والدي حرمة ولد ببانه دخل المدرسة على غير عادة نظرائه من أبناء الأسر المحافظة نتيجة تنامي الوعي لديه بأنه الاستعمار لا يمكن أن يحارب إلا بثقافته ، فكان شيئا مختلفا في موريتانيا وشخصية ملأت الزمان والمكان بحضورها القوي .
ــ فرنسا دعمت حرمة في انتخابات 1946م كما دعمه سنغور والامين كي لكنه خيب ظن فرنسا فاختارت دعم سيدي المختار انجاي في الانتخابات الموالية وزورتها وحاولت اغتيال حرمة قبل أن تهربه المخابرات المصرية إلى مصر بأمر من الرئيس جمال عبد الناصر ، حيث التقى في طريقه إلى مصر المناضل الجزائري عباس فرحات وتعاهد معه على الكفاح حتى تحرير بلديهما ، كما استقبل من طرف جمال عبد الناصر ، والتقى الحسن الثاني مبعوثا من أبيه الملك محمد الخامس الذي ألح في استقدام حرمة فقبل ذلك بعد موافقة جمال عبد الناصر .
ــ تصويت حرمة ضد اعتراف فرنسا بإسرائيل ومنعه إرسال بارجات حربية إليها كان من أسباب غضب الفرنسيين عليه نافيا أن يكون والده أساء فهم منصبه إلا أنه أكد أنه رجل سياسي والسياسة تقتضي أن يمكر بخصومه .
ــ الشيخ قال إن حرمة أعلن مساندته لمغربة موريتانيا طمعا في دعمه لتحريرها من الفرنسيين نافيا أن يكون الاحتلال الفرنسي كالاحتلال المغربي الذي يعتبر مورتيانيا إقليما موازيا .
ــ وبخصوص عودة رفاق حرمة "محمد فال ولد عمير وادي ولد سيدي بابة ، ومحمد المختار ولد اباه " سنة 1963م قال إن والد ه كان يعارض هذه العودة تماما كما عارضها الحسن الثاني الذي رفض الاذن لهم بالخروج طيلة سنة أذن بعدها ، مؤكدا ان حرمة كان محقا في تحليله حيث قال لهم إن الموت ينتظرهم وهو ما كان حيث قضى ولد عمير في السجن بسبب الإهمال وسوء المعاملة والتهاون بعلاجه من المرض ــ على حد وصف الشيخ ــ
ــ أما استقلال موريتانيا فقال إنه لم يتم إلا في منتصف الستينات وكان بفعل نضال جيش التحرير الذي أنشأه حرمة ودعمه محمد الخامس ، وعن نوعية دعم محمد الخامس وما إذا كان ضمنه المنع من دخول موريتانيا الجامعة العربية والأمم المتحدة ومضايقتها ماليا قال إن هذه المضايقة كانت من أساليب النضال التي ساهمت في التحرير .
ــ وعن سبب إعلان والده اعتزال السياسة ورغبته في مغادرة المغرب في النصف الاخير من ستينيات القرن الماضي قال إن هذا الاعتزال جاء بعد ما انسحب الفرنسيون من موريتانيا وكان لإتاحة الفرصة للمغرب من أجل الاعتراف بموريتانيا حيث كان مستبعدا ان تعترف به ما دام حرمة مقيما فيها ، مستبعدا أن يكون هذا الانسحاب إعلانا للاستسلام .
ــ وأثناء البرنامج أخرج الوزير جملة من الوثائق التي تعود لوالده بينها وثيقة صلح بينه وأمير إدوعيش عبد الرحمن ولد اسويد أحمد بعد خلاف بينها ، ووثيقة أخرى يراسل فيها الملك الحسن الثاني معلنا الولاء له ومؤكدا عليه وطالبا السماح له بالهجرة إلى السعودية .
ــ الشيخ قال إن عمر بنكو الرئيس الغابوني السابق دخل الإسلام مع حكومته على يد والده بعدما قايضه على الوساطة له عند الخليجيين مقابل إسلامه .
ــ وعن ظروف عودة والده إلى موريتانيا قال إنه عاد بعد ما نقل الرئيس المختار ولد داداه حكم الإعدام عليه إلى السجن المؤبد مع الأعمال الشاقة ثم عفا عنه ، لكنه لم يعوضه شيئا رغم مطالباته بذلك ، تلك المطالبة التي تجددت بعد الانقلاب 1978م فرفضها العسكريون جملة وتفصيلا قائلين إن الحكومة الموريتانية "لا تعترف لحرمة بأي حق وتحذره من مراجعتها لا حقا في الأمر " .
ــ العسكريون أيضا لم يقدموا العزاء في حرمة لذويه بعد وفاته سنة 1978م ورفضوا إذاعة بلاغ وفاته في الإذاعة الموريتانية التي قال مديرها آنذاك إن حرمة مغربي وعدو للوطن وخائن له ولن ينعى في الإذاعة .
ــ وقال الشيخ إن الحصار استمر على كل من يريد نفض الغبار عن تاريخ والده حيث منعت التلفزة الموريتانية بث ندوة نظمها جمع من المثقفين عنه سنة 2010م أيام كان الشيخ وزيرا للصحة حيث لم تمكن وساطته أيضا من تلافي الموقف الذي كلم فيها الوزير والرئيس لكنهما لم يغيرا شيئا في المعادلة ، كما ان صحفيا في التلفزة الموريتانية حاول السنة الماضية إعداد برنامج عنه وأعده لكنه منع من بثه بأوامر عليا فاستقال احتجاجا على ذلك .
ــ ما كتب من تاريخ موريتانيا حتى الآن تغلب عليه الذاتية والانحياز وتغيب فيه الموضوعية خاصة مذكرات الرؤساء والوزراء السابقين .