إن الحق فى الحرية هو حق من الحقوق الأساسية للإنسان التى لا تتم العدالة الاجتماعية فى غيابه. وعندما يتمتع الناس بالحرية ويشاركون فى وضع القرارات التى تمس حياتهم يتحقق العدل. ومن ثم تحسين الاوضاع المعيشية وتحسين القدرات البشرية، تنمية للانسان المواطن، وهذا ما تتطلب العدالة الاجتماعية تحقيقه، وذلك بالحق في امتلاك القدرات، شرط الاستفادة من الفرص المتاحة، والتكافؤ فى التنافس على الفرص وهو الشرط الاهم في البعد الاقتصادى. ذلك البعد المتعلق ليس بمدى اشراك جميع أفراد المجتمع فى العملية الإنتاجية فقط، ولكن فى الحرص على ان يجني الجميع ثمارها. أما عندما يحرم الناس من الحرية والمساواة من أجل الإرتقاء بأوضاعهم، وتضييق الفوارق بين طبقاتهم، فإن هذه الفوارق تميل للاتساع . وحتى لو نجح "المستبد العادل" في تحقيق بعض التحسن فى توزيع الدخل وعمل من خلاله على خفض معدل الفقر، مما خلق شبكات للحماية الاجتماعية إلى غير ذلك، فإن مفعول هذه الإجراءات غالبا ما يكون وقتيا، ولا تلبث أن تعود الأوضاع إلى سيرتها الأولى خاصة عندما يستشعر النظام خطرا او يواجه أزمة. وحينئذ تعود حليمة إلى عادتها القديمة ويعود المشهد كما كان بل اكثر قتامة، حيث التزاوج بين السلطة والثروة، وانفراد طبقة معينة بملكية وسائل الإنتاج وهو اثراء القلة على حساب الاكثرية، وتمكين الأغنياء من تسخير الدولة وشعبها لخدمة مصالحهم، مما ينذر بأخطار جسيمة اقلها الانقسام. اعادة التسمية؟.. ام اعادة التأسيس؟ دولة موريتانيا على غرار غيرها من الدول الإفريقية ، نسجت حدودها بشكلها الحالي بواسطة القوي الاستعمارية وفقا لمصالحها الخاصة، التي ليست من بينها طبعا، تكوين أمة متحدة وقوية، وانما مناطق قطفت من جذورها، لتبدوا اقاليم متفاوتة في كل ماهي، يدين بعضها بالولاء لبعض، ووتتم تنمية بعضها على حساب بعضها الآخر. إن هذا البعد الإقليمى المتصل بالتفاوتات فى توزيع الموارد والدخل القومى بين المناطق المكونة للدولة، قد يكون ابرز العوائق، والمتعلق من ثم بدور السياسات العامة فى توسيع هذه التفاوتات في جهة، و تقليصها في اخرى. إن مناطق ما اصبح يعرف اليوم بموريتانيا لم تتوحد طواعية، وإنما اقتطعت ثم جمعت عنوة من طرف مستعمر حاقد، لم يتح فرصة للاتفاق علي نظام حكم عادل يحفظ حقوق المواطنين ويأمن وحدة البلاد، وهذا خطأ تاريخي كبير ارتكبه الجلاد فوقعت جميعها فريسة لسيطرة قلة من أبناء المترجمين (آماليز) و(كوميات) منذ الاستقلال، إلى أن وصلت السلطة إلى العسكر حيث تحولت هذه السيطرة من استعمار اجنبي الي استعمار عسكري لجهات معينة تتخذ شبه (كوميات) على هامش الحكم، وتارة من مناطق الهامش المحكومة عنوة، وهو بكل تأكيد ما يرسم هذا الواقع الأليم الذي سئمه الجميع، والمهدد بتقسيم المقسم اصلا وتفتيت المفتت. ان جميع المناطق في دولة الشناجطة تحتاج الى عقد توافقي جديد يجدد رغبتهم وثقتهم في دولة واحدة حارسها الدستور والقانون وأساسها حقوق المواطنة و القيم والأعتراف المتبادل. الحاجة الى مثل هذا العقد تعزز من الإرادة والاستعداد للعيش المشترك بين ابناء الدولة الواحدة وهيكلتها، بإزالة اسباب تدهورها وفرضية احترابها. الحوض الشرقي والنموذج الماثل -
الكاتب الصحفي : مولاي الحسن بن مولاي عبد القادر