رؤساء السنغال: نهايات سياسية فريدة في القارة السمراء

جمعة, 10/14/2016 - 22:20

السنغال، من البلدان الإفريقية النادرة التي لم تعرف انقلابات عسكرية عبر تاريخها السياسي، ولعل من تجليات ذلك أن الـرؤساء الذين تداولوا على الحكم في هذا البلد، شهدوا نهايات سياسية فريدة من نوعها، تختلف عن المصائر التي عرفها عدد كبير من قادة دول القارة السمراء.

 

 

وبغض النظر عن محصلتهم السياسية، فقد حكام ترك حكام داكار السابقين بصمتهم في البلاد ووسموها بأفكارهم وشخصياتهم ، فيما تباينت مصائرهم بشكل كبير بعد فترة الحكم، هم على التوالي “ليوبولد سيدار سونغور” (1960-1980) و عبدو ضيوف (1981-2000) و عبد الله واد (2000-2012).

 

 

سونغور، أول رؤساء السنغال، قد اختار التنحي عن السلطة بمحض إرادته، وذلك قبل 3 سنوات من استكمال ولايته الرئاسية الخامسة. كان أديبا و شاعرا فذا وانضم إلى الأكاديمية الفرنسية في يونيو/حزيران 1983، ليصير أول إفريقي تفتح له أبواب هذه المؤسسة العريقة وليكرس حياته إلى غاية 1993 لإنتاج الأعمال الادبية المدافعة عن حقوق السود.

 

 

فضلا عن ذلك، تقلد سونغور أيضا منصب نائب رئيس المجلس الاعلى للفرنكوفونية وقد كان من أبرز مؤسسيه، قبل أن يختار العيش منعزلا في خريف حياته بفرنسا، ويفارق الحياة عام 2001 عن سن تناهز الـ 95 عاما.

 

 

ووفقا لوكالة ” الأناضول”، عرف عن سونغور أخذه مسافة من الحياة السياسية للسنغال بعد استقالته من منصبه على رأس البلاد، إلى جانب امتناعه عن التعليق على أسلوب إدارة سلفه عبدو ضيوف للحكم من بعده ، بحسب يورو ديا، مدير مكتب الاستشارات السياسي “كيس جروب”، الذي أطلق على هذا الخيار: “فقه سونغور”.

 

 

عبدو ضيوف الذي قبل بهزيمته الانتخابية عام 2000، في اقتراع لم يشهد أحداثا كبرى و لا مشاحنات بين الفرقاء و مناصريهم، كان خروجه، بشهادة المجموعة الدولية، هادئا و مشرفا.

 

 

ولم ينتظر ضيوف طويلا بعد فترة حكمه كي يتقلد منصب رئيس المنظمة الدولية للفرنكوفونية في 20 أكتوبر/تشرين الاول 2002، قبل أن يعاد انتخابه في نفس هذا المنصب في مناسبتين (2006 و 2010).

 

 

ضيوف، البالغ من العمر 80 عاما في الوقت الراهن، اختار أن يشارك تجربته الطويلة عبر نشر مذكراته عام 2014، مؤلف ضمنه أهم محطات مساره السياسي وهو الذي شغل منصب رئيس حكومة في عهد الرئيس سونغور، ويصعد إلى الرئاسة عام 1961.

 

 

في المقابل، يبدو مصير عبد الله واد الرئيس السنغالي الأسبق، مختلفا عما عرفه سابقيه، وهو الذي لم يخرج من الحكم بطريقة لائقة بحسب الإعلامي ”إيبو فال”، صاحب الصحيفة الهزلية الوحيدة بالسنغال، بعد أن شهدت نهاية ولايته السياسية احداثا أسفرت عن سقوط أرواح بشرية في فترة ما بعد انتخابات 2012.

 

 

أحداث نجمت عن رغبة واد في الترشح لفترة رئاسية اعتبرها خصومه السياسيون “غير دستورية”، ولم ينتظر واد طويلا قبل أن يلبس حلة المعارض فور خروجه من الحكم.

 

 

واد قطع مع “فقه سونغور” وانبرى في انتقاد طريقة “ماكي سال” في إدارة الحكم بطريقة شرسة، ولم تمنعه سنواته الـ 91 من أن يقود صف المعارضة، تماما كما كان الحال ما بين 1974 و 2000.

 

 

”رئيس دولة سابق يقتحم الحواجز الامنية للمشاركة في مسيرة ممنوعة للمعارضة”، هو أمر يستغربه يور ديا الذي يعتبر أن “واد لم يسر يوما على الخط التقليدي في ممارسة السياسة”.

 

 

ويعتبر المحلل السياسي أن “معركة واد تتمثل في تحرير إبنه كريم الذي يحاكم حاليا بتهمة ” الإثراء غيرالمشروع وتحويل وجهة أموال عمومية”.

 

 

ويختم فال بالقول إن عدم انضمام واد إلى المؤسسات الدولية الكبرى كما سابقيه، إنما يعود إلى “سنه وكذلك إلى الجدل الذي يحوم حول ولايته الرئاسية الثالثة، دون االخوض في الشكوك الحائمة حول رغبته في توريث السلطة لإبنه والفضائح المالية المرتبطة بإسمه”.