للأسف يجب أن نعترف نحن في المعارضة في موريتانيا بأن خبرتنا في تضييع الفرص تفوق بمراحل مواجهتنا للنظام الفاسد الحاكم. والفرصة الآنية المضيعة هي فرصة تسجيل جمهورنا على اللائحة الانتخابية ليكون جاهزا للتصويت لنا عند أول استحقاق انتخابي نشارك فيه. فمنذ منتصف مايو الجاري وإلى غاية منتصف هذا الشهر على الأقل فتح النظام باب التسجيل على اللائحة الانتخابية لكل الراغبين.
لكن ماذا فعلت المعارضة؟
دعا المنتدى المعارض والمشكل من عدة أحزاب ناخبيه للتسجيل لكن من دون أن يقوم بأي حملة تحسيسية ومن دون أن يباشر تعبئة جماهيره ونقلهم لمراكز التسجيل. وأحزاب معارضة أخرى لها وزن دعت علنا لمقاطعة التسجيل على اللائحة. وهو أمر يثير الاستغراب، إذ كيف ترفض تسجيل جماهيرك على اللائحة وأنت تريد المشاركة أو حتى المقاطعة؟ فأنت إن شاركت صوتوا لك وإن قاطعت لم يصوتوا وتنقص بذلك نسبة المشاركة.
في المقابل نجد أن النظام الفاسد يحشد أنصاره للتسجيل بكثافة ويقوم بالحملات التحسيسية وينقل الناخبين لمراكز التسجيل.
طبعا قد يقول قائل إن التسجيل على اللائحة الانتخابية سيرفع عدد الناخبين مما يتيح للنظام بهامش أكبر للتزوير ورفع نسبة المشاركين في الاستفتاء على التعديلات الدستورية. لكن التزوير بهذه الصورة أصبح متجاوزا إلى حد كبير في بلدنا وهو من مكاسب شعبنا وحتى لو أن النظام الحالي فعله فإن المسجلين حاليا على اللائحة يكفونه في ذلك.
وقد يقول آخر إنه قبل كل انتخابات يفتح التسجيل على اللائحة الانتخابية وحينها نسجل عندما نريد المشاركة. وهذا يرد عليه بأن من ضمن لك ان النظام سيفتح باب التسجيل في ظروف ملائمة، ومن يضمن لك تسجيل كل جماهيرك بعد أن فوت فرصة تسجيلهم مرات ومرات سابقة؟ وأيضا تنقل الناس يصعب معه التسجيل مما يحتم استغلال كل فرصة للتسجيل حتى نضمن تسجيل ناخبينا المفترضين.
حقيقة لا نتعلم من الأخطاء. في عام 2009 وبعد الانقلاب العسكري قرر الانقلابي محمد ول عبد العزيز تنظيم انتخابات رئاسية في 6 يونيو، وفتحت اللائحة الانتخابية للتسجيل وبما أن المعارضة كانت مقاطعة لم تسجل أنصارها على اللائحة الانتخابية، ولكن العسكر استغل الفرصة وسجلوا من يتبع لهم من الناخبين بكثافة. ثم ألغيت الانتخابات وجرت مفاوضات بين الانقلابيين والمعارضة انتهت بالاتفاق على إجراء الانتخابات الرئاسية يوم 18 يوليو الموالي. وطبعا لم يعد بمقدور المعارضة تسجيل أنصارها للأسف. وهذا كان واحدا من بين الأسباب التي جعلت الانقلابي محمد ول عبد العزيز يفوز بالرئاسة من شوطها الأول بنسبة فاقت 52%.
والمعارضة الآن ومنذ 2009 لم يهتم أغلبها بالتسجيل على اللائحة الانتخابية لأنها كانت مقاطعة لكل الاستحقاقات تقريبا كالانتخابات الرئاسية 2014 والبرلمانية كذلك عدى حزب تواصل الذي شارك في الأخيرة. وهذا يعني أن كثيرا من جماهيرها غير مسجل على اللائحة للأسف.