دعا مصدرو الأسماك في موريتانيا المنتمون "لاتحادية السماكين" حكومة بلادهم إلى إلغاء اتفاقية الصيد مع السنغال، وعدّوها مجحفة وتضر مصالحهم، بينما تسعى الحكومة للتوصل إلى صيغة مناسبة لتجديد الاتفاقية.
وقالت اتحادية السماكين الموريتانيين في بيان إن الاتفاقية تلحق بهم أضرارا مادية كبيرة، وتستنزف الثروة البحرية للبلاد، وتمنح الأفضلية للصيادين السنغاليين، وتوفر لهم امتيازات تمكنهم من منافسة مصدري السمك الوطنيين.
وتشكل الاتفاقية التي وُقعت قبل أكثر من عقد من الزمن إطارا ينظم التعاون بين موريتانيا والسنغال في مجال الصيد، وتتضمن تسهيلات للسنغاليين تسمح لهم باصطياد كميات من أسماك السطح لتموين سكان مدينة "سنلوي" بأسعار مخفضة، وتنص الاتفاقية على خضوعها للمراجعة سنويا لتجديد بروتوكول يحدد كمية ونوع الأسماك المسموح باصطيادها، وعدد الزوارق التي يمكنها الولوج إلى المياه الإقليمية الموريتانية.
وينص البروتوكول الأخير لمراجعة الاتفاقية الذي انتهت صلاحيته أواخر 2015 على السماح للسنغاليين باصطياد خمسين ألف طن من أسماك السطح الصغيرة والمتوسطة، بأسعار رمزية (نحو 160 دولارا للطن)، بهدف تموين سنلوي.
واصطدم تجديد البروتوكول بعدة عقبات؛ فقد تعالت أصوات الرافضين للاتفاقية، خاصة المصدرين الذين رأوا أنها تتناقض مع أهداف إستراتيجية إصلاح قطاع الصيد، وتقول اتحادية السماكين إن الهدف من الاتفاقية هو توفير السمك لسكان سنلوي بأسعار مخفضة، لكنها انحرفت عن هذا الهدف الاجتماعي، وباتت تستغل لأغراض تجارية.
مطالب السماكين
ويؤكد مسؤولو الاتحادية أن الكميات التي يصطادها زملاؤهم السنغاليون بموجب الاتفاقية توفر فائضا يتم تصديره لينافس إنتاج موريتانيا، ويطالبون الحكومة بحماية الثروة السمكية وضمان المصالح الوطنية عبر تشديد المراقبة على عمليات الاصطياد، وإلزام السنغاليين بتفريغ حمولة مراكبهم في الموانئ الموريتانية.
ويقول عضو اتحادية السماكين محمد الأمين ولد ابهاه -الذي يمارس تصدير الأسماك- إن "الاتفاقية تتعارض مع القانون الموريتاني الذي ينص على إلزام جميع السفن التي تمارس الصيد في المياه الإقليمية الموريتانية بتفريغ حمولتها في الموانئ الموريتانية، ومن ثم فإن المطلب الملح والمنطقي هو إلغاؤها".
ويضيف للجزيرة نت أن الصيادين الموريتانيين ومصدري الأسماك يدفعون ضرائب كبيرة، ويتحملون أعباء في التصدير، ويدفعون الرسوم الجمركية للبلدان التي يصدرون إليها، في حين يشتري نظراؤهم السنغاليون السمك الموريتاني بأسعار رمزية ولا يلزمون بأي ضرائب، وحين يصدرون فإنهم يستفيدون من تسهيلات جمركية وضريبية بموجب عضوية بلدهم في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
مأزق الحكومة
وفي مقابل مطالبها بإلغاء الاتفاقية، عرضت اتحادية السماكين تزويد مدينة سنلوي بحاجتها من الأسماك بالتسهيلات والأسعار نفسها التي تضمنتها الاتفاقية.
وتجد الحكومة نفسها في مأزق، حيث لا ترغب في إلغاء الاتفاقية وحرمان جارتها من فوائدها، كما أنها محكومة بقانون صادق عليه برلمانها ويقضي بتفريغ الأسماك المصطادة في مياهها على أراضيها، وهي تتفاوض مع السنغال لإيجاد صيغة مرضية دون التوصل إلى اتفاق رغم مضي أكثر من شهرين على انتهاء بروتوكول تجديد الاتفاقية.
ويقول أحد الخبراء الموريتانيين المشاركين في المفاوضات إن البلدين بدآ التشاور في الوقت المناسب، لكن صعوبات قانونية لا تزال تواجههما، فالسنغاليون يرفضون التفريغ في الموانئ الموريتانية، والحكومة الموريتانية ملزمة قانونا بذلك، والبحث جار عن صيغة للخروج من هذا الإشكال.