أنباء أطلس (نواكشوط): خلال افتتاحه للمؤتمر الدولي حول التطرف في ميزان الشرع الذي أشرف على انطلاقته الوزيرالأول السيد يحيى ولد حدمين صباح اليوم بقصر المؤتمرات في نواكشوط، أكد أن موريتانيا استطاعت ان تخطو خطوات معتبرة نحو استرداد دورها التاريخي الحضاري المتميز في نشر العلم والسلم والأخلاق الفاضلة تأسيا بعلماء شنقيط الأجلاء الذين شكلوا على مرالعصور جسرتواصل بين الحضارات والشعوب ومنارة شامخة للعلم والمعرفة .
وأضاف الوزير ان هذا المؤتمرالذي يتنزل في اطار التوجه المتنور للحكومة، يسعى إلى تصحيح المسار الفكري للأمة الإسلامية وجمع كلمتهاعلى سواء، سبيلا لرسم رؤية استشرافية موحدة للعالم الإسلامي قوامها التفاهم والانسجام والاعتراف بالآخر.
وقال إن أمتنا الإسلامية بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى استحضار معاني وقيم الإسلام المبنية على الوسطية والاعتدال والعدل والمساواة الرافضة لكل اشكال الغلو والتعصب والتشدد، مؤكدا في الوقت ذاته على مايتطلبه ذلك من مراجعة فكرية شاملة ترمي إلى تصحيح المسار وبناء منظومة فعالة تتخذ من صياغة الإنسان الغاية والوسيلة والهدف.
وعلق الوزيرآمالا كبيرة على المخرجات العلمية لهذا المؤتمر في التقارب والتفاهم دعما لمقاربة اسلامسية ناجحة مؤسسة على التنسيق المشترك والتشاور والحوار.
وبدوره أشاد العلامة الشيخ عبد الله ولد بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة بالتجربة الموريتانية في مجال مكافحة التطرف والجهود الطيبة للحكومة في مواجهة الارهاب بطريقة وسطية لامغالاة فيها ولا مبالغة، كما اثنى على جهود العلماء والفقهاء على ما يقومون به انطلاقا من عقيدتهم ومعارفهم وتراثهم الأصيل مكذبين بذلك كل الدعاوي ومفندين كل الذرائع التي تدعو إلى الحروب .
وأضاف ان اشكالية التطرف والعنف والارهاب التي تجتاح العالم في هذا العصر والتي أفقدت الناس الالفة والتوازن وشتت العائلات ومزقت القلوب ، تستوجب علاجا شموليا تتضافر فيه جهود الأمة، منبها في هذا الصدد إلى أهمية وجود حلف ثقافي وفكري موازاة مع ما يوجد من أحلاف تعتمد الأمن العسكري.
وأضاف ان المقاربات الخاصة لا تكفي وحدها لمواجهة خطرالتطرف والارهاب بل ينبغي ان تجتمع هذه المقاربات الخاصة في مقاربة شاملة من شأنها ان تمثل استنفارا للطاقات العلمية لمواجهة الظاهرة بفكر موحد.
ونبه الشيخ إلى غياب المنهجية كاشكال يواجه توحيد الجهود لمواجة التطرف والارهاب داعيا، في هذا الصدد إلى ضرورة اعتماد العلماء لمنهجية تمكنهم من تفكيك الفكر المأجور والضال وتقديم مواطن الخلل فيه تحصينا للشباب الذي يعاني من بلبلة في الفكر ناجمة بالأساس عن تلقيه لشذرات فكرية غير مؤصلة.
وتطرق الشيخ باسهاب إلى أهمية الجمع بين النصوص ومقارنتها واستخدام المنهجية الخاصة في هذا الشأن مقدما مثالا في هذا المنحى حول طريقة الجمع بين الحديث النبوي الشريف (امرت ان اقاتل الناس ...الحديث) وقوله تعالي (قل انما أمرت ان أعبد رب هذه البلدة التي حرمها وله كل شيئ وأمرت ان أكون من المسلمين وأن اتلو القرآن فمن اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل..الاية) قبل ان يخلص إلى كون الفكريعالج المرض والجيوش تعالج العرض على حد تعبيره.
وتوجه الدكتور محمد احمد راشد المزروعي المدير التنفيذي للشؤون الإسلامية بالهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بدولة الامارات العربية المتحدة باسم الضيوف المشاركين في المؤتمر بالشكر الخالص لموريتانيا على تنظيم واحتضان هذا المؤتمر الهام الذي يناقش احدى أهم الاشكاليات المرتبطة بحياة الأمم والشعوب.
واستعرض تجربة دولة الامارات في ضبط الفتوى والتصدي للفتاوى المتطرفة مشيرا إلى انشاء مركز للفتوى يعمل على ضبط الفتوى في المجتمع وتوحيد مرجعيتها وسد الباب أمام الفتاوي الارتجالية وتأمين التواصل بين المجتمع وأهل العلم الشرعي وتنمية الوعي الديني .
وبدوره أكد الدكتور محمد البشاري الامين العام للاتحاد الإسلامي الأوروبي باسم المشاركين من اوروبا وأمريكا أن مؤتمر نواكشوط ينعقد في ظرفية زمانية ومكانية حساسة ووسط تحديات جمة يواجهها المسلمون ويدفعون ثمنها غاليا.
وأضاف أن هذه التحديات تتلخص بالأساس في أربعة تحديات ، تحدي التطرف الديني باسم العنف، وتحدي التطرف العلماني الموصل إلى الالحاد، وتحدي التنصير الذي تعرفه افريقيا، وأخيرا تحدي التبشير الطائفي والدعوة إلى مفاهيم جديدة على حساب المذهب السائد.
ودعا البشاري وزارة التوجيه الإسلامي والتعليم الأصلي في موريتانيا إلى اطلاق ما اسماه فرق الطوارئ لمواجهة الالحاد الالكتروني الذي يشكل اليوم أكبر خطر يواجه فكر الشباب مؤكدا على أهمية مشاركة الجميع في هذا المجهود للمحافظة على الشباب المسلم.