28 نوفمبر: مأزق شعب+ قصيدة

سبت, 11/21/2015 - 09:57

يطل نفمبر هذا العام بوجهه المعهود والجديد معا، فالموريتانيون لا يزالون بأحلامهم القديمة، يغالبون حياتهم البائسة، ويتغنى لهم الإعلام الرسمي بانجازات لا تستفيد منها إلا حفنة من ناهبي الأرض والعرض، كانت وستبقى مسيطرة على الأعناق والأرزاق.

نفمبر يحكي حكاية حقيقية مسكوت عنها رسميا، وتنزف بها دما جراح المكلومين والبؤساء والتعساء، الذين ظل يحدوهم حلم واحد، هو أن يروا الدولة الموريتانية شجرة وارفة الأغصان تظل وتسع جميع أبنائها، لكن حلمهم أجهض، وسيظل يجهض مرة تلو الأخرى.

وأظنني سأحاول وصف حالة الفرح العارمة شعرا، لكنها عارمة بشكل عكسي تماما، والقصيدة التي أقدمها هي بعنوان "خمس وخمسون"، وهي بطبيعة الحال يحكمها وإن في عالم الحقيقة كثير من المجاز، فإليها:

                                   خمس وخمسون ........

خمس وخمسون .. بالأحـــــــــلام نحتفل . نمشي .. ولكــــن برغم المشي لا نصل

وكلنا أمـــــل في الروح مشــــــــتعـــــل . وكـــــــلنا حـــــــلم يغتـــــــــــاله الهزل

بعنا الضمائر .. حتـــــــــى لم نعد بشرا . ولـــــــم تعد عنــــــــدنا الأخلاق والمثل

نغتال أنفســـــــنا .. من فرط صبوتنـــــا . وغاية المجــــــــد فينـــا الطيش والخبل

خمس وخمسون .. مرت بالربوع سـدى . خمس وخمــــــسون .. والإنسان يحتمل

إن يسقط الأهــــــــل في الأغوار مسبعة . قال: المنافــــــــــق .. إن الجرح مندمل

قد أنجز الحــــــــــر وعدا صادقــا وغدا . وقــــــــد تحقـــــــــــــق في أيامه الأمل

تبا له ليـــــــــــــس إلا مشبــــــــها هبلا . وإن جــــــــــــفانا سيــــــــأتي بعده هبل

الشاه هــــذا .. ونحن الشاة إن ســـقطت . بفــــــــم ذئب .. بها صوب الردى عجل

خمس وخمسون .. طــــــورا حالنا صدأ . طورا نبـــــــــــــاري جنون الريح تقتتل

لا نفـــط لا حوت .. لا لا .. لا حديد ولا . مناجم الذهب الكــــــــــــــبرى لنا تصل

ولا القــــــروض على ظهر القروض إذا . زادت نراها .. فأنى العيـــــــن تكتحل؟

صبرا أوائلنا خاضــــــــــوا الغمــــار هنا . والصبر يدركنا في حضنـــــــه الأجل

خمس وخمسون .. لا مرســـى إذا جنحت . بنا السفينة والأمــــــــــــــــواج تنفعل

يأتي مسيلمـــــــة يشــــــــــــــــدو بفريتــه .  وفـــوق كاهله الآثـــــــــــــام تكتهل

وحين تمضــــــي إلى شـــــــــــؤم طلائعه . يأتي مسيلمة ثــــــــــــــــــان فيكتمل

وبعدها الدهر .. عرقـــــــــوب يسود به . يتابع الكذب .. ما في عينه خـــــــجل

إن "العراقيب" لا تفنــــــــــــــى حكايتها . تبني الأكاذيب .. لا خوف ولا وجـل

خمس وخمسون .. يا أبنـــــــــاءنا اتئدوا . أليس في أمم أخرى لكــــــــــم مثل؟

السلب والنهــــــــــــــب لا عقبى لفاعلهم . فكيف في سفسفات الخزي ننــشغل؟

هذي البــــــــــلاد سرقتم كحلــــــها قسما . فدمعها ذائع .. يهذي .. وينهمــــل

رفقا شرايينــــــــــها صارت ممـــــــزقة . وقد تساقط من فيض الدمـــــا وشل

وفي فساتينها آثــــــــــار مجـــــــــــزرة . وفي الترائب شلو بالدمـــــــا خضل

وترفض الموت لو قطـــــــعتمــــوا إربا . أشلاءها .. لو يموت السهل والجبل

خوفا عليكـــــــــــــم من المجهول يقتلكم . ومن ضيــاع بطول الأرض ينسمل

هي الأمومة مهمــــــــــا خانها ولــــــــد . تحنو عليــــــه .. فلا تلقــــــاه ينثكل

وقد يموت فلا تنســـــــــــاه لــــــــو أمد . يطول طولا .. وتنسى عصره الطيل

خمس وخمـــــس وأخماس مخـــــــمسة . وأهلنا من خشـــاش الأرض ما أكلوا

جوع .. وفقر .. وأمراض .. وأعــرشة . بؤس به الحال وقت الوصف يختزل

خمس وخمسون .. لا عـــــــرق يوحدنا . والدين في جل شــــأن الناس يعتزل

ساد الفساد وصار الكـــــــــــل يألفــــــه . وقد تغنى له الأشعــــــــــار والزجل

خمس وخمسون .. بتنا تحت كلـــــــكلها . نئن حزنا .. وقد ضاقـــت بنا السبل

لم نتحد في الخوالي .. قيد أنـــــــــــــملة . ولم نكن بحبال الوصــــــــل نتصل

كنا نفصل مقـــــــــــــياسا بغــــــــــدوتنا . لجمعنا .. عنه كل الجمع يــــنفصل

خمس وخمسون .. لا درب يصــــــالحنا . وطقسنــــــــــا ما حيينا ليس يعتدل

هذا يسبح تسبيـــــــــــــحا بمسبحــــــــــة . وقلبه ملؤه التـــــــــــطبيل والدجل

وذاك ينســـــــــــــج شعـــــرا في مهفهفة . عنها بوقت تمام العقـــــــد يرتحل

خمس وخمسون .. والأحكام سائـــــــــرة . تبني .. وبالكاد يجفو شكلـه الطلل

وكلما أطلـــــــــــــــق الصــــياد طلقته . في الريح قالوا: أصاب الضابط البطل

وفي البطولة أن النـــــــــــــــهب متصل . وفي المزارع .. لا ثــــوم ولا بصل

إصلاحنا كبطين القلب منفتـــــــــــــــــح . إصلاحنا قاتـــــــل .. إصلاحنا فشل

خمس وخمسون .. لم تقطـــــــع جحافلنا . ميلا .. يمشي بهـــا الأقوام لم يزلوا

والكل منتحل شخصـــية صـــــــــدقـــت . تاريخها .. ومـــــــدى الأيــام تبتهل

لكنه متشح سيف الريـــــــــــاء .. فــــلا . بنى بمنـــــــزلة ما كـــــــــان ينتحل

ولا تقـــــــــــدم ركــــــب القوم ذا ورع . ولا أناخ له فـــــــــــــي صالح جمل

أقولها هزلت .. إي ..إي لقـــــــد هزلت . وفي التراحيل ها هم قـــومنا هزلوا

خمس وخمسون .. والتـــــــــاريخ يلعننا . لم تبق لا مـــــــــــلل فينا ولا نحل

تبدل الأهــــــــــــــل أهلا غيرهم وغدت . تعاف مربعنا النخـــــــلات والإبل

خمس وخمسون .. صحنـــــا بالتحرر ما . صحنا .. والوطن المحبوب معتقل

الحاكمون بــــــزاة غاص مخلبهـــــــــــم . حد الوتين بأرضي .. أيــها الأزل

والناس صــــــــــاروا زرازيرا مزرزرة . محكومة بالمنايا حيــــــــن تنتقــل

أين الحقـــــــــوق .. وأين الحريات ؟ أما . غنى لنا لحنها القمري والــحجل ؟

هل سوف نبصر قبل المـــــــــوت أجنحة . جذلى .. ترفرف في العليا وتحتفل ؟

بحين تنبـــــــــــزل الأنوار مغـــــــــــرقة . شغاف عالمنا .. هل سوف تنبزل ؟

أم سوف نبقى سطوحا كالسفـــــــــوح وما . دام الدوام بعمق البؤس ننــــشتل ؟

خمسون زادت بخمــــــــــس والحياة ردى . أزاهر الروض ثكلى .. والرؤى خبل

مواطنون نسيم العطر يصــــــــــــــــرعهم . وحاكمـــــــــون لأهل الحق قد خذلوا

لهم بواخرهم .. والأرض مـــــــــــــزرعة . لهم .. لهم بحرنا .. والثغــــر والقبل

لهم أساطيل في الأجواء طـــــــائــــــــــرة .  لهم سماواتنا الــــــــــــــغراء والمقل

خمس وخمسون .. لا شمـــــــــــس فتدفئنا . فابكي لحال "النشامى" .. أيها الرجل ...

الشاعر: دداه محمد الأمين الهادي