اختفى المختار السالم...لكنه تركَ أثراً طيباً
أثمنُ تذكر الإخوة والأصدقاء للغائب الحاضر في قلوبنا، منذ يوم اختفائه في الثالث من اكتوبر 1996 حيث جمعني به آخر لقاء قبل هذا التاريخ بيومين، وتحديدا في الفاتح من اكتوبر، حين التقينا من دون مواعدة، وتلك عادتنا، في بوحديدة...تجولنا معاً في الخيام المضروبة لحملة برلمانيات 11 اكتوبر، ولم آنس من أخي وصديقي المختار السالم (الصورة) ما يمكن أن أفهم منه كونه مُقدِمٌ على أمر مجهول..
ودّعتُه على أمل أن نلتقي بعد الإنتخابات، إذ يتعذر أن نلتقي في باقي أيام الحملة، لتكليفي من طرف الزميل العميد أباه ولد السالك، مدير جريدة "موريتاني نوفيل" التي أعمل بها، بالتوجه صباحاً إلى لعيون عبر الخطوط الجوية الموريتانية، ومنها إلى تمبدغة، حيث كان صراع لائحتيها محتدما، بسبب ترشيح الحزب الجمهوري للمرحومة فاطمة الزينه منت اسباغو، بدل المرحوم حمود ولد أحمدو، في لائحة واحدة مع المرحوم الشيخ محمد لمين، خاصة أن جناح حمود، المُغاضب، قد رشح لائحة، تعبيراً عن رفضه لقرار الحزب الجمهوري.
ربما، أعود بقدر من التفصيل إلى هذا النزال في فرصة أخرى...عدتُ من تمبدغة إلى لعيون، ثم إلى نواكشوط، في حدود الثالث عشر أو الرابع عشر من أكتوبر ذاته، وزارني أخي وزميلي محمدن ولد آكاه في المنزل، فهو والمختار السالم رفيقايَ في الدراسة...سألني ولد آكاه عن المختار السالم، وإن كنتُ قد علمتُ بانقطاع أخباره عن والدته ميناه منت الحسين، ووالده محمدن ولد ديدي منذ عشرة أيام؟...وافرغتُ له ما في جعبتي، مما ذكرتُ لكم آنفاً، بيْدَ أني لم أكترث كثيراً لما علمتُ من ولد آكاه، فغيابُ المختار السالم عن المنزل لأيامٍ عشرة فقط، أمرٌ جدُ عادي..كان ولد آكاه قلقاً وكنتُ متفائلاً، وافترقنا، على أن لا داعيّ للقلق.
بعد أيام جاءني ولد آكاه في المكتب، وقدم حصيلة لتحرياتٍ قامَ بها بحثاً عن مصير أخينا..وبالفعلِ حملتُ مخاوفَه على محمل الجد، فهرعتُ معه إلى منزل أهل ديدي في بوحديدة...تتبعنا آخر خطواتِ وتحركاتِ المختار السالم، سألنا كل من يمكنُ أن تكون لديه فكرة عن غيابه...أقاربَه، أصدقاءَه، الغسال، وصاحب الدكان...حتى ذوي فتاةٍ من أبناء عمومته كان قد حدثنا مراراً عن نيته التقدم لخطبتها...
كان الجميع يذكرون الرجل بخير، ويتحدثون عن مناقبه، وعن دماثة خلقه، حتى ليُخيّلُ إليك أنهم يعتقدون أنه لم يعد على قيدِ الحياة...مع أنه لا شيئ يشي بذلك، إذ ليس للرجل عداواتٌ مع أي شخص، وليس مطالباً بدين من أي كان، وليس مطلوباً أمنياً، مع أنه متسيسٌ، ولكن لا ينتمي لتيار بعينه، وإن كان أقرب إلى الفكر القومي..
أقنعني ولد آكاه بعد قرابة شهرٍ من غياب أخينا المختار السالم أن نبذلَ جهداً أكبر، فقررنا أن نقوم بتكبير صوره، لدى "توب تكنولوجي" وإرفاقها بعبارة "مفقود" وأجّرنا سيارة خاصة، وتوجهنا إلى جميع مراكز العبور على الحدود الجنوبية (روصو، جاما) وتعاونت معنا شرطة الحدود، بأمر من المدير الجهوي للأمن، ففحصنا كل سجلات الخروج، ولم نعثر على اسمه، ولا حتى على اسم مشابهٍ له، كانت السجالات لشهر كاملٍ، مبعثرةً، أيام بطاقات التعريف الصفراء...
عدنا أدراجَنا بعد أيام من البحثِ المُضني...وأملنا أن يكون المختار السالم قد عادَ بعدنا إلى أهله ومحبيه...حدثَ هذا قبل عشرين سنة، ولا جديد حتى الساعة، وإن كان محمدن ولد آكاه قد أخبرني أنه حصل على معلومات تفيد بأن المختار السالم، أو شخصاً بمواصفاته، زار باماكو ...كان ذلك قبل عقدٍ من الزمن أيضاً.
نرجوا من كل من لديه أي معلومات عنه ــ وخاصة من جالياتنا في الخارج ــ أن يتصل بنا على الرقم 0022226172383 وأجره على الله.
من صفحة الزميل عبد الله ولد اتفاغ المختار على الفيس بوك