انتقد سياسيون موريتانيون كبار من طيفي معارضة الوسط ومعارضة الجد أمس «هشاشة معارضي نظام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، مؤكدين «أن تشرذم المعارضة وعدم اتفاق كلمتها هو الذي جعل الوضع السياسي في موريتانيا متأزما باستمرار، وهو الذي جعل التجربة الديمقراطية الموريتانية غير مكتملة».
أكد على ذلك كل من الوزير السابق محمد فال ولد بلال وعبدالسلام ولد حرمة، رئيس حزب الصواب، وبلال ولد ورزك، نائب رئيس حزب التكتل، خلال ندوة سياسية نظمتها أمس في نواكشوط مؤسسة المعارضة تحت عنوان «السلطة والمعارضة في دولة القانون».
ودعا المتحدثون «المعارضة الموريتانية إلى توحيد الرؤى وتغليب المصلحة العامة».
وأكد محمد فال ولد بلال الوزير السابق والقيادي في منتدى معارضة الجد «أنه يريد أن يتكلم عن المعارضة في الدولة غير الديمقراطية حتي يكون الشباب على وعي بالموضوع من باب أعرف الشر مخافة أن تقع فيه».
وأكد ولد بلال «أن القمع والقبض بيد من حديد لا يوفر الأمن ولا البقاء في السطلة وإلا لكنت أنا، يقول بلال، ما زلت وزيرا للخارجية».
وأكد وزير الخارجية الأسبق «أن المعارضة الموريتانية بحاجة إلى التوافق والوقوف صفا واحدا»، مبرزا «أن التشرذم لا يفيد أبدا خاصة في معارضة لا يعترف بعضها بالبعض الآخر».
وأوضح السفير بلال ولد ورزك نائب رئيس حزب التكتل المعارض في مداخلته «أن مشكلة المعارضة الآن هي التفكك والتشرذم والانقسام الكبير الذي تشهده والذي يتجلى في كل وقت ولأبسط الأسباب».
وقال «إن خلاف المعارضة فوت لها فرصة تاريخية خلال الفترة الانتقالية ما بين 2005 إلى 2007 ، حيث كان بإمكانها استثمار تلك الفرصة في مواجهة المخاطر التي أثرت على الديمقراطية وشوشت عليها».
وفي مداخلة أخرى قال عبدالسلام ولد حرمة رئيس حزب الصواب (البعث الموريتاني) «إن موريتانيا ليست دولة قانون»، مبرزا «أن وضعية المعارضة هشة وتتجه إلى الانهيار».
ودعا ولد حرمة رئيس حزب الصواب «لتوفير آلية فعالة لنقد ممارسات السلطة والربط بين النزول للشارع وأزمات المواطن» .
وفيما عبر هؤلاء القياديون عن هذه المواقف يواصل قادة معاهدة التناوب المقربة من النظام والتي تضم أطرافا لها صلة بالمعارضة المتشددة، جهودهم ووساطتهم السرية لإخراج الحوار السياسي من غرفة الإنعاش التي أدخلته فيها مواقف الأغلبية الساعية لترتيب حوار بمفردها وعلى مقاسها ومنتدى المعارضة الرافض لذلك.
وفي إطار هذه الوساطة استقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز كلا من بيجل ولد هميد وعبدالسلام ولد حرمة ومسعود ولد بلخير وهم قادة أحزاب معاهدة التناوب.
ويسعى قادة المعاهدة لإقناع الرئيس بتأجيل الحوار الذي قررت السلطات، إجراءه بمن استجاب، يوم السابع من أيلول/سبتمبر المقبل.
وقد غيب النظام الحاكم مؤسسة المعارضة عن التمهيد للحوار مع أنها الجهاز الرسمي الأنسب لتنسيق تحضيره، وهو ما اعتبر البعض أن سببه تولي أحد نشطاء حزب التجمع ذي المرجعية الإسلامية المعارض قيادة هذه الهيئة، ولأن هذه الهيئة منتخبة على أساس نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي قاطعتها معارضة الجد.
وفي هذه الأثناء انتقد كتاب كبار في مقالات سياسية فشل النظام والمعارضة في إطلاق حوار حقيقي يحل الأزمة السياسية القائمة.
وتحت عنوان « موريتانيا بلاد ديمقراطية، بلا ديمقراطيين» كتب السفير مختار ولد داهي
«أن الديمقراطية الموريتانية من الناحية النظرية والشكلية طبيعية وزاهية فإنما من الناحية العملية يَشِينُهَ ما نُلاحظه أيامنا هذه من أوبة قاموس «بروباغاندا» الحرب السياسية الساخنة المتميزة بعدم الثقة والعنف اللفظي والقطيعة بين الشركاء السياسيين الطبيعيين وغير ذلك مما ليس من علامات صحة العملية الديمقراطية».
وأبرز «أن ما سبق ذكره ينضاف له «المسار العقباتي» الذي يتخبط فيه الحوار السياسي بين الموالاة والمعارضة والذي يتحدث اليوم بعض المراقبين عن «موته» وإن كل الموريتانيين لفراقه لمحزونون، كما يتحدث أخرون أقل تشاؤما عن توقع خضوعه لتدخل «الأمل الجراحي الأخير» لإنقاذ حياته من طرف بعض «كبار الجراحين» من قطب المعاهدة الوطنية للتناوب الديمقراطي».
« إن الحالة الديمقراطية الموريتانية، يتابع الكاتب، المتميزة بعمق التجربة ووفرة المؤسسات وغنى وتنوع الترسانة القانونية من جهة والاستقطاب السياسي الحاد الواصل حد التقاطع والتدابر بين الموالاة و المنتدي الوطني للديمقراطية والوحدة من جهة أخرى يجعلنا نتساءل هل موريتانيا بلاد الديمقراطية بلا ديمقراطيين؟ بصياغة أخرى هل هزلت النخب الديمقراطية الوطنية من كلا القطبين واستقالت حتى علا صوت طابور «الخائفين من الحوار» من قطبي الموالاة والمنتدي ونجحوا في وضع العصي في دواليبه والرجوع إلى قاموس الحرب السياسية الساخنة؟».
وأضاف الكاتب «أن موريتانيا بلاد ديمقراطية تمرنت علي الممارسات الديمقراطية وتمتلك دستورا من أرقى وأنسب دساتير المنطقة ومؤسسات دستورية قابلة للاضطلاع بمهامها، ومكمن النقص في تقديري هو في استقالة النخب الديمقراطية الفكرية والمدنية المستقلة والراشدة عن دور التوجيه والترشيد، حتى كاد التجاذب السياسي ينحرف عن ضوابط المصلحة والمستقبل الوطني؛ وما جانب الصواب بعيدا، يقول الكاتب، من جهر بصوته قائلا إن موريتانيا بلاد وبيئة ديمقراطية بلا ديمقراطيين أو بديمقراطيين مهزومين ومستقيلين».
القدس العربي