بخصوص الأزمة السنغالية الموريتانية ،يجب أن أعترف أنني لاقيت مصاعب كثيرة مع بعض الشخصيات السنغالية في منطقة النهر المحاذية لموريتانيا. لم تكن هذه الشخصيات تريد حلا سلميا بالطرق الدبلوماسية،بل كانت تريد الحرب الفعلية مع موريتانيا.
أذكر على وجه الخصوص شخصيتين كنت أكن لهما الكثير من التقدير والإحترام وهما: الدكتور همت با الذي يكبرني في السن والذي كان ينتقدني في كل المهرجانات التي كان يقوم بمداخلات فيها وآلي بوكار جا الذي كنت معجبا به كثيرا عندما كنت شابا في الثانوية وعضوا في مجلس الشباب السنغالي - بصفته رئيسا لمجلس شباب إفريقيا الغربية الفرنسية كان الاثنان يغلبان العاطفة على العقل بيد أنهما لم يكونا وحدهما من يدق طبول الحرب خلال تلك الأزمة.
أتذكر آراء بعض الأشخاص الذين كانوا يقولون لي "السيد الرئيس ما فعلته موريتانيا غير مقبول،عليكم أن تعلنوا عليها الحرب"،كانت نفس المطالبات تأتي من بعض الفرنسيين الذين كانوا يقولون لي:"ماذا تنتظرون بعد كل ما فعلوه لكم؟أنتم مجبرون على إعلان الحرب لأنكم لا تستطيعون فعل غير ذلك".
كإنسان متيم بالسلام لم أرضخ أبدا لتحريض كهذا.خاصة لأنني أعرف أنه عندما نبدأ الحرب ،لا يمكننا أن نعرف بالتأكيد متى نوقفها.
لذلك وبفضل تسلحي بهذه القناعة أبعدت فكرة الحرب طيلة هذا النزاع مع موريتانيا وراهنت على الحل السلمي . هذا الخيار كان بالنسبة لي هو الخيار الأفضل للسنغال.
وتأكدت من ذلك فبعد انتهاء النزاع وبعد أن هدأت الأنفس علمت أن القوات المسلحة الموريتانية كانت في الحقيقة أفضل تسليحا كثيرا من القوات السنغالية.
كان صدام قد جهزها بالصواريخ والأسلحة الأخرى المتطورة وكانت خطتهم عندما تبادر السنغال بالهجوم فإن القوات الموريتانية ستكون جاهزة لتدمير سان لويس ثم داكار بعد ذلك.
لقد تأكدت من ذلك من خلال سفيري في باريس،ماسامبا ساري،الذي حصل على هذه المعلومة من فم السفير العراقي في باريس. فخلال لقاء في باريس وبعد إبداء أسفه لما حصل بين البلدين الشقيقين أكد له أنه في حالة نشوب حرب بين السنغال وموريتانيا فإن العراق سيقف بقوة إلى جانب موريتانيا لأن تلك الدولة جزء من الأمة العربية.
فالأمر يتعلق بدعم مبني ليس على الدين وإنما على إيديولوجية حزب البعث ؛ أي القومية العربية.
السفير