تتنوع الحركات الاحتجاجية وتكاد الخلافات السياسية والصراعات الاجتماعية تتجاوز الحدود المعهودة، فيما يظل السؤال الأهم بالنسبة للكثيرين هو "سؤال المأمورية الثالثة"! هل سيتجرأ الرئيس عزيز على تعديل الدستور للترشح مجددا لخلافة نفسه؟ أم أنه سيناور ليظل ممسكا بالسلطة من وراء حجاب على طريقة بوتين؟ أم أنه فعلا "لن يصبح عقبة أمام ترسيخ الديمقراطية" فيكون في نهاية المطاف مستعدا للتخلي عن السلطة ودعم أحد رفاقه كضمانة لنوع من الاستمرارية لنظام حكمه؟
يحجم الرئيس حتى الآن عن إعطاء جواب صريح للسؤال المطروح، مما يجعل المعارضة قلقة من أن خطة مبيتة تم إحكامها للاستمرار في السلطة ويجعل مراكز القوى داخل الأغلبية في حالة غليان متفاقمة أملا في أن يسقط الاختيار على أحدها ليلعب دور ميدفيديف.
يقود إحجام الرئيس عن الاجابة الصريحة، إلى حالة الاحتقان الراهنة، أي إلى غليان كل من الأغلبية والمعارضة، فماذا لو قطع الرئيس الشك باليقين وأعطى الاجابة المنتظرة على نطاق واسع؟ هل سيحل الهدوء محل الاحتقان؟ أم أننا سنعيش احتقانا مضاعفا تنضاف فيه مطامح ورهانات جديدة إلى طموحات وصراعات السلطة والمعارضة؟
حاول الرئيس في النعمة أن يقول بعض ما يفكر فيه، غير أنه لم يكشف عن كلما في جعبته، فتعرض خطابه لفهم أعمق من اللازم أو تم تحريفه والسطو عليه أو لم يفهم على الاطلاق، فهل يكون الرئيس قد لجأ إلى وسائل أخرى من أجل التعبير عن أفكاره؟ وهل يمكن للإشارة أحيانا أن تكون بالفعل أبلغ من العبارة؟
يفرض السؤال الأخير نفسه بعد الزيارة التي قام بها الرئيس مؤخرا لمدينة نواذيبو و "اللقطات" التي نشرت له في وسائل إعلام رسمية مع قائد الأركان العامة للجيوش الفريق محمد ولد الغزواني، حيث بدا هذا الثنائي –كعادته في اللقاءات العامة- منسجما، جديا ومكتفيا بنفسه عن الآخرين!
ينهمك كل من الرئيس عزيز والفريق غزواني –في اللقطة أو اللوحة الأولى- في قطع الشريط الرمزي لإعطاء إشارة انطلاق طوافتي تمبدغه وغورغول، في مشهد قد يحمل دلالات معبرة في زمن التحريف والشرح ولربما حمل إجابات أكثر من غيره عن التساؤلات المطروحة!
في المشهد يبدو الزمن وكأنه في حالة توقف، مفسحا المجال أمام حوار صامت بين ثنائي ينجز المهمة بنفسه ومن دون الحاجة لأي دعم خارجي، يستعد الرئيس للإجهاز على الشريط الرمزي ومن النهاية الأخرى يتمدد الشريط وكأنه يحاول أن يلف ذراع الفريق وسط ذهول بل "غياب" الحضور، حيث الحكومة تبدو –من جهة- منصرفة عن المشهد ومن جهة أخرى تحاول البقاء في الصورة دون أن تحوز على كبير دور.
ومن بعيد تلوح الادارة وقد شاخت لدرجة باتت معها في أمس الحاجة لمن يجدد لها شبابها، فيما يكتفي الحضور من العسكر بمراقبة المشهد في حالة وجل ومن دون أي تدخل، حتى الأمن الرئاسي المعروف بتدخله في أدق التفاصيل يتصنع الانشغال للتخفي أو يكتفي بإلقاء نظرة حذرة عن بعد!
في المشهد الثاني يستمر الحوار الثنائي في غياب الجميع، تستمر الجدية ممزوجة هذه المرة بابتسامة من نوع ابتسامة "الموناليزا"، تغيب الحكومة والعسكر ليتركا مكانهما للصحافة، يتسلم الرئيس هديته بهدوء ورحابة صدر، فيما تحتل هذه المرة ساعة الفريق واجهة المشهد لتذكر المشاهدين بالزمن الذي يعيشون فيه أو ربما لتذكير المتصارعين بالتوقيت الصحيح الذي ينبغي عليهم ضبط ساعاتهم عليه.
اقلام