
قال رئيس الوزراء الموريتاني يحيى ولد حدمين إن إغلاق حكومته لعدد من المدارس القرآنية (المحاظر) والمعاهد يدخل في سياق إجراءات لتنظيمها، ووضع نظام أساسي يضمن استمرارها ويكفل تحديثها وتحصينها.
تصريح ولد حدمين الذي جاء خلال مناقشة السياسة العامة لحكومته أمام البرلمان فجر الجمعة يعتبر أول اعتراف رسمي علني بإغلاق "معهد ورش" الأهلي، وأكثر من أربعين محظرة بولايتي الحوضين في الجنوب الشرقي، سمحت السلطات الإدارية بفتح بعضها قبل يومين.
وخلال الجلسة البرلمانية، وجه نواب المعارضة انتقادات شديدة لما سموه حملة حكومية تستهدف المدارس القرآنية، وهو ما نفاه ولد حدمين قائلا إن "السلطات المعنية قامت بحصر المعاهد لمعرفة وضعيتها القانونية، وحين وجدت أن بعضها ليس لديه ترخيص علقت الدراسة فيه حتى يصحح وضعيته ويحصل على رخصة".
واعتبر رئيس الوزراء الموريتاني أن "المحاظر والمعاهد حصانة للقيم، وضمانة ضد الأفكار الوافدة"، وأن الإجراءات المتخذة تهدف إلى استمرار هذا الدور "وذلك ما ينبغي أن يكون محل إجماع، لا عنوان تجاذب سياسي".
وكشف ولد حدمين أن المدارس القرآنية التي سُمِحَ باستئناف الدراسة فيها قد فكت ارتباطها بمعهد ورش، وأضاف أن الترخيص لهذه المعاهد يتطلب معرفة مقرراتها الدراسية، وطاقمها التدريسي ومصادر تمويلها، معتبرا أنه حين تتحول المحظرة إلى معهد يدفع رواتب وإعانات فذلك يعني أن لديه موارد، وهو ما يفرض معرفة مصادر التمويل.
لكن معهد ورش المعني الأول بالموضوع، والذي أغلقت فروعه في مناطق داخل البلاد، أكد في بيان أصدره قبل أيام أنه مرخص من الحكومة منذ عام 2012، وبموجب هذا الترخيص يحق له افتتاح فروع في مختلف مناطق موريتانيا كما ينص على ذلك نظامه الأساسي.
ورغم أن رئيس الوزراء قال أمام البرلمان اليوم إن إجراءات الترخيص بسيطة ويمكن الحصول عليها بمجرد تقديم الوثائق المطلوبة وطلب إلى السلطات المحلية، فإن مسؤولا بإحدى المحاظر التي أغلقت أكد للجزيرة نت أن حاكم المقاطعة المعني رفض استقبال ملف ترخيصها بحجة أنه لا بد من "تعليمات من الجهات العليا" وفق تعبيره.
وكانت السلطات الموريتانية أغلقت قبل فترة معاهد ومدارس قرآنية بحجة عدم الترخيص، الأمر الذي أثار انتقادات واسعة من أحزاب المعارضة وبعض العلماء وعدد من منظمات المجتمع المدني، فقد استنكره رئيس مركز تكوين العلماء الشيخ محمد الحسن ولد الددو معتبرا أن "شرعية المعاهد والمراكز والمحاظر مرتبطة بالوحي ولا تحتاج إلى ترخيص".
لكن رابطة العلماء المقربة من السلطة دعت القائمين على المعاهد الدينية إلى "الالتزام بالضوابط القانونية والإدارية التي وضعت من أجل حماية العملية التعليمية، والقائمين عليها حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله".
ورغم أن "المحظرة" ظلت أحد أهم مرتكزات الثقافة الموريتانية ومصدر تميزها، وتخرج منها علماء اشتهروا في مناطق العالم الإسلامي، فإن بعض النخب بدأت تشير إليها كواحد من أسباب ظاهرة التطرف والغلو.
وقد أثار فيلم موريتاني بعنوان "المتطرف" عرض السنة المنصرمة موجة انتقادات واسعة لاتهامه المحظرة بالمسؤولية عن تخريج المتطرفين، والانحراف عن منهجها التقليدي القائم على تدريس اللغة العربية والفقه الإسلامي.