يبدو ان لا احد منا قدر محمد ولد عبد العزيز حق قدره فالرجل سوبر وخارق وعنكبوتي الى غير ذلك من الصفات التي نطلقها عادة على الدمى التي تصنع العجائب وبقدرات مذهلة لكن فقط في افلام الكرتون.
رئيسنا رئيسان او ثلاثة او اربعة.
في الصباح يستقبل مبعوثا دوليا من منظمة تحارب الجريمة وعصابات تبييض الأموال والتحايل العابر للقارات، يتفقان على آلية جيدة لمحاربة هذه الآفات ويخرج المبعوث بأن الرجل هو افضل شركاء منظمته على الاطلاق.
في الليل يلبس عزيز لبسة اسبايدرمان ويطير الى البلد المجاور مالي لتصفية حساب قديم نسبيا، يحمل على ظهره محتالا آخر مع ولد له، ويمر بين غيوم انواكشوط على عجل لكنه سيتوقف قليلا ليبصق على سطح بيت احمد داداه او احد من يتحدثون باستمرار عن الشرف في السياسة، قبل ان يقضي حاجته وحوائج ضيفيه على سطح مبنى الأمم المتحدة بالحي كاف،ليحط الرحال بضيفيه اخيرا في بيت كلنا نعرفه ولا أحد منا يعرف مكانه،يرمى الحمل على البلاط ويبصق بين حاجبي عمر اليمني ويقول له غدا سيزورك اسبيدرمان زيارة اخرى تنسيك جميع من تحايلت عليهم، ايها الجنرال “العراقي”..جنرالات موريتانيا لم يحاربوا الا من اجل الوصول الى ماتحارب انت من اجله.. الاحتيال غايتنا جميعا ايها الغبي.
في الصباح يطل ولدعبدالعزيز من شرفة قصره المنيف فاذا الناس يستعدون للخروج والتسوق والعمل والدراسة في جمهورية هو رئيسها فيضحك ساخرا:يالتفاهة هذه الأرض واهلها!
ينهي لقاءاته بسرعة، يدشن حنفية في الرياض ويرسل تلغرافا لخلية اللااخلاق في الرئاسة: اليوم استهدفوا بدر الدين او الددو، او اعملوا قرعة بين المواطنين حتى نكون عادلين في الاستهداف.
يحل المساء فيلبس عنكبوتيته ويطير فوق المدينة،يومئ “للمرخي” ليقطع الكهرباء فالرجل العنكبوت يحب التحرك في الظلام،يمسك يد كمبة باه ويطيران في سحب ملبدة بالعذاب، يريد من الوزيرة المهمة ان تتعرف على من احتال عليهما وعلى ارض المنارة والرباط،المهمة الوطنية العظيمة تقتضي ان لايظلما ايا كان.
كمبة باه تعرفت على رجلها بسرعة فقد عرفته عن قرب كما يقال،وهنا كانت اشارة الضوء الأخضر ليذوق الرجل من اصناف العذاب،فعقاب اللص يأخذ اهميته من اهمية ضحيته والضحية هو الرجل العنكبوت.
تذكر “عزيز الليل” ان عليه احضار الابن الآخر من السنغال حتى يصبغ المشهد بمايليق به من تراجيديا وبكاء ونواح.
كان اليمني عصيا ما اتعب الرجل العنكبوت الذي اعتمد في عمله على ابن خاله وابن عمه،الرجلان وحدهما مؤتمنان على سر اسبايدرمان.
استعاد العزيز المبلغ المسروق وبأرباح وبقيمة مضافة..لقد كان اليمني دون ان يعلم عاملا في شركة عملاقة تعمل على تنمية اموال ولد عبد العزيز التي هي في النهاية اموال شعب موريتانيا الغارق في ظلام المرخي وتطمينات المنظومة الدولية التي حولها اسبيدرمان الى كنيف.
سيسجل التاريخ ان قائد بلد عربي افريقي لم يخضع للابتزاز ولم يقبل بأن تتحكم في مستقبله المهني والأخلاقي عصابة “حقيرة”..من وجهة نظر الصعاليك هذا فوز عظيم ونصر كبير لكن مالايدركه ابن الورد ورفاقه ان العنكبوت نهب مال ايتام وارامل ومعدمين في بلده ثم حاول بهذا المنهوب ان يستثمر في “مشروع” يستهدف السرقة من مال يفترض انه لدول اخرى واناس آخرين يعيشون وراء حدود بلده.
سيتفهم الصعاليك عملية آكرا وسيجدون لها الف مبرر لكنهم سيعارضونها بمجرد علمهم بأن رأس المال المستثمر في العملية ملك لكل من ماتوا جوعا وعطشا ومرضا وجهلا وذلا في هذه البلاد.
هذا فهم منصف للفقراء من صعلوك يعيش في الفيافي على الغصب والنهب، ترى كيف يفهم انسان يعيش في هذا القرن ان يكون رئيسه طرفا في عملية تلصص دولية ثم بعد ان يعترف بضلوعه فيها يقوم هذا الرئيس نفسه بالانتقام من شركائه في التحايل مستخدما بذلك وسائل الدولة من امن واستخبارات وطائرات وسفراء وضمير..ضمير الدولة هذا هو المتضرر الأول والأخير من رحلات اسبايدرمان هذه.
ترى ماذا لو بذل ولد عبد العزيز كل هذا الجهد وهذه الوسائل في تربية نفسه وتهذيبها وتعليمها بأنه اصبح رئيسا لدولة تحاول ان تكون محترمة بعد ان دخل بها حراما جنود لم يتعلموا في ثكناتهم ان يرفقوا بالقوارير المحرمة.