استمر المدونون الموريتانيون الذين أصبحوا هم المحركين الفعليين للمشهد السياسي، أمس في توجيه اهتماماتهم نحو التنديد بعدم مراجعة الحكومة لسعر الوقود قياساً بنزول أسعاره في السوق الدولية لأقل من 31 دولاراً للبرميل.
وتم كل ذلك بالتزامن مع حراك سياسي تمثل في إعادة تشكل المشهد بعد إطلاق نشاطات حزب التحالف الوطني الديموقراطي المنشق عن حزب التكتل أكبر أحزاب المعارضة.
وانتقد الدكتور يعقوب ولد امين رئيس حزب التحالف الوليد في خطاب انطلاقة حزبه، الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في موريتانيا ، مؤكداً «أن نشاطات حزبه تنطلق في ظرفية خاصة تمر بها موريتانيا، حيث ارتفعت نسبة الفقر، وتراجعت نسبة التمدرس من 90% عام 2008 ، إلى 76% عام 2015، وارتفعت البطالة بنسبة 2% في الفترة ما بين 2012 و 2014، فيما تراجع موقع موريتانيا في مؤشر التنمية البشرية إلى الرتبة 156».
وأوضح «أن نسبة المجاعة في موريتانيا بلغت 31%، فيما بلغت نسبة سوء التغذية لدى الأطفال 20 بالمئة».
وتحدث الدكتور يعقوب عن الحوار فأكد «أن وثيقة منتدى المعارضة التي سلمها للأغلبية والتي تشكل حاليا عرقلة أمام الحوار، يمكن أن تشكل أساسا للحوار السياسي في موريتانيا».
ودعا رئيس حزب التحالف البرلماني السابق يعقوب ولد أمين «جميع الفاعلين السياسيين الموريتانيين للتضحية وتقديم التنازلات اللازمة، وجعل المصالح الوطنية فوق كل اعتبار»، معتبراً «أن ست سنوات من القطيعة فترة كافية لمراجعة الذات، وتقييم المسار».
وبالتزامن مع هذا الحراك، اتخذ المدونون المحتجون حول عدم مراجعة أسعار الوقود وسم «#مان شاري غزوال»، شارة للتواصل لتنظيم وقفة احتجاج على غلاء الوقود مقررة بعد غد الأربعاء.
ودعا المدون البارز محمد الامين الفاظل الذي يقود حملة التعبئة في تدوينة تحسيسية له أمس جميع المواطنين للمشاركة في وقفة الأربعاء احتجاجاً على أسعار الوقود.
وقال «أيها المواطن، إذا امتنعتَ عن شراء البنزين فأنت مواطن لك كرامة، وإذا أوقفت سيارتك وسرت على الأقدام كتعبير عن رفضك لارتفاع الأسعار فأنت تقوم بفعل حضاري، وإذا كانت المسافة طويلة واضطررت إلى ركوب عربة يجرها حمار فأنت تقوم بفعل نبيل وشهم».
«أما إذا ما تعاملت مع ارتفاع أسعار البنزين في السوق المحلية بشكل سلبي، يضيف المدون المعارض، بالرغم من انهيارها في الأسواق العالمية، فهذا يعني بأنك مواطن سلبي، وأن وطنيتك وكرامتك وشهامتك في محل شبهة..
كل الشعوب في العالم تتحرك لمواجهة جشع الحكومات، وما وصلت إليه الحكومة الموريتانية من جشع لم تصل إليه أي حكومة في العالم، وما وصل إليه الشعب الموريتاني من الاستكانة لم يصل إليه شعب في العالم».
وقال «أيعقل أن تظل ساكتاً غير مبال ولا مكترث، والحكومة تسرق منك ما يزيد قليلاً أو ينقص قليلاً عن المئتي أوقية مع كل لتر بنزين تشتريه؟، أيعقل أن تظل ساكتاً غير مبال ولا مكترث، والحكومة تسرقك في كل حفنة أرز تأكلها، وفي كل جرعة ماء تشربها، وفي كل حبة دواء (مزورة في أغلب الأحيان) تشتريها من أي صيدلية».
وقرر المدونون المحتجون الوقوف يوم الخميس المقبل عند كبريات المحطات في العاصمة «لتنبيه أصحاب السيارات الذين يأتون للتزود بالبنزين بأن الحكومة تسرق من كل واحد منهم ما يزيد أو ينقص قليلاً عن 200 أوقية مع كل لتر مازوت يشترونه».
كما قرروا تخصيص يوم الجمعة القادم كيوم للمشي سيراً على الأقدام، داعين «رؤساء الأحزاب وقادة الرأي للمشاركة في هذا الاحتجاج من خلال السير على الأقدام لمسافة قد تطول أو تقصر حسب قدرات وإمكانيات كل واحد منهم، بغية حث أصحاب السيارات العابرة على إيقافها والمشاركة في الاحتجاج».
ودعا النشطاء «خطباء الجمعة المقبلة لتخصيص خطبهم في هذا اليوم لمطالبة الحكومة بتخفيض أسعار المحروقات رحمة بالمواطنين، وإذا لم تخفض الحكومة أسعار المحروقات في هذا الأسبوع فإن النشطاء يخططون ليوم شلل كامل لحركة السير في العاصمة، وذلك من أجل إجبار الحكومة على خفض أسعار المحروقات».
القدس