يقول أحد الشعراء الموريتانيين:
هـاج الـتفرُّقُ فـاعذلـيـنــــــــي أو دَعِي ** شـوقًا أصـمَّ عـن العـواذل مِسمَعــــــــــي
لا تُنكري مـنـي الشُّحــــــــــــوبَ فهكذا ** فِعـلُ الفراقِ بكلِّ صـبٍّ مـــــــــــــــولَع
حتى يقول:
قـد تعـلـمـيـن مـصـيرَ أمـرِك فـــــارْعَوي ** فـالعـلـمُ مَحْضُ الجهلِ إن لـم يــــــــنفع
وأقول:
فعلا العلم محض الجهل إن لم ينفع وينفع بمعنى ينفع صاحبه وينفع الناس وللأسف علم بعض المسئولين العرب المشاركين في القمه العربية المنعقدة في نواكشوط إنما هو علم محض جهل ....
فقد اساءوا الى البلد الذي قبل استضافتهم بعد أن رفضهم غيره.
لو كنت المسئول في موريتانيا لما قبلت بقمه تؤمها المتردية والنطيحة وما أكل السبع، قمة نصف دولها يعيش في نار الحروب ليله ونهاره والنصف الآخر يزيد النار وقودا...
قمة دولها يعيش سكانها معزولين عن بعض بسياجات وهمية طائفية ما فرضها الله عليهم ولكنهم فرضوها على أنفسهم.
موريتانيا تكاد تكون الاستثناء الوحيد الذي ينعم أهله بالمذهب المالكي الخالص لا تشوبه شائبة ويكاد لا يخلو فيها بيت من الألفيه وموطأ الامام مالك ومختصر الخليل ...
صحيح أن موريتانيا لا تمتلك فنادق على شاكلة الفيرمونت وروتانا ودوسيت وشيراتون لكنها تمتلك قوما أفقرهم يستطيع أن يستضيف القمة العربية بقضها وقضيضها كرما حاتميا لم أر له مثيلا وانا الذي عشت ربع قرن متنقلا بين الدول العربية من الخليج للمحيط.
إن الخيمة الموريتانية التي يتأفف بعض المسئولين العرب من الجلوس فيها لهي لو يعلمون تحتوي على كرم وعزة نفس وحمية للعرب لا يوجد في كل عماراتكم وأبراجكم التي ناطحت السحاب.
موريتانيا هي الدولة الوحيدة التي ترى فيها الفقر بعينك لكن لا تعيشه لأن كرم أهلها يقف حائلا بينك وبين رؤية فقرهم.
تصاب بالدهشة وأنت ترى مجموعة الضيوف الذين يستضيفهم الموريتاني وتزيد دهشتك وأنت ترى الوليمة التي أعدها لهم وتظل تقلب أفكارك يمنة ويسرى من أين له كل هذا وأنت ترى بأم عينك رقة حاله وبساطة مظهره حتى لتظن أنه قد يعجز أن يكفيهم ماء دعك عن طعام ....
إن إكرام الضيف صفة ملازمة للموريتاني كإسمه وظله، فقيرهم قبل غنيهم فهل تعجز دولتهم عن استضافة قمتكم؟
ثم اذا كانت القمة عربية فوالله وتالله العروبة متجذرة في موريتانيا أكثر من بقية أعضاء جامعتكم أجمعين ....
ما سمعت موريتانيا تعدى السابعة من عمره يلحن وهو يلقي قصيدة، حتى لتكاد تظن أنه بعث من سوق عكاظ حيث لا مقارنة بينه وبين خطاباتكم التي اعتدتم على كسر فاعلها ورفع المفعول به فيها وأكثرتم من نصب أفعالها حتى أصبح ذلك ديدن دولكم وقد انكسر فيها الفاعل حتى أصبح لا يستطيع أن يرفع عينه عن الارض وارتفع فيها المفعول به حتى أصبح هو الآمر الناهي وتحول الفعل كله نصب واحتيال.
كان حقا لكم وإذ واتتكم الفرصه لتتذكروا موريتانيا أن تشدوا اليها الرحال قبل القمة بأسبوع حتى تشاهدوا بأم عينكم كيف تستعد موريتانيا لاستقبالكم رغم ظروفها التي لم يجأروا بالشكوى منها بل توافقوا وتعايشوا معها ...
اعتذر لموريتانيا عن بعض ما أصابها فإن قومي لا يعلمون.
يكفيكم قول شاعركم رحمه الله:
ونحن ركب من الاشراف منتظم
أجل ذا الكون قدرا دون أدنانا
قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة
بها نبين دين الله للناس تبيانا.