نظمت اتحادية تكتل القوى الديمقراطية بانواذيبو، مساء أمس السبت 10 اكتوبر 2015، ندوة سياسية بعنوان "أزمات البلاد بين ملهاة الحوار الأحادي وانتشار الحمى النزيفية"، حضرها ممثلون عن أحزاب المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة بالمدينة، وقيادات من التحالف الشعبي التقدمي، والتحالف من أجل العدالة والديمقراطية، والكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا، وشخصيات مستقلة، وجمع غفير من أطر ومناضلي الحزب.
وقد بدأت الندوة بكلمة تأبينية للمناضل المرحوم اليدالي ولد الشيخ، الذي يأتي تنظيمها في إطار إحياء الذكرى الخامسة لرحيله، قدمها السيد كمرا موسى الأمين الاتحادي المساعد للحزب بالولاية.
بعد ذلك تناول الكلام الإمام احمد ولد محمدو، الأمين الدائم للحزب، مقدما عرضا مفصلا عن الموضوع، حيث قال بأن تعدد المشاكل والأزمات وتنوعها يجعل من الحديث عن الموضوع ذو شجون، ولكن الأزمة الأخطر التي نعيشها اليوم هي أزمة أخلاقية بالدرجة الأولى، كما أن هناك ممارسات لم تكن مألوفة وأصبحت تهدد حاضر ومستقبل البلاد، كاستنزاف أصول الثروات، وتسخير نفوذ وإمكانيات الدولة لخدمة مجموعة قليلة من مقربي رأس النظام، وانشغال الأخير بالتربح وجمع المال على حساب أرزاق الناس وتماديه في ذلك.
وعن الوضع الاقتصادي للبلاد، قال المحاضر بأنه يعيش حالة لا يحسد عليها خاصة في ظل التدهور الكبير الذي تعرفه الآن أسعار المناجم وخاصة خامات الحديد، مما وضع اقتصادنا الوطني الذي يعتمد بشكل كبير على شركة اسنيم في وضعية المحتضر، نتيجة للاستخدام السيء لمداخيل الشركة في السنوات الماضية وصرفها في أمور لا علاقة لها بأهدافها التنموية، وليست لها جدوائية في أغلب الأحيان، ضف إلى ذلك الارتفاع المستمر في أسعار المواد الإستهلاكية الضرورية رغم انخفاضها عالميا وخاصة أسعار المحروقات مما أثر سلبا على القدرة الشرائية للمواطن، ويؤكد زيف شعار رئيس الفقراء، هذا فضلا عن انتشار البطالة وتزايدها في صفوف الشباب وانعدام رؤية واضحة لدى النظام في التخفيف منها، وفشل سياسات التعليم وتدهوره خاصة في السنة التي أعلن أنها سنة للتعليم، حيث انتهت بتسريب الباكالوريا وبيع المدارس وتحويلها إلى دكاكين، في الوقت الذي يلاحظ فيه النقص الواضح في البنى التحية التعليمية.
أما عن الحوار فقد أكد الأمين الدائم على تمسك وتشبث المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة به واستعداده الدائم له، إلا أن نظام ولد عبد العزيز لا يؤمن بالحوار الجدي الشامل، الذي من شأنه أن يخرج البلاد من المستنقع الذي وضعها فيه، مكتفيا بمسرحيات هزلية ينظمها من حين لآخر، المراد منها كسب الوقت وإلهاء المواطنين عن مشاكلهم الحقيقية، وهو ما نرفضه في التكتل وسنقف في وجهه بقوة وعزم.
أما عن انتشار أنواع من الحميات في نواكشوط وبعض مدن الداخل، فإنه يكشف عن العجز البيّن في قطاع الصحة في البلاد، واللامسؤولة التي تتسم بها الجهات المعنية اتجاه المواطن، إذ لا يزال النظام يكابر ويرفض الاعتراف علنا بوجود وباء يجب تشخيصه وتحديد الأسباب الكامنة وراءه، رغم كثرة حالات الإصابة التي تستقبلها المستشفيات يوميا، والأصوات المطالبة بالتصدي لها.
وقد أظهرت الرسالة الموجهة من وزارة الصحة إلى ممثلية المنظمة العالمية للصحة في نواكشوط ـ التي سربت بالأمس ـ مدى خطورة هذا الوباء، الذي سبق للتكتل أن دعا إلى الإسراع في مواجهته في بيان له بتاريخ 1 أغشت 2015، والذي قوبل في حينه بالنفي والاستنكار من قبل حزب الدولة.
وقد عقب سليمان ولد محمد فال، مسؤول إعلام الحزب، على العرض حيث نبه إلى أن الشعارات الشعبوية التي رفعها النظام انهارت كلها كمحاربة الفساد، ورئاسة الفقراء، وسنة التعليم... كما اعتبر أن المعارضة اكتسبت مناعة ضد تنكر النظام للالتزاماته التى أبرمها في الحوارات السابقة، معتبرا أن "الحوار الحالي لا يعدو كونه مسرحية تجري بين النظام وزبناءه...
من جهته اعتبر المختار ولد الشيخ، الأمين الاتحادي لداخلة نواذيبو، أن قطاع الصيد يعيش وضعية مزرية بفعل تصرفات النظام التي تتسم تارة بعدم المسؤولية كما جرى مع الإتحاد الأروبي وما تمخض عن ذلك من عواقب وخيمة على القطاع، وتطبعها تارة أخرى علاقات مشبوهة يقيمها النظام مع جهات أجنبية كالشركة الصينية " بولي هوندونك" التي أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على القطاع أو كمصانع دقيق السمك "موكا" التي تمنح رخصها لمتنفذين، مع خطورتها على الصحة العامة للمواطنين، وعلى البيئة والثروة السمكية.
أما فيما يخص إنشاء المنطقة الحرة بصفة ارتجالية وقبل أن تتوفر الظروف المناسبة لها، جعلت منها مؤسسة عديمة الفائدة، بل جاءت بنتيجة عكسية على المواطن حيث ارتفع في ظلها سعر القطع الأرضية والإيجار العقاري، وتم حظر بعض النشاطات الاقتصادية غير المصنفة التي كانت لها مردودية على الكثير من ساكنة المدينة، دون أن تقدم بديلا لأصحابها.
أما الأستاذ زايد المسلمين ولد ماء العينين عضو المكتب التنفيذي للحزب، فقد تناول تجليات الأزمة على المؤسسات العمومية وشبه العمومية على مستوى نواذيبو، مبينا الأضرار الكبيرة التي طالت شركة اسنيم بفعل السياسات العرجاء للنظام، والتي تفتقد للتخطيط والدراسة، مشيرا إلى أن النظام يعتبر الشركة بقرة حلوبا يستخدمها في أغراضه ونزواته الشخصية، متماديا في ذلك رغم وخطر ذلك على استمراريتها.
من جهة أخرى تحدث الأستاذ زايد المسلمين، عن الأزمة التي يعيشها ميناء نواذيبو المستقل منذ فترة والمتمثلة في انعدام البنى التحتية والمعدات والكوادر البشرية، بالرغم من رصد تمويلات خارجية هائلة لمعالجة هذه الإختلالات.
واختتمت الندوة بشهادات قدمها بعض من أصدقاء المرحوم والعارفين به.
وكان فعاليات الندوة قد شهدت تسليم كأس المرحوم اليدالي ولد الشيخ لفريق "دبي" الفائز بالبطولة السنوية التي تنظمها اتحادية الحزب بالمدينة، على نظريه فريق "مدريد" بهدف لصفر.
وقد سلم الكأس من طرف الأمين الدائم للحزب السيد الإمام أحمد ولد محمدو، فيما سلمت الجائزة الثانية من طرف المين الاتحادي المختار ولد الشيخ.
نواذيبو، الأحد 27 ذي الحجة 1436 - 11 اكتوبر 2015
الاتحادية