبير لتفهم في آذان الخلق عباراته.
لقد أيقنت ذلك وأنا أستمع إلى كلام للشيخ ابَّاه ولد عبد الله - حفظه الله - حول حكم السابِّ، فقلت في نفسي ترجمانا لأنسي ما قال العز ابن عبد السلام عندما سمع أبا العباس المرسي يدرس فصلا من الرسالة القشيرية، حيث قال: "هذا كلام حديث عهد بربه"
ولعذوبة ذلك الحديث مناطات بمصادر قلبٍ، عن ذكرها بمضمر أستغني، ولقد صدق الشيخ أحمدو ولد آلَّـا - رحمه الله - ليلة خاطب ابّاه:
كرر على نازح شط المزار به --- حديثك العذب لا شطت بك الدار
وللقوم غناء بالإشارة عن بيِّن العبارة، حذر البوح في غير مقامه، وانزياحا عن وارد الإظهار لمضمرات ما ليس للنشر، ففي قلوب المحبين أشياء لا تزايل طي الصيانة:
وفي طيبة ما لا أقول فطيبة --- بها نبأ للسائلين عــظيم
نظل بها نرعى بروضة جـنة --- تلوح عليها نضرة ونعيم

إن التفاوت بين الأشياء دائم ما تعاقب الليل والنهار، فللأشياخ مريدون، وللعلماء تلامذة، وللأحزاب منتمون... وكل حزب بما لديهم فرحون.... والتفاوت اليوم واقع حيث كانت الوفرة في جموع النصرة، والفرقان بين الناس: الانحياز إلى أي الصفين!!

قبل سنوات كنت في قاعة كاتب الوزير غازي القصيبي - رحمه الله - انتظار لقائه، وإذا بصحيفة ملقاة على الطاولة فاستعنت على الوقت بتصفحها، وعلى إحدى صفحاتها ركن خاص بتفسير الأحلام، ويبدو أن المعبر للمرائي أحد علية قوم نَجدٍ، فسأله سائل عن تعبير رؤيا رآها بالحبيب صلى الله عليه وسلم، وقص عليه مجرياتها، فرد عليه أن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم ينبغي أن تكون كذا وكذا... وأن يكون حال الرائي كذا وكذا... وكان أقرب - في جوابه - إلى تفنيد الرؤيا من تعبيرها!!
والغريب أن الرؤيا الموالية للسابقة رؤيا لأحدهم قال: إنه رأى الشيخ بن باز في المنام، فأجابه المفسر مباشرة بأنها رؤيا خير وسيكون من أهل العلم والورع وحفظ الحديث!!!!

سبحان الله!!! تذكرت هذا بأسباب واردات الظرف، فكلما أوقد التفكر نارا للتعجب من تفاوت الميول والفهوم أطفأها تدبري لقوله تعالى: "وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون"

من الكتب التي لا أملها كتاب المواقف الروحية والفيوضات السبوحية للعارف الأمير عبد القادر الجزائري - رحمه الله - وفي ثنايا الكتاب كثير مما لا يحسن نشره على مثل الفيسبوك!

ولك - يا أعانك الله - العجب! فذلك الأمير عبد القارد الجزائري وهذا ابّاه ولد عبد الله.... وفي طرف مواز نمط آخر من الناس وكل هذا من خلق الله!!!

 

من صفحة الكاتب أحمدو بزيد ،على الفيسبوك