بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الكرام ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
“ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ “ لقد اطلعت متأخراعلى نفثة جديدة للمحامي محمد ولد امين أسماها النازلة يحاول فيها أن يدرأ حد الردة عن المسيئ ولد امخيطير. فقدمت رجلا وأخرت أخرى قبل أن أتوكل على الله وأكتب هذه الأسطر في الرد على ترهاته وأباطيله ولن أتتبع في ردي هذا كل ما كتبه لكي لا أطيل كثيرا فتملوا. أقول وبالله التوفيق: من عادة الموفق في ما يكتب أن يبدأه بالبسملة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فكل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بباسم الله فهو أبتر، كما في الحديث، ولا شك أن ما كتبه ولد امين ليس بذي بال فلذا لم يبدأ فيه بباسم الله بل بدأ نفثته بأبيات الزنديق أعمى البصر والبصيرة بشار بن برد لنستشف من ذلك أنه ليس بمبارك الإبتداء وأن ولد امخيطير الذي يحاول الدفاع عنه ليس إلا من اتباع بشار الذين جبلوا على الإساءة إلى الأنبياء فشهد البيتان عليه من حيث أراد أن يكونا شاهدين له وبئس الافتتاح لمقالة في الدفاع عن الزنديق المرتد بأبيات شعر لزنديق آخر فضل ابليس على آدم عليه السلام، أليس هو القائل والعياذ بالله: إبليسُ أفضلُ من أبيكم آدم @ فتبينوا يا معشر الفجار النارُ عنصره وآدم طينة @ والطين لا يسمو سمو النارِ أليس هذا موافق مطابق لكلام ابليس والذي حكاه عنه الله تبارك وتعالى في قوله:” قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ”. محامي الشيطان، إن كان لا بد لك من الافتتاح بشعر بشار، هلا افتتحت بأبيات من نفس القصيدة، كأنه عناك بهم أنت وولد امخيطير ومن على شاكلتكما وجعلتهم لسان حالكم: تعود بنفس لا تزال عن الهدى @ كما زاغ عنه ثابت وأقاربه دعا ابن سماك للغواية ثابت @ جهارا ولم يرشد بنيه تجاربه ونادى سعيدا فاستصب من الشقا @ ذنوبا كما صبت عليه ذنائبه في قانون الكنيسة الكاثوليكية الرومانية توجد وظيفة تم استحداثها في القرن السادس عشر الميلادي تسمى باللاتينية والمصطلحات الكنسية ب” advocatus diabolic” والشائع عندنا اليوم هو استخدام المقابل الفرنسي ” L’Avocat du Diable” أو محامي الشيطان وتتلخص مهمة هذا المحامي المدافع عن الباطل في مجادلة الحق بنقيضه من الباطل ومناقشة الأدلة القوية الصريحة التي تثبت الجرائم الشنيعة على المتهم رغم علمه أن صاحبه المدافع عنه – الشيطان – لا مخرج ولا مناص له من فعلته تلك لعظم جرمه. لم أجد وصفا لولد امين والمسيء المدافع عنه ولد امخيطير سوى نعت الأخير بالشيطان والأول بمحامي الشيطان ولربما يكون ولد امين تعلم مهنة وثقافة الدفاع عن الشياطين في الجامعة الكاثوليكية – Universite Catholique de Louvain – التي درس فيها في بلجيكا، فهي وظيفة استحدثها الكاثوليك ويصدق عليها قوله تعالى ” ومن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا ” ، ومن أقبح الشفاعة السيئة، الشفاعة في حد من حدود الله ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة : أتشفع في حد من حدود الله؟! فما بالك بمن ينافح عنه ويجادل عنه. والكفل في الآية هو النصيب المكفول للشافع – محامي الشيطان – من سوء العاقبة والعياذ بالله ولا تسال عما سيناله من الخذلان في الدنيا والخزي والعذاب في الآخرة، أجارني الله وإياكم. فكما أن صاحبه بشار بن برد الذي تمثل بشعره واستفتح به مقالته، بدل البسملة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، هو شاعر أعمى البصر والبصيرة – وما يستوي الأعمى والبصير – فمحامي الشيطان عميت بصيرته عن الحق فزينت له الدفاع عن المسيء الشيطان وذلك ليس بالغريب فكم من شخص زين له الشيطان سوء عمله. لقد استهل محامي الشيطان نازلته هذه – مع أنها لا يصدق عليها تعريف الفقهاء للنوازل، إلا إذا كان أراد بها أنها أنزلت المسيء ومن دافع عنه إلى الدرك الأسفل – برؤيا لرجل شريف قال فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يعطي ولد امين مبلغا من المال، وعدها ولد امين مفخرة له ودليلا على حبه للنبي صلى الله عليه وسلم ووسيلة للدفاع عن ولد امخيطير وجهل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث البخاري ” والذي أدع أحب إلي من الذي أعطي ” وغاب عن ذهنه: لماذا لم يحظ هو بنفسه بشرف رؤية النبي صلى الله عليه وسلم؟ ولماذا أمر له بمال من حطام الدنيا؟ فهذه الرؤيا – إن صدقت – فهي إن سرت فلا تغر ولي تفسيري وفهمي لها عكس ما أراد هو بذلك، فالمبلغ الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطى له وأوكل بذلك رجلا من العترة الشريفة أعتبره من باب عطاءه صلى الله عليه وسلم مال الغنائم بعد الفتح ويوم حنين لقوم حديثي عهد بالإسلام تأليفا لقلوبهم وترغيبا لهم فيه، فهم قوم كانوا يأتون رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد أسلموا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرضخ لهم من الصدقات ، فإذا أعطاهم من الصدقات فأصابوا منها خيرا قالوا: هذا دين صالح وإن كان غير ذلك عابوه وتركوه ” فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ” . ممن تألف النبي صلى الله عليه وسلم قلبه بالمال أبو سفيان بن الحارث و أبو سفيان بن حرب وابنه معاوية والحارث بن هشام وصفوان بن أمية وابنه وابن أخيه وسهيل بن عمرو وحكيم بن حزام وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس والعباس بن مرداس الذي تقالَّ ما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه حتى رضي وحويطب بن عبد العزى وغيرهم الكثير ممن كان شديد العداوة للاسلام ولكنه تظاهر بالاسلام بعد الفتح ويوم حنين فكان صلى الله عليهم وسلم يعطيهم المال تألفا لهم رجاء أن يحسن إسلامهم ويزول بغضهم للاسلام ولنبيه صلى الله عليه وسلم وهو ما تم فعلا لأكثرهم وهذا واضح في قول صفوان بن أمية: ” لقد أعطاني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وإنه لأبغض الناس إلي ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي” . ألم ترَ أنه صلى الله عليه وسلم لم يعط جعيل بن سراقة الضمري شاة ولا ناقة واحدة فقال قائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه : يا رسول الله ، أعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة مائة ، وتركت جعيل بن سراقة الضمري ! ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أما والذي نفس محمد بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض ، كلهم مثل عيينة بن حصن والأقرع بن حابس ولكني تألفتهما ، ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه “. إن صدقت الرؤيا، فهذا ربما يكون تألفا، لمحامي الشيطان، على الإسلام الذي لم يوكل إليه ولا إلى إيمانه ، بل خيف عليه لا كما أوكل النبي صلى الله عليه وسلم جعيلا إلى إسلامه ولم يعطه درهما ولا شاة. ولذا بوب مسلم في صحيحه ” باب إعطاء من يخاف على إيمانه” ومسلم عندي كالبخاري عند العلماء إذ فقهه هو أيضا في عنوان أبواب صحيحه وفي هذا الباب في حديث الرجل الذي لم يعطه النبي صلى الله عليه وسلم من مال الغنائم، قال فيه عليه الصلاة والسلام :”إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكب على وجهه في النار” مجاوبا من ذكًر به النبي صلى الله عليه وسلم، وقال العلماء في معناه أنه أراد إني أعطي ناسا مؤلفة ، في إيمانهم ضعف ، لو لم أعطهم كفروا فيكبهم الله في النار ، وأترك أقواما هم أحب إلي من الذين أعطيتهم ولا أتركهم احتقارا لهم ولا لنقص دينهم ولا إهمالا لجانبهم ، بل أكلهم إلى ما جعل الله في قلوبهم من النور والإيمان التام ، وأثق بأنهم لا يتزلزل إيمانهم لكماله وفي حديث آخر:” ” فوالله إني لأعطي الرجل وأدع الرجل ، والذي أدع أحب إلي من الذي أعطي ، ولكني أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع ، وأكل أقواما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير ” . . ألم ترَ معي أنه صلى الله عليه وسلم لم يعط ابنته فاطمة رضوان الله وسلامه عليها مالا ولا خادمة وهي في أمس الحاجة لمن يكفيها مُؤْنة بيتها، فأمرها أن تستعين بالتسبيح والتكبير والتحميد عند نومها، وقال: “لا أُعطيك وأَدَع أهل الصُّفًّة تَطْوَى بطونُهم من الجوع ” ولم يعط الأنصار من غنائم حنين وغيرها فوجدوا عليه عليه الصلاة والسلام فجمعهم وخطب فيهم بعد أن قال له سعد بن عبادة يا رسول الله ، إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم ، لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت ، قسمت في قومك ، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار منها شيء فقال صلى الله عليه وسلم من ضمن خطبته :” أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ، ووكلتكم إلى إسلامكم ألا ترضون يا معشر الأنصار ، أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟” وصل الحد بكثير من الكفار أن يسلموا طمعاً في كرمه -صلى الله عليه وسلم- ففي صحيح مسلم عن أنس -رضي الله عنه- قال: ما سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً إلا أعطاه، فجاء رجل فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفاقه، قال أنس: إن كان الرجل ليُسلم ما يريد إلا الدنيا فما يُمسي حتى يكون الإسلام أحبَّ إليه من الدنيا وما عليها. الشيء بالشيء يذكر وبما أننا في معرض الحديث عن تقسيم الأموال وتأليف القلوب، هل تعلم أن أول مدع للاسلام طعن في عدالة النبي صلى الله عليه وسلم مثله مثل ولد امخيطير كان ذ الخويصرة التميمي وكان السبب في ذلك تقسيم الغنائم ولم تعجبه قسمة النبي صلى الله عليه وسلم لها والعياذ بالله. ولننتقل الى لب الموضوع وبيت قصيده ألا وهو محاولة ولد امين تعطيل ودرء حد القتل عن ولد امخيطير في مقال استعمل فيه مصطلحات خفيفة في جنب هذا الجرم الكبير لينعت موكله الشيطان، فوصفه ” بالمقال السخيف” و “بالغلط العلمي”، هل هذا الوصف مناسب لنعت هذه الردة والجريمة والجهالة الشنعاء القبيحة ؟ وبدلا من الإسهاب في نقد موكله لجأ للطعن في حال المسلمين والحديث عما يصفهم به الغرب والتأكيد على أن يهود المدينة لم يبادوا وما هذا إلا محاولة منه لإثارة الشكوك والجدل حول مسائل ليست في صلب نقاشنا اليوم وإخراج الحديث عن سياقه. لقد حاول ولد امين التركيز على أن ردة الساب للنبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت لها حد القتل تبعا في ذلك لقول محمد المختار ولد سيدي مولود الشهير بالشنقيطي دون دليل معتبر يدعم قولهما وخارقين بذلك فهم السلف والخلف لآيات وأحاديث صريحة وكذلك الإجماع الذي حكاه ابن المنذر واسحاق بن راهويه وابن تيمية وسحنون والقاضي عياض وهو مذهب الأئمة الأربعة ولن أناقش أدلة حد القتل التي هي أوضح من الشمس فلست أهلا لذلك وقد كفانيه العلماء الأجلاء قديما مثل القاضي عياض في الشفاء وابن تيمية في الصارم المسلول وغيرهم وحديثا من آخر من تطرق لذلك من أهل هذه البلاد الاستاذ المدرس المتمكن محمد ابن بتار ابن الطلبة في رده على الشنقيطي والقاضي ابراهيم بن يوسف ابن الشيخ سيديا فقد كفيا وشفيا جزاهما الله خيرا ولم يبقيا مقولة لقائل. استشف من الجزء الذي تحدث فيه محامي الشيطان عما حل بيهود المدينة جهله بتقسيمهم وما حدث لهم فمن المعروف لدى أهل السير والحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم منَّ على بني قينقاع وأجلى بني النضير وقتل محاربي بني قريظة البالغين بحكم سعد بن معاذ الذي ارتضونه حكما بعد نقضهم للعهود والمواثيق وخيانتهم للمسلمين وقت الحرب وبنو قريظة لم يبادو جميعا ومن ذكر محامي الشيطان من أهل العراق اليوم وأنهم من بقاياهم يحتمل أن يكون ممن ترك ولم يقتل فقد كان الصحابة ينظرون في سبي بني قريظة فمن وجدوه منهم قد أنبت قتلوه لأنه محارب ومن لم ينبت تركوه وبقي منهم كثيرون بعذ ذلك بل منهم من حسن إسلامه مثل كعب القرظي وغيره. لن أناقش معه ولا مع موكله ما حدث لليهود ولكني متيقن بحمد الله أن ما حدث لهم هو محض العدل في حق من دأبه الخيانة والغدر” الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون، فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون” ولقد ارتضى اليهود سعدا حكما، وبعد أن استدعاه النبي صلى الله عليه وسلم وهو مصاب يعالج في خباء رفيدة الأسلمية، قال سعد: آن لسعد ان لا تأخذه في الله لومة لائم ، ثم قال : احكم بقتل الرجال وسبي النساء والذرية، فقال له صلى الله عليه وسلم:” لقد حكمت فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبعة أرقعة” سأوجه لولد امين بعض الأسئلة وهو من يدعي أنه قانوني تخرج من جامعة اوروبية لعلي أخاطبه بلغة يفهمها من باب قولهم ” حدثوا الناس بما يفهمون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله” : – إذا قام شخص ما بسب آخر وتوجيه تهم شنيعة له وتبين زيفها وكذبها ؟ ما ذا تسمي هذا الفعل من الناحية القانونية؟ – ألا يسمى ما قام به في مصطلحات معلميك:délit de dénonciation calomnieuse و Diffamation و Blaspheme بعد أن ثبتت هذه التهم على ولد مخيطير باعترافك انت رغم محاولتك التخفيف مما قاله وتسميته ب”الغلط العلمي”، وما إلى ذلك من العبارات المخففة، ألا يستحق العقوبة على فعلته؟ هل تريد أن تكون عقوبة الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم هي نفسها عقوبة الإساءة لأي شخص عادي أي السجن لفترة لا تزيد عن خمس سنوات حسب القانون الفرنسي مثلا؟ فعقوبة الإساءة ينبغي أن تناسب مقام الشخص الذي وجهت إليه الإساءة فبقدر الذنب تعظم العقوبة والسجن لا يفي حق الجرم وأعظم عقاب موجود هو القتل – الخزي في الدنيا وعذاب الآخرة – وبما أنه تقرر شرعا وقانونا أن عقوبته هي القتل ولا تدرأه عنه التوبة، إذ أن التوبة تدرأ العقوبة الأخروية لا الدنيوية، أنصحك ان تقنع صاحبك , وأنت المهتم به لهذه الدرجة بأن يطلب هو بنفسه، إن كان حقا تاب، من المحكمة أن تقتله حدا لعل في ذلك تطهيرا له ينجو به من عذاب الآخرة كفعلة الغامدية التي أتت النبي صلى الله عليه وسلم وقالت أنها تريد أن يطهرها وأمرها بمراجعته بعد ولادة ابنها وفطامه فأقام عليها النبي صلى الله عليه وسلم حد الرجم فرجمها الناس حتى ماتت وقال عنها عليه الصلاة والسلام :” والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له” وفي رواية ” لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها “، فهلا جاد صاحبك بنفسه إن كان صادق التوبة؟ مع أني أشك في ما قلته من كون موكلك الشيطان تاب قبل الوصول إلى الحاكم، هل أشهد عدولا على توبته قبل ذلك؟ فالتوبة في المعاصي الأقل إثما مثل الزنا والسرقة وشرب الخمر لا تسقط الحد سواء قبل أو بعد الوصول إلى الحاكم على الصحيح المشهور، فما بالك بذنب يضاهي الإشراك بالله، لإخراجه صاحبه من الملة، وفيه حق متعلق بالغير وهو الله عز وجل ونبيه صلى الله عليه وسلم وأحياء وأموات أمته صلى الله عليه وسلم الذين آذاهم أشد الأذية فلا يمكن لأي كان أن يسقط حقه صلى الله عليه وسلم بعد مماته فالنبي صلى الله عليه وسلم هو الوحيد الذي يحق له العفو عن حقه صلى الله عليه وسلم، فقد عفا عن بعض من آذاه وأمر بقتل آخرين وأقر قتل آخرين دون أمره، فلم يتبق إلا إحلال العقوبة به لتعذر إسقاط الدعوى وتنازل صاحب الحق عليه الصلاة والسلام. – ماهو البلد الذي ارتكبت فيه هذه الجريمة الشنعاء؟ وماهي العقوبة التي يقرها قانونه في مثل هذه الحالات؟ أليس البلد هو موريتانيا ودينها الاسلام وعقوبة الزندقة وسب الرسول صلى الله عليه وسلم في القانون هي الحد الذي أقره المذهب المالكي – المذهب الرسمي للدولة – وهو القتل. – من أين لك شرعا أن السلطان هو الشخص الوحيد المخول برفع دعوى مدنية من هذا النوع؟ من حججك الواهية في نازلتك هذه هو قولك بأن الردة جريمة جنائية ويحق للسلطان إقامة الحد فيها وتعطيله، يبدو أنك لست على علم بمتى يجوز تعطيل الحدود وماهي الحدود التي يقول القائل بجواز تعطيلها ولم تقف على أقوال العلماء في ذلك ومنذ متى يحق للسلطان أن يسقط حقا هو للنبي صلى الله عليه وسلم وليس لغيره؟ – من أين لك ولهم بأن عقوبة الردة وخصوصا سب النبي صلى الله عليه وسلم هي عقوبة أخروية لا دنيوية؟ كيف أمكنك وأمكنهم فصل العطف المذكور في قوله تعالى:” إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا “، من نفى العقوبة الدنيوية بنفس المنطق الفاسد يحق له نفي العقوبة الأخروية: خفافيش أعماها النهار بضوءه @ ووافقها قطع من الليل مظلم ومن طريف جهل وخذلان محامي الشيطان استشهاده بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حبس مرتدا، ودرأ عنه حد القتل، وهذا مردود بوجوه فالقصة التي يشير إليها هي قصة رجل كفر بعد إسلامه وقتله أبو موسى الأشعري فقال عمر لرسول أبي موسى هلا حبستموه ثلاثا وأطعمتموه واستتبتموه، فهذا أولا ردته ليست في حق للنبي صلى الله عليه وسلم إذ لا تسقطه التوبة ولا يستتاب صاحبه لقصد اسقاط الحد وثانيا وجه إنكار عمر لفعلتهم هو عدم الاستتابة وقتله دون إذنه وهو السلطان الخليفة ولقد افتريت على عمر إذ قلت أنه عاقبه بالحبس. بما أنه استشهد استشهادا في غير محله بقول عمر وحرفه نصا وفهما، سأستدل عليه بعمل عمر رضي الله عنه فقد كان مسارعا دائما إلى قتل المرتدين فقد قال للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة حاطب: دعني أضرب عنقه يا رسول الله ،أو لم يقتل عمر الرجل الذي لم يرض بحكم النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده حكم أبي بكر حين اختصم إليه هو ورجل آخر، فضرب عمر عنقه وأنزل الله تبارك وتعالى قوله:” فلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا” وهذا نص في نازلتك أنت وموكلك الشيطان فهو لم يرض بحكم رب العزة والجلال والنبي صلى الله عليه وسلم وسعد في قضية بني قريظة ولم يسلم به وادعى بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعدل في حكمه عليهم وكذلك في معاملته لوحشي، ويحك وويحه من يعدل إن لم يعدل النبي صلى الله عليه وسلم. أما حكايتك عن اسلمو ولد سيد المصطف أنه قال أن “العصب” يلزم شرعا من التزم به وتترتب عنه المواساة العائلية المعهودة في مثل حالة ولد امخيطير، فقد أخطأ في هذه عفا الله عنا وعنه، إلا إذا قصد بقوله العصب الذي منه اشتقت العصبية والحمية الجاهلية، فكيف يطالب بالمساعدة في التعاقد مع محام ودفع أجرة له ليصد عن سبيل الله؟ ليصدق على العصبة قوله تعالى ” يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ “ بإذن الله. أظن أن المخرج القانوني الوحيد لك ليتحقق ما تريده أنت وشيطانك الذي تحامي عنه هو المطالبة بتغيير الدستور الموريتاني وعدم الاعتراف بالشريعة الاسلامية كدين رسمي للدولة وبالمذهب المالكي كمذهب يعتمد عليه في القانون الموريتاني، وبحذف المادة التي تبين عقوبة الزندقة وهذا أمر دونه – بإذن الله – لمس الفرقدين: لا تتعبن فدون ما حاولته @ خرط القتاد وامتطاء الكواكب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين