بسم الله الرحمن الرحيم القائل في الذكر الحكيم "إنا خلقناكم من ذكر وأنثى و جعلنا كم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " و صلى الله على النبي الكريم محمد و آله الطيبين الطاهرين الآمرين بالعدل و الإحسان و العاملين بمقتضى أن "الإنسان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق".
وعيا منها بوضعية موريتانيا الحالية و استيعابا لموروثنا التاريخي و قدرها الجغرافي و دورها الحضاري؛
و استلهاما لمبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، و عضا بالنواجذ على قيمه الأخلاقية السامية؛
و استرشادا و استئناسا بالتجربة الإنسانية في المجال الحقوقي؛
و استنادا إلى تراث أمتنا الواسع في مجال الإبداع و دفع الظلم و مقاومة الانحراف؛
و اعترافا بالمساهمة الجليلة لكافة شرائح مجتمعنا في النهوض الحضاري و البناء المجتمعي و التماسك و الوحدة؛
و سعيا إلى تصحيح أوضاع مجتمعنا طبقا لهويته الدينية و التاريخية و الحضارية، قامت مجموعة من الأطر و الفاعلين في المجتمع الموريتاني من شريحة لمعلمين، و بالتعاون و التنسيق مع حقوقيين وطالبي عدالة، بإقامة صرح حقوقي و اجتماعي يسمى "نداء لمعلمين"؛ يضم فاعلين، من الشريحة في كل المستويات الثقافية و الحقوقية و الحرفية، و نخبا متعددة أجمعت على ضرورة إقامة إطار يتبنى القضية الحقوقية لشريحة لمعلمين في أبعادها المختلفة و يكمل الجهود المبذولة لإقامة دولة قانون و مواطنة و مؤسسات يتمتع فيها الجميع بحقوقهم المعنوية و المادية و تشكل ضمانة للعيش المشترك في كرامة و حرية و أمن و أمان. و هو كإطار ينفتح على الجميع و يفتح صدره و عقله لكل محبي العدالة و التقدم و المدافعين عن حقوق الإنسان من كل الشرائح أو الفئات.
و يتركز هذا الإعلان حول النقاط التالية:
نظرة في التاريخ و الواقع
عاش المجتمع الموريتاني قرونا متطاولة و هو لا يعرف الدولة بمعناها الحديث الناظم و إنما تطور في بيئة قاسية احتاجت نظاما من توزيع العمل و تراتبية فرضها واقع الصحراء المتسم بالخوف و عدم الأمن على كافة الصعد الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية؛ مما خلق أرضية لسيطرة قوى العنف المادي و المعنوي، و أخر ظهور الوعي الحقوقي و قيمة الإنسان المرتبطة بطبيعته، و جعل قيما و معايير تسود في هذا المجتمع الذي رغم إسلامه شهد الكثير من الممارسات المناقضة لقيم الدين الخالدة في نصوصه المؤسسة؛ و هو ما يعتبر إحدى المفارقات الكبرى في تاريخ البلاد.
و قد عانت الفئات و الشرائح المنتجة في المجتمع من كثير من الصور السلبية و النمطية لاستدامة السيطرة عليها و إبقائها في وضعية مهمشة رغم أهمية الأدوار التي قامت وتقوم بها للمجتمع، على كافة الصعد التنموية (الصناعة، الزراعة، التنمية الحيوانية.. إلخ). و هنا لا بد من الإشارة إلى الدور المحوري الذي قامت به شريحة المعلمين بتوليها مهام الاستجابة لحاجات المجتمع الحيوية في مجال التراث المادي من صناعة الأدوات و الأسلحة و المواعين.. و هو ما يمثل إبداعا محليا قل نظيره لدى الفئات و الشرائح الأخرى و يشكل تراثا أغنى و يغني الوجهة السياحية لبلدنا حتى اليوم.
و لم يشكل الزمن الاستعماري قطيعة كبرى على المستويات الاجتماعية و الاقتصادية برغم ما أثرت نتائجه من أثر مكن بعض أبناء الشرائح من الولوج النسبي للمدرسة التي كان من المفترض لها أن تشكل قاطرة الحراك الاجتماعي. إلا أن عتاقة البنى الاجتماعية القبلية و سيطرة النخب التقليدية على الفعل السياسي، واستفحال دولة الريع والنهب، أجهض إلى حد كبير المأمول من هذه التغييرات وشكل انطباعا قويا بأن الروابط الاجتماعية، التي شكلت صمام أمان لمجتمعنا الموريتاني، في طريقها إلى التفكك والانحلال..
و بتبني الدولة للأطروحة الديمقراطية في ظروف ما بعد سقوط جدار برلين و تفكك الدولة الوطنية نتيجة مشروعها الفوقي و سيطرة النخب الأنانية الفاقدة للشرعية مرت البلاد إلى طور جديد طرح بصورة أكثر إلحاحا مسألة الفئات و الشرائح و الأدوار التي ينبغي أن تختفي في مجتمع يسعى إلى البناء الديمقراطي بأبعاده المؤسسية و الحقوقية.
و انطلاقا من هذه الرؤية الشمولية للقضية الوطنية في أبعادها التاريخية و الحضارية و مآلاتها المستقبلية فإن "نداء لمعلمين" الذي هو ثمرة تضافر جهود مناضلين و حركات و تنظيمات و منظمات تسعى إلى تطوير القضية الحقوقية للشريحة و النظر إليها في السياق الوطني العام، يعلن عن المبادئ التالية:
المبادئ المؤسسة
ينطلق "نداء لمعلمين" من المبادئ و الأسس التالية:
اعتبار الإسلام دينا و هوية و منهجا ناظما لحركة المجتمع الموريتاني (بكل أعراقه و فئاته) وضرورة تجسيد مبادئه في نصوص تشريعية و تنظيمية؛
اعتبار الوحدة الوطنية القائمة على العدالة الاجتماعية والمساواة والمعززة من قبل دولة القانون، ركيزة أساسية و خطا أحمر و شرطا مسبقا لنجاح أي نضال حقوقي؛
احترام حقوق الإنسان في أبعادها المختلفة المادية و المعنوية؛
شمولية القضية الحقوقية و اعتبارها حجر الزاوية في البناء الحقوقي الديمقراطي لدولة القانون و المواطنة؛
القناعة بدور النضال السلمي و القانوني و الفكري في تحديث وتطوير المجتمع و محاربة رواسب التخلف و تذليل عقبات الاستذلال و الاستعمار.
لم يشكل الزمن الاستعماري قطيعة كبرى على المستويات الاجتماعية و الاقتصادية برغم ما أثرت نتائجه من أثر مكن بعض أبناء الشرائح من الولوج النسبي للمدرسة التي كان من المفترض لها أن تشكل قاطرة الحراك الاجتماعي. إلا أن عتاقة البنى الاجتماعية القبلية و سيطرة النخب التقليدية على الفعل السياسي، واستفحال دولة الريع والنهب، أجهض إلى حد كبير المأمول من هذه التغييرات وشكل انطباعا قويا بأن الروابط الاجتماعية، التي شكلت صمام أمان لمجتمعنا الموريتاني، في طريقها إلى التفكك والانحلال..
و بتبني الدولة للأطروحة الديمقراطية في ظروف ما بعد سقوط جدار برلين و تفكك الدولة الوطنية نتيجة مشروعها الفوقي و سيطرة النخب الأنانية الفاقدة للشرعية مرت البلاد إلى طور جديد طرح بصورة أكثر إلحاحا مسألة الفئات و الشرائح و الأدوار التي ينبغي أن تختفي في مجتمع يسعى إلى البناء الديمقراطي بأبعاده المؤسسية و الحقوقية.
وانطلاقا من هذه الرؤية الشمولية للقضية الوطنية في أبعادها التاريخية و الحضارية و مآلاتها المستقبلية فإن "نداء لمعلمين" الذي هو ثمرة تضافر جهود مناضلين و حركات و تنظيمات و منظمات تسعى إلى تطوير القضية الحقوقية للشريحة و النظر إليها في السياق الوطني العام، يعلن عن المبادئ التالية:
افاق المستقبل و الأولويات:
انطلاقا من هذا التحليل الموضوعي للمرحلة الراهنة تتمثل أولويات النداء في:
بلورة و إعداد خطة شاملة عملية و واقعية لتطوير القضية الحقوقية لشريحة لمعلمين انطلاقا من المبادئ السابقة و انسجاما مع مستجدات الوضع الوطني و الإقليمي و الدولي؛
تعبئة كافة الجهود و الوسائل لتغيير الصور النمطية عن الشريحة وإعطاء صورة إيجابية عن دورها و فاعليتها التاريخية و الحاضرة؛
مساهمة أطر الشريحة في البناء المؤسسي (أحزاب، منظمات مجتمع مدني) و في تطوير الحكامة و قيادة الدولة.
المساهمة في التجديد و التطوير الثقافي و العلمي لموريتانيا متصالحة ديمقراطيا و متضامنة اجتماعيا و عادلة في توزيع الثروة و السلطة و المعرفة.
و تأسيسا على كل ما سبق فإن "نداء لمعلمين" يدعو الجميع (إدارة و سلطات عمومية، قادة رأي و علماء، أحزاب سياسية، منظمات مجتمع مدني و أهلي..) إلى رص الصفوف و التكاتف من أجل ترسيخ ثقافة حقوقية تمكن الجميع من بلوغ أهدافه في وحدة وطنية لا تتجاهل حقوق الشرائح و لا تهدد السلم الأهلي و المجتمعي .. و النداء باسط كفيه للكل على مذهب ابن آدم الأول لاقتحام العقبة و فك الرقبة و إطعام مسكين ذي متربة.
و نحن في النداء لنقدر و نثمن كل الجهود التي تبذلها كل الجهات و الهيئات لتطوير القضية الحقوقية في بلادنا و مستعدون للعمل معها جنبا إلى جنب. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.