معتكفو العشر الآواخر متعرضون لنفحات الشهر الكريم

أربعاء, 06/29/2016 - 15:12

ما إن تدخل العشر الآواخر من رمضان حتى يتهيأ المعتكفون لملازمة المسجد والتعرف على أحكام هذه الشعيرة التي كانت –حتى وقت قريب –شبه مهجورة في مساجد نواكشوط.

مصحف وسجادة وسبحة وناموسية هي كل ما يحتاجه المعتكف ليتفرغ للعبادة وينقطع عن مشاغل الدنيا في زوايا أحد المساجد لكن الناس يتفاوتون فمنهم من يتعكف العشر كلها ومنهم من لا يزيد على ثلاثة أيام عادة ما تكون بدء من ليلة السابع والعشرين فيما يرى آخرون في ملازمة المعتكفين وخدمتهم نوعا من المشاركة في هذا الأجر فلا يكادون يبرحون المسجد إلا لمزوالة العمل ومن ثم العودة إلى رحاب وأجواء الاعتكاف..

في المقابل تنشط جمعيات خيرية في خدمة المعتكفين وتوفير أسباب الراحة لهم وذلك في مساجد معينة فيما يتولى الكثير من هؤلاء تدبير احتياجاته المعيشية بالاتفاق مع أحد الاقارب أو الأصدقاء..

ومع ذلك فالسباق محموم للاعتكاف في مساجد بعينها لما تقدم من خدمات وبرامج للمعتكفين أو ارتباطا بقراءة إمام معين أو للاستفادة من دروسه وتوجيهاته.

في العديد من مساجد نواكشوط لا يخطؤ الداخل إليها آثار معتكفين وضعوا أمتعتهم جانبا وانخرطوا مع المصلين في غير أوقات النوم والراحة، فيما تحرص مساجد على إيجاد ساتر لعزل المعتكفين خاصة من النساء.

في مسجد التوفيق بكرفور وصل عدد المعتكفين أزيد من 200 وكان من الملفت هذا العام تزايد عدد المعتكفين من كبار السن على عكس السنوات الماضية عندما كانت الغالبية من الشباب.

وعن البرنامج يقول أحد المعتكفين إن الوقت كله مكرس للذكر وتلاوة القرآن ما عدا ساعتين تقريبا قبل التهجد واستراحة ما بعد الاشراق.

وهناك التزام بالنظام حد بشكل كبير من مظاهر الازدحام والمقاطعات التي كانت مصدر ازعاج للمعتكفين في السنوات الماضية.

مسجد التوفيف من المساجد القليلة في نواكشوط التي توجد بها مكيفات للهواء مما يخفف عن الصيام يعلق أحد المعتكفين.

ويرى المعتكفون إن الاعتكاف خلوة لله وتهذيب وتربية للنفس وربطها بمعاني الايمان والخير ومجاهدتها حتى يسهل قيادها وتتعود على الطاعات.

ويؤكد العديد من الآئمة أن جل مساجد نواكشوط يوجد بها معتكفون أغلبهم من الشباب والنساء فيما تتكفل جمعيات خيرية بأكثر المساجد إقبالا كما هو حال مسجد التوفيق بكارفور ومسجد قباء في تيارت والسنة الرباني بدار النعيم والإحسان بلكصر وغيرها.

في مسجد الذكر بتنسويلم جل المعتكفين من النساء اللائي يتبادلن مهام الخدمة،ويحرصن على تطبيق برنامج موحد في النوم والاستيقاظ، فيما تتحول الكلمات في مساجد الاعتكاف إلى دروس حول أحكام الاعتكاف وحلقات فتوى.

وتقول إحدى المعتكفات "إنها وجدت في الاعتكاف راحة بال وتنظيما للوقت خصوصا أن الجميع هنا يتعاون على توفير ظروف مناسبة للاعتكاف والتعاون على البر والتقوى"

إمام جامع التوفيق القارئ الحسن بن حبيب الله يرى في لقاء سابق مع السراج أن الاعتكاف سنة من شعائر الإيمان وأن النبي صلى الله عليه وسلم غادر الدنيا في آخر رمضان له وقد اعتكف 20 يوما.

ويقول إن سنة الاعتكاف كانت ميتة في البلد بشكل شبه كامل، وبدأت تدخل باستحياء إلى أن عمت أغلب مساجد نواكشوط.

وعن ارتباط الجامع الذي يؤومه بالاعتكاف يقول الإمام إن البداية كانت من عام 1994 وبعدد محدود وسيئا فشيئا أصبح المسجد قبلة للمعتكفين-لله الحمد- لدرجة وضع معايير لاستقبال المعتكفين من قبيل منح الأولوية لكبار السن مثلا وضرورة التقيد بعدد معين، مضيفا أن المعتكفين يستفيدون من برنامج تربوي يتضمن تنظيما لقيام الليل وقراءة القرآن والذكر والتسبيح إضافة إلى تنظيم أوقات الراحة والنوم، بما يسمح بعبادة جماعية متعددة الجوانب والمجالات، هذا بالإضافة إلى برنامج علمي يتضمن دروسا فقهية وتثقيفية في معارف الشريعة.

ويتفاؤل ولد حبيب الله بشأن تطور الاعتكاف وانتشاره في المساجد، مضيفا إن توسع المساجد وتطور خدماتها يسهم في زيادة المعتكفين.

ووفق الإمام الحسن فإن نوعية المساجد في موريتانيا وطريقة بنائها يمثل تحديا بالنسبة للمعتكفين حيث أن غالبية المساجد لا تحتوي على جوانب علوية للنساء، إضافة إلى تحدي التموين الذي قد يشوش على مظهر المساجد، مضيفا " في مسجدنا هذا تقوم جمعية بسمة وأمل على خدمة المعتكفين مما يسهم في اختفاء مظهر الأواني المبعثرة في المسجد"السراج