لقد كان التجاوب الشعبي الإيجابي والعفوي على امتداد التراب الوطني وخارجه مع خطاب رئيس الجمهورية الأخ محمد ولد عبد العزيز في النعمة صباح الثلاثاء 03 مايو 2016، وما حمله هذا الخطاب الرئاسي من مضامين مقنعة وتوجهات واضحة نحو المزيد من الانفتاح على كل الأطياف الاجتماعية والسياسية الوطنية، ومن تأكيدات جادة وضمانات صريحة بالمضي قدما في احترام إرادة الشعب الموريتاني ومقدساته الدينية ووحدته الوطنية، وثوابت سيادته وأمنه واستقراره، والالتزام القوي بتدعيم أسس ومبادئ وقيم الجمهورية، والتشبث المتين بمرجعيات دولة القانون والتعددية الديمقراطية، كان كل ذلك على ما يبدو للرأي العام الوطني والدولي ولأكثر المراقبين الوطنيين والأجانب مثار ارتباك وتململ كبيرين وغير مسبوقين في صفوف من اعتبروا أنفسهم قبل أن يعتبرهم الآخرون أقلية الأقلية في مواجهة أغلبية سياسية وشعبية وديمقراطية صنعها الشعب الموريتاني ومنحها ثقته باستمرار عبر صناديق الاقتراع على مدى دورتين انتخابيتين رئاسيتين عام 2009 وعام 2014 على التوالي، وكذا في الانتخابات البلدية والتشريعية لعام 2013.
وفي خضم جميع تلك الاستحقاقات الانتخابية التي جرت كلها على مسمع ومرأى من كل أشقاء وأصدقاء وشركاء موريتانيا على المستويات العربية والإسلامية والقارية والإقليمية والدولية، كانت إرادة الانفتاح والدعوة إلى الحوار بين شركاء الهم الوطني الموريتاني دون استثناء عنوانا بارزا وخيار لا يتزحزح لدى رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ولدينا في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية وفي كل مكونات وأحزاب الأغلبية السياسية، رغم نزوع المعارضة المقاطعة للمسار الديمقراطي والرافضة للحوار وللتعاطي الديمقراطي البناء تارة إلى لغة العنف اللفظي والمادي ومصادرة خيارات أغلبية الموريتانيين، وتارة أخرى إلى اللجوء إلى أساليب الاستصدار الفاشل لثورات وحروب أهلية عانت من ويلاتها شعوب دول شقيقة واكتوت بنيرانها المنظومة الدولية جمعاء، إرهابا وتدميرا وزرعا للفتن والحروب العبثية، كما ظلت هذه المعارضة المعزولة داخليا وخارجيا متمادية دون حياء في غيها وضلالها، ضاربة عرض الحائط بالدروس والتجارب التي خاضتها في مختلف مراحل تفككها وتحللها الفردي والجماعي.
وما دامت التقديرات السيئة تؤدي حتما إلى النتائج السيئة، كان لزاما على صف روافض الحوار الديمقراطي، أشهرا قليلة بعد تشكيل منتداه الهجين، أن يتجرع بمرارة كأس هزيمة جديدة للمراهنة غير المحسوبة على تأليب الرأي العام الوطني والدولي ضد مسار ديمقراطي ناجح وشفاف، عيبه الوحيد أنه لم يمكن مرتادي منابر إثارة الفتن وسدنة خطاب التفرقة والتشرذم من تحقيق مآربهم في الوصول إلى دفة الحكم عبر أقصر الطرق، من وجهة نظرهم، ودون دفع ثمن الاستحقاقات الديمقراطية الشفافة.
واليوم وبعد أن ظل رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز منذ عام 2005 أبا حنونا للديمقراطية وحضنا حاميا لها بفضل جهوده المحفوظة في حماية الحريات والذود عن سيادة الشعب، كما ظل سيادته على مدى السنوات الخمس المنصرمة صاحب المبادرة الصادقة والالتزام الوفي بالدعوة في كل المناسبات إلى قيام حوار وطني شامل دون قيود أو شروط أو محاذير، اختارت جوقة روافض التعاطي الديمقراطي في المنتدى المشلول وغيرهم من الخوارج على منطق الرأي والرأي الآخر، والهاربون من استحقاقات الحوار الديمقراطي الوطني البناء دون سقف وبلا قيود ودون مصادرة، اختاروا بكل عنجهية الركون إلى لغة التهديد والوعيد بالعودة إلى التحريض على العنف السياسي والانقلابات والويل والثبور لكل من لا يوافقهم الرأي بشأن حوار يريدونه على مقاساتهم وبأبعاد أحلامهم الخرقاء بمسح الطاولة وإقصاء القوى الوطنية الخيرة في الأغلبية والمعارضة المسؤولة من مربع الحوار الوطني الجاد ليفرضوا محلها تفاصيل أجندتهم السياسية غير الواقعية التي تقضي بقلب الطاولة على الجميع ورسم خارطة سياسية جديدة بفرشاة أقلية عزلتها صناديق الاقتراع وسفه الشعب الموريتاني أحلامها باستمرار خلال كل الاستحقاقات التي شاركت فيها وحتى في تلك التي اختارت مقاطعتها.
وإننا في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية بعد كل ذلك لنعبر عن ما يلي:
1ـ تشبثنا وبكل صرامة وتصميم بمواصلة المساعي الخيرة لإطلاق الحوار الوطني الشامل الذي دعا له رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز في خطاب النعمة يوم 03 مايو 2016؛
2 ـ رفضنا القاطع لمنطق التهديد والوعيد الذي تضمنه البيان الذي أصدره " المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة" يوم الأحد 29 مايو 2016 بشأن تصميمنا في الأغلبية الرئاسية على المضي قدما في السعي إلى إطلاق الحوار الوطني المنتظر، معتبرين مضمون هذا البيان برهانا آخر على تعنت منتسبي معسكر المعارضة الرافضة للحوار أمام الدعوات المتكررة للمشاركة في حوار وطني جاد وبناء، كما نعتبره تأكيدا لا يقبل التأويل على إصرار مدمني التصرفات الفردية لبقايا أيتام الأنظمة الدكتاتورية البائدة فكرا وممارسة، على ما درجوا عليه من ممارسة مكشوفة وموثقة تاريخيا لسياسات الإقصاء والمصادرة وتكميم الأفواه أيام كانوا في سدة الحكم، كما يمارسونها اليوم حتى وهم في صف المعارضة التي يفترض أن تكون ديمقراطية متحررة من رواسب الفكر الأحادي؛
3 ـ مطالبتنا الرأي العام الوطني والدولي بتسجيل مواقف قوية وواضحة من مضمون البيان الصادر عن المنتدى في ظل المطالبات المتكررة من الداخل والخارج بضرورة قيام حوار وطني يفتح فيه المجال واسعا وشاملا أمام كل القوى الوطنية الحية، كما نطالب كل شركاء وأصدقاء موريتانيا وكل المراقبين الوطنيين والأجانب بملاحظة الرفض القاطع والواضح الذي يواجه به أدعياء الدفاع عن الديمقراطية دعوات رئيس الجمهورية للحوار، حتى تقوم الحجة عليهم، وترد عليهم اتهاماتهم المدانة وغير المبررة لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز بدكتاتورية هم من يمارسها في الواقع، وإطلاقهم توصيفات شخصية جارحة ونابية شكلا ومضمونا في حق فخامته، أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها تنافي قيم الديمقراطية وتجانب تاريخ الوقائع والأحداث السياسية منذ عام 2005 وحتى اليوم؛
4 ـ تأكيدنا بقوة على أن قناعتنا في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية وفي الأغلبية الرئاسية بضرورة قيام الحوار الوطني الذي دعا له رئيس الجمهورية في عديد المناسبات، وكان آخرها تصريح فخامته يوم الأربعاء 25 مايو 2016 على هامش زيارته لمدينة انواذيبو، لن تتزحزح لكونها تمثل استجابة لرغبة أكيدة لدى جميع أطياف الموريتانيين باستثناء من يريدون حوارا حول نتائج وشروط مسبقة كتلك التي يشترط "المنتدى" حصولها قبل التئام الحوار، كما نجدد تأكيدنا على أن الركون إلى منطق التصعيد والهروب إلى الأمام سيظل كما عهده محترفوه أطول طريق للوصول إلى قلوب الموريتانيين ومصالح وطننا المشترك، كما دلت على ذلك ـ وكما تبرهن عليه اليوم كما الأمس ـ عبر ووقائع ودروس التاريخ، فهل من مدكر...؟.
الاتحاد من أجل الجمهورية
نواكشوط: الأحد 30 مايو 2016