ما بين نواكشوط وعاصمة الضفة الجنوبية روصو، طريق دولي قديم لا يعرف السكون طيلة 24 ساعة يوميا، فهو المعبر الوحيد بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء، تماما كما هو الطريق الرابط بين أغلب مقاطعات اترارزة، والمنعش الأساسي للحركة التجارية بين نواكشوط ومدن الضفة المطلة على النهر السنغالي .
على هذا الطريق المشيد عهد الرئيس المؤسس المختار ولد داداه، بات من الطبيعي خلال السنوات الأخيرة، تسجيل حادث سير مميت يوميا، خاصة في بعض المقاطع التي بدأت الحكومة في صيانتها أو إعادة بنائها، ثم توقفت عن ذلك دون الكشف عن الأسباب، الأمر الذي فاقم من عدد الحوادث على طريق هو أصلا مليء بالمطبات والمنزلقات، والحفر والرمال الزاحفة وحركة الحيوانات السائبة .
المصالح الطبية في مركز تكنت الصحي – الواقع في منتصف الطريق -، تؤكد أن عدد الحالات التي يستقبلها المركز جراء حوادث السير، تعادل حادثا لليوم الواحد على الأقل، وأن كل ثلاثة حوادث من أصل خمسة تحصد معها ضحايا، ما دفع إدارة المركز إلى المطالبة بزيادة المعدات واللوازم والأطقم الطبية، دون استجابة وزارة الصحة حتى الساعة لذلك .
أكثر من سبعة عشر أسرة موريتانية فجعت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، لفقدان والد أو أخ أو أخت أو حتى أسرة بأكملها على طريق روصو، هذا في وقت يرى السكان أن الحكومة لا تعير كبير اهتمام للموضوع على ما يبدو، وترد أسباب الحوادث في برقيات الدرك الوطني إلى “رعونة السائق”، متناسية هشاشة الطرق وغياب إشارات المرور، وعدم فرض احترام معايير السلامة المطلوبة من السائق والركاب على وجه العموم .
الدولة الموريتانية أبرمت عدة اتفاقيات بخصوص إعادة بناء هذا الطريق، وأنفقت مليارات الأوقية خلال السنوات الماضية، إلا أن أشغال البناء لم تخلو من تعثرات منذ الانتهاء من مقطع (بمبري – روصو)، ما زاد من تفاقم الوضعية وساهم في ارتفاع عدد الحوادث والخسائر الاقتصادية، دون الإعلان بشكل رسمي عن دافع التوقفات المتتالية لأعمال البناء .
المنطلق من محطة “مسجد التوبة” في نواكشوط، باتجاه تكنت أو مدينة روصو، يدرك جيدا أن رحلته حبلى بالمجازفات، وقد تمثل بفعل تعطل عجلة أو محاولة تجاوز سيارة، الالتحاق بصفوف المئات ممن رحلوا على ذات الدرب دون مراسم وداع .تكند