في أول ظهور إعلامي له منذ اختياره رئيسا لحزب التجمع من أجل موريتانيا (تمام)، أجرت وكالة مداد الإخبارية مساء السبت 8/8/2015 مقابلة هي الأولى من نوعها التي يجريها رئيس الحزب السيد يوسف ولد حرمة ولد بابانا مع وسيلة إعلامية منذ اختياره رئيسا للحزب يونيو الماضي بعد اعتزال رئيس الحزب السابق و مؤسسه الدكتور الشيخ المختار ولد حرمه بابانا للحياة السياسية.
و قد تطرق الرئيس خلال هذه المقابلة لمواضيع مختلفة أبرزها موقف الحزب الداعم لبرنامج الرئيس محمد ولد عبد العزيز في وقت سابق، و موقفه من “الحوار المتعثر” ورؤية الحزب حول القضايا الوطنية الكبرى كالوحدة الوطنية و الرق و الفساد، و رؤيته كذلك للسياسة الخارجية للبلاد و موقفه من قضية الصحراء.
و قال رئيس حزب تمام السيد يوسف ولد حرمه بابانا أن البلاد مقبلة على تغييرات حتمية في العام 2019، و يضيف: نحن أمام سيناريوهين محتملين إما بقاء الرئيس في السلطة و إما مغادرته لها، و في كلتا الحالتين نحن أمام مسؤولية تاريخية إزاء هذا الحدث الهام، مضيفا: ومن هنا يجب على النخبة السياسية و قادة الرأي أن يجلسوا على طاولة التشاور حول السيناريوهات المحتملة.
و في ما يلي نص المقابية كاملة :
وكالة مداد الإخبارية: السيد الرئيس هل من كلمة مختصرة تودون تقديمها عن الحزب نشأته؟ أهدافه؟
الرئيس يوسف ولد حرمه بابانا: حزب التجمع من أجل موريتانيا “تمام” حزب وطني يضم خليطا متجانسا من مختلف الأعراق يجمعهم حب موريتانيا و الحفاظ على الوحدة الوطنية التي هي صمام أمان موريتانيا.
وكالة مداد الإخبارية: مؤخرا أعلن وبشكل مفاجئ اعتزال مؤسس الحزب الدكتور الشيخ المختار ولد حرمه بابانا للعمل السياسي، ما هي أسباب و دوافع هذا الاعتزال؟
الرئيس يوسف ولد حرمه بابانا: في الحقيقة اعتزال الرئيس الدكتور الشيخ المختار ولد حرمه بابانا للحياة السياسية شكل خسارة كبيرة لهذه الأخيرة، وكيف لا وقد عايش الرجل مراحل صعبة من مراحل تطور الدولة وكان فاعلا فيها و أهمها فترة الرئيس السابق ولد الطايع الذي عارضه بشراسة .
و قد عقد الرئيس الشيخ المختار ولد حرمه بابانا مؤتمرا صحفيا بعيد قراره الاعتزال شرح فيه حيثيات القرار و أسبابه ودوافعه و التي أشار فيها إلى أنه “قرر التفرغ لإصلاح نفسه و خدمة مجتمعه و عمله في المجال الصحي”، مضيفا في بيان اعتزاله أن قراره جاء بعد أن اتضح له “أن الموالاة عجزت عن التغيير من الداخل، و أن المعارضة عجزت عن إبدال قطيعتها التامة للنخبة العمودية التي بيدها التغيير، بانتشار أفقي يمكن من خلق رأي عام قادر على تجاوز الولاء الغرانيتي”.
كما أكد على أن قراره جاء ليفتح الباب أمام الشباب لقيادة الحزب.
وكالة مداد الإخبارية: كيف استقبلتم تسميتكم رئيسا مؤقتا للحزب؟ و هل كان ذلك بترتيب مسبق مع رئيس ومؤسس الحزب المنصرف؟
الرئيس يوسف ولد حرمه بابانا: لقد تفاجئت كغيري من الموريتانيين بقرار الرئيس الدكتور الشيخ المختار ولد حرمه بابانا اعتزاله للحياة السياسية، لقد حدث ذلك و أنا خارج البلاد و أبلغت بالقرار و تم استدعائي فورا حيث قرر المكتب التنفيذي تسميتي رئيسا مؤقتا للحزب إلى حين انعقاد مؤتمر الحزب القادم.
إذن من خلال ما تقدم أعتقد أنني أجبتكم على الشق الثاني من السؤال وهو عدم وجود ترتيب مسبق لتسلمي هذا التكليف.
أعتقد أن محاولة البعض تفسير هذا التكليف باعتباري تربطني صلة قرابة بالرئيس السابق هو نوع من التشهير لا أقل و لا أكثر، فأنا عضو مؤسس في حزب تمام و ناضلت في صفوفه وتدرجت في هيئاته، مع العلم أن حالات أكثر إثارة حدثت هنا و في بعض الدول العريقة في الديمقراطية فهذه مارين لوبان كريمة الزعيم التاريخي لليمين المتطرف تتسلم رئاسة الحزب من والدها، لدينا حالات مشابهة أيضا هنا في موريتانيا.
اسمحوا لي أن أؤكد لكم أن رئاسة الحزب بالنسبة لي تكليفا أكثر من أي شيء آخر، وهي مهمة صعبة أتمنى أن أوفق فيها، خاصة أننا على أعتاب مرحلة حاسمة من تاريخنا، فالكل يترقب ما ستؤول إليه الأمور في نهاية مأمورية الرئيس الثانية.
فنحن أمام خيارين اثنين، أولهما بقاء الرئيس في السلطة، وثانيهما مغادرته لها، وفي كلتا الحالتين نحن أمام حدث كبير يتطلب منا كنخبة سياسية أن نستعد و نجلس على طاولة واحدة للتشاور من الآن حول السيناريوهات المحتملة.
لذا فإن من ضمن أولويات عملنا التحضير السياسي لتلك التحديات.
وكالة مداد الإخبارية: في السابع من أغسطس 2008 أعلن الحزب في بيان له تأييده لانقلاب السادس من أغسطس الذي قاده الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز أي بعد 24 ساعة من تنفيذه، و استفاد على إثره الحزب من حقيبة وزارية تولاها رئيسه، ما الذي جعل الحزب يدعم الانقلاب أنذاك، وهل انتهى الدعم مع فقدان المنصب و الحظوة؟
الرئيس يوسف ولد حرمه بابانا: القرار الذي اتخذه الحزب غداة تغيير السادس من أغسطس 2008 و القاضي بدعم حركة التصحيح، جاء نتيجة رفضنا للوضع الكارثي الذي كانت تتخبط فيه البلاد و الشلل الذي أصاب المؤسسات الدستورية، ولم يكن حزب تمام الحزب الوحيد الذي ساند حركة التصحيح تلك.
إذن لم يأت قرار الحزب نتيجة صفقة مع النظام بل جاء استجابة لتطلعات مناصريه، و الحديث عن امتيازات حصل عليها الحزب في تلك الفترة هو أمر مثير للاستغراب، حيث تم حينها تعيين الدكتور الشيخ المختار ولد حرمه بابانا مستشارا برئاسة الجمهورية وهو منصب يستحقه الرئيس باعتباره شخصية وطنية تمتلك التجربة و لديها مؤهلات أكاديمية و كفاءة يمكن الاستفادة منها.
أما مشاركة الحزب في الحكومة فجاء بعد الانتخابات الرئاسية 2009، حين قرر الحزب القيام بحملة موازية للحملة الوطنية للمرشح محمد ولد عبد العزيز في رئاسيات 2009، و بعد إعلان النتائج و فوز المرشح محمد ولد عبد العزيز في الانتخابات الرئاسية شارك الحزب ممثلا في رئيسه في التشكيلة الحكومة على غرار بقية أحزاب الأغلبية.
وكالة مداد الإخبارية: من المعروف عن رئيس الحزب الحالي شخصكم الموقر علاقاتكم القوية برئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، كيف ستوفقون بين تلك العلاقة و خط الحزب الذي ترأسونه و المعارض لنظام الرئيس؟
الرئيس يوسف ولد حرمه بابانا: بداية سأصحح لكم معلومة و هي أن الحزب الآن بصدد ترتيب بيته الداخلي و الحديث عن خطه السياسي مسألة سابقة لأوانها، فتوجهات الحزب تعلنها القيادة الجديدة التي ستنبثق عن المؤتمر العام الذي نحن بصدد التحضير له.
و علاقتنا برئيس الجمهورية هي علاقة أي مواطن برئيسه مبنية على الاحترام و التقدير لفخامته كرئيس انتخبه الشعب الموريتاني و نحن نحترم هذا الخيار.
وكالة مداد الإخبارية: السيد الرئيس هل نقرأ من تغيير قيادة الحزب عن قرار مرتقب للحزب حول خطه السياسي و تموقعه؟
الرئيس يوسف ولد حرمه بابانا: أعتقد أن التغييرات التي عرفها الحزب ظاهرة صحية و ديمقراطية و قد أشاد بها الجميع وقد قدمت درسا للقوى السياسية بانتهاج الديمقراطية داخل أحزابها، و حددت كذلك مفهوما متقدما للتقاعد السياسي و فتحت المجال أمام طاقات الحزب الشابة.
بطبيعة الحال و كما أسلفت فإن الحزب مقبل على عقد مؤتمره في القريب العاجل سيحدد فيه السياسة العامة للحزب.
وكالة مداد الإخبارية: ما هي رؤيتكم للحوار وما هو السبب الرئيس من وجهة نظركم الذي يعرقل تقدمه؟
الرئيس يوسف ولد حرمه بابانا: بالنسبة لنا في حزب تمام كمراقبين لمسار الحوار، نجد أن هذا الأخير يعاني من مشكلة رئيسية جعلته يتعثر ألا وهي “بناء الثقة بين الجانبين” و الأحداث تؤكد ذلك.
و أنتهز هذه الفرصة لأناشد ا أطراف الحوار لتجاوز الخلاف و العودة سريعا إلى طاولة واحدة لمصلحة الوطن.
كما أؤكد على ضرورة المضي قدما في هذا الحوار و أن يكون شاملا وممثلا لكل مكونات الطيف السياسي لنخرج بنتائج إيجابية تساعدنا على تعزيز ديمقراطيتنا.
ومن هنا أناشد الحكومة على تقديم تنازلات وحسن نوايا تجاه العملية و ذلك من خلال:
فتح وسائل الإعلام العمومية أمام الجميع.
إشراك المعارضة في تسيير كل من اللجنة المستقلة للانتخابات و المجلس الدستوري وكل الهيئات ذات الصلة بالعملية السياسية.
وكالة مداد الإخبارية: ما هو موقف الحزب من قضية الصحراء الغربية؟
الرئيس يوسف ولد حرمه بابانا: موقفنا من قضية الصحراء الغربية هو الموقف الرسمي للجمهورية الإسلامية الموريتانية ، ونطالب بإيجاد حل لهذا النزاع الذي طال أمده.
وكالة مداد الإخبارية: ما تقييمكم للسياسة الخارجية للبلد في الوقت الحالي؟
الرئيس يوسف ولد حرمه بابانا: لا شك أن السياسة الخارجية للبلاد قد عرفت ألقها أثناء تولي رئيس الجمهورية رئاسة الاتحاد الإفريقي، حيث سجلت الدبلوماسية الموريتانية نجاحا كبيرا بعد أن لعبت البلاد دورا مهما في محيطها الإقليمي و الدولي.
و تعيش الدبلوماسية الموريتانية ركودا منذ انتهاء مأمورية موريتانيا للاتحاد الإفريقي.
وكالة مداد الإخبارية: ما هو موقف الحزب من القضايا التالية: الوحدة الوطنية؟ الرق؟ الفساد؟
الرئيس يوسف ولد حرمه بابانا: موقف الحزب من هذه القضايا معروف وهو أننا ضد دعوات تقسيم موريتانيا ودعوات التفرقة و التمييز العنصريين في الوقت الذي نؤمن بموريتانيا موحدة موريتانيا لكل الموريتانيين بجميع فئاتها.
فيما يخص مسألة الرق فإننا نسجل بارتياح سن البرلمان الموريتاني لقانون تجريم الرق و نعتبره إنجازا كبيرا، ونطالب بضرورة تحرك الدولة للقضاء على مخلفات هذه الظاهرة المقيتة وفي هذا الإطار نرفض أي محاولة لتدويل الملف و في نفس الوقت نتمنى عقد أيام تشاورية حول مخلفات الرق و الخروج بنتائج إيجابية في هذا الصدد.
و في موضوع الفساد نطالب أولا بتحديد مفهومه، كما نطالب بتفعيل هيئات الرقابة الإدارية و المالية، وتطعيمها بشخصيات مهنية ذات كفاءة.
و في هذا الإطار نرجوا إعادة النظر في رواتب و علاوات موظفي الدولة خاصة منهم من يتولى التسيير ووضعهم في الظروف المادية الملائمة، كتحفيز لهم على مكافحة الفساد.
وكالة مداد الإخبارية: السيد الرئيس هل من كلمة أخيرة تودون توجيهها للمواطن الموريتاني:
الرئيس يوسف ولد حرمه بابانا: أنتهز هذه الفرصة لأتوجه إلى الشعب الموريتاني بضرورة تغليب المصلحة العامة للبلاد و الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يعيق تطور البلاد وديمومتها، و أن يتجاوزوا مشاكلهم في سبيل بناء الدولة و النهوض بها.
كما أناشد السياسيين بالابتعاد عن كل خطاب يزعزع أمن البلاد و يحمل شحنات التحريض و الفئوية و العنصرية.
و أطالب الشباب بالانخراط في عملية البناء بثقة عالية، و أن يستعد لتحمل مسؤولياته تجاه الوطن، في ظل الدعوات المطالبة بتجديد الطبقة السياسية.
و أدعو الشعب الموريتاني رجالا و نساء شيوخا و شبابا إلى الانضمام لحزب التجمع من أجل موريتانيا “تمام” و الباب مفتوح أمام الجميع.
و في الختام أتمنى للشعب الموريتاني الرخاء و السعادة و الرقي.
أجرى المقابلة: المدير الناشر في وكالة مداد الإخبارية
هاشم ولد جعفر ولد مولاي المصطفى