ولد أباه: الصراع على مشروع الدولة الموريتانية بتسويات مؤقتة

خميس, 11/19/2015 - 08:52

قال د.السيد ولد اباه إن ما بات يلاحظ في السنوات الأخيرة بموريتانيا من جدل وصراع ذاكرة قوي في ذكرى عيد الاستقلال الوطني يعود إلى قراءة الماضي بإسقاط صراعات الحاضر عليه، مشيرا إلى أن "صوت الحاضر غالبا ما يكون أقوى من موضوعية المؤرخ".

وأضاف ولد اباه الذي كان يحاضر في ندوة فكرية نظمها المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية "مبدأ" تحت عنوان: "موريتانيا الدولة.. بين رهانات التأسيس ومتطلبات التجذر"، إن مفهوم ومصطلح المقاومة مرتبط بأدبيات الحرب العالمية الثانية وهو عبارة معلمنة تتناسب مع فكرة الجمهورية والأمة عند الفرنسيين، مؤكدا أنها عبارة "لا تعني شيئا بالنسبة للنقاش الذي دار في موريتانيا إبان دخول فرنسا أراضيها".
وأوضح أن ما نوقش في موريتانيا حينها هو مفهوم مركزي جدا وهو الجهاد وتم نقاشه فقهيا، وبرز السؤال: ماذا يفعل المسلمون لمواجهة عدو مختلف في الدين يريد الغزو، وهل الحل في الجهاد بالسيف أم في الهجرة أم في المهادنة؟ وهل ينطبق الجهاد على هذه الحالة؟ وهل يباح الجهاد بدون عدة وعتاد؟ وأين الإمام كشرط للجهاد؟
واعتبر ولد اباه أن الحديث عن المقاومة يوحي وكأن هناك دولة كانت قائمة قدم إليها محتل تواجهه مقاومة، واصفا مثل هذا الحديث بأنه إسقاط غير مناسب.
وأشار إلى مشروعين برزا مع دخول فرنسا الأراضي الموريتانية؛ هما: مشروع التحرر ومشروع الدولة، مضيفا أن المشروعين التقيا في بعض الأحيان، لكنهما مختلفان عن بعضهما وهناك من سعا للتقارب بينهما، موضحا وجود انفصام بين المشروعين؛ فـ "مشروع التحرر الوطني لم يكن مشروع دولة، ومشروع الدولة كان مشروعا استعماريا رسمه كبولاني".
ولفت المحاضر إلى أن مشروع الدولة في موريتانيا "انتبه إلى أن الاستقلال كان شكليا وهو ما اعترف به الرئيس المختار ولد داداه في مذكراته، وخاض بسببه صراعا حتى تم التفكير في إسقاطه، كما أن جناح النهضة ضمن مشروع التحرر وفي مرحلة معينة من تاريخه بدأ يفكر في تحويل مشروعه إلى فكرة الدولة.
كما لفت إلى أن المشروع الاستعماري كان منقسما إلى جناحين تصارعا منذ 1905 وحتى 1959 حول مستقبل موريتانيا: هل هي دولة الصحراء الكبرى أم دولة ملحقة بإفريقيا الغربية أو بالفيدرالية المالية"، مشيرا إلى أن صراع المشروعين الاستعماريين وأنصارهما سبب مشكلة في نشأة الدولة الموريتانية.
وأشار إلى أنه وكما وقعت تسوية بين مشروعي الدولة والتحرر، فقد وقعت أيضا تسوية بين المشروعين الاستعماريين.
مضيفا أن البعض "يعيش إشكالات التأسيس بإسقاطات مختلفة في اللحظة الراهنة دون أن يرجع إلى السياق الإشكالي الأصلي لنشأة الدولة سواء في هويتها كدولة وطنية مستقلة أو كنشأتها كدولة إقليمية، وهل هي دولة البيظان ودولة الصحراء أم هي دولة جزء من أفريقيا الغربية".
واعتبر ولد اباه أن "الصراع بين المشروعين الاستعماريين حسم بتسويات مؤقتة، كما حسم أيضا الصراع بين مشروع التحرر ومشروع الدولة بتسويات مؤقتة".