جمهورية الاكل / محمد ولد باباه

أربعاء, 08/10/2016 - 15:11

في جمهورية 'الأكلِ' عليكَ أنْ تحترس، ربما يأكلونكَ بالخطإ، إنهم يأكلون السماد و 'گدروه' و القمامة و الحديد و السمك و الكهرباء و مُعدات الرّي و أدوات التجميل، قبل مدة أكلتْ إحداهن مبلغاً رهيباً في إحدى الوزارات و كانت حسَّاسة للغاية بحيث جرحتها تدوينات الإخوة على الفيسبوك! هذه الأيام لا صوت يعلو فوق صوتِ فضيحة 'سونمكس' التي أكلوها في الليل و إستغفروا الله في الصباح! يا جماعة إننا نتعرَّضُ للأكلِ المُمَنهج، هيَّ سُنَّةٌ عاصرناها و نحن عليها من الشاهدين، ما إنْ يحصلُ أحدهم على وظيفة ما -عبر واسطة طبعاً- حتى يشعر بجوع الدنيا و الآخرة و ينصبُّ نشاطه الدماغي في ما يدعونه محليّاً ' ألِّ أَتْوَلَّ شي ظاگو' و ينضمُّ لكتيبة المُفسدين المُظفَّرة، المفسدون يتكاثرون بسرعة ليتكاثر الفقراء بدورهم و يغرق التعليم في مستنقعات الرداءة و يحتشد المرضى أمام المستشفيات الغارقة أصلاً في الإهمال.
الفسادُ الإداري بطولة يمدحها المجتمع و علينا أن لا نخجل من تلك الحقيقة، يفوزُ أحدهم بتعيين في منصب مهم ليقوم بالزج بما استطاع إليه سبيلاً من أقاربه في وظائف طازجة كان من المفترض أنْ يدخلها المرء عبر إكتتابٍ واضح المعالم أو مسابقة شفافة، سيقومون بتمجيد ذلك الفاسد و وصمه بالكرم و 'أتفگريشْ' و صفات حميدة أخرى تشعر بالخجل منه، بكل صراحة أو بكل وقاحة، لا يهم، كل واحد منا يُمَثِّلُ مشروع مُفسد لا يحتاج إلاَّ لفرصة العمر، المسؤولية نتحمَّلُها جميعاً، إذا استمرَّ الحالُ على هذا المنوال فتوَّقعوا فضيحة فساد رائعة كل يومين.
ربما أكونُ قد بالغت في التعميم و هناك مواطنون صالحون ما تزالُ قلوبهم نظيفة، و لكنَّ الأغلبية فاسدة دون مجاملة للوطن، و ربما ما نحتاجه بالضبط هو عملية غسيل شاملة لأدمغة المواطنين و زراعة حب الوطن و مصلحته في قلوبهم، قد يكون ما كتبتُه يشبهُ هذيان عشاق التنمية البشرية و لكني على ثقة تامة أنَّ معظمكم يعرف في قرارة نفسه و أزقتها الخلفية أنَّ الفساد ينتشر بيننا جميعاً و الحل عند كل واحد منكم.

من صفحة الكاتب