الحمد لله القائل: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين) والقائل: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) والقائل: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) وصلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد القائل: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) وبعد،
فإن الله سبحانه وتعالى جعل بلادنا بفضله، وله الحمد والمنة، منارة علم وإيمان وعمل يشهد القاصي والداني بعطائها العلميومحبة أهلها للنبي صلى الله عليه وسلم،وتراث علمائها وأدبائها، نثرا وشعرا، شاهد بذلك. ومن المؤسف حقا أن يحاول بعض السفهاء تشويش هذه الصورة المشرقة، لتصبح بلادنا، بين عشية وضحاها، تذكر في عداد الدول التي يغرد بعض أبنائها خارج سرب المحبة الفياضة للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وذلك بظهور مسيء على نفسه سجل اسمه – والعياذ باللـه - في ديوان المستهزئينوالمتطاولين.
ورغم أن أمثال هذا المسيء المجترئ على اللـه ورسوله لن يضروا إلا أنفسهم، فقد قال جل من قائل: (إنا كفيناك المستهزئين)،وقال: (يريدون أن يطفئوا نور الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون)،وقال: )هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)، رغم ذلك، فإن ما وقع يرتب علينا اليوم قيادة وشعبا علماء ومفتين وقضاة وباحثين ومربين وأدباء وإعلاميين رجالا ونساء مسؤولية غسل العار عن بلادنا والحفاظ على وسامها المميز في نصرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومحبته والذب عن جنابه المنيف. وهي مسؤولية يتعين علينا أن ننهض بها بكل ما أوتينا من طاقات معنوية عظيمة سجلها التاريخ بحروف من ذهب.
نحن مدعوون جميعا في هذه الأيام التي صدر فيها حكم محكمة الاستئناف في انواذيبو إلى وقفة حازمة للتذكير بمقتضيات شرع الله تبارك وتعالى، وتطهير بلادنا من كافة أنواع التطاول على الجناب النبوي، عاضين على السنة بنواجذنا، متمسكين بقيمنا السامية الخالدة التالدة،عاملين على تنمية غراس المحبة في نفوس كل أبناء الوطن. ويقتضي ذلك منا جميعا التنديد بكل ما يخالف هذا المنهج المعروف لنا الذي رضعه أطفالنا وشب عليه فتياننا وتوارثته الأجيال تلو الأجيال وهو منهج اتباع الصحابة في محبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم والتنافس في هذه المحبة، مترسمين خطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في محبتهم للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: الصديق رضي الله عنه الذي كان يمشي في طريق الهجرة أمام النبي صلى الله عليه وسلم تارة ويمشي خلفه تارة ليفديه بنفسه والفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قال والذي أنزل عليك الكتاب لأنت يا رسول الله أحب إلي من نفسي التي بين جنبي وذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي ضرب أروع مثال في يوم صلح الحديبية حين خاطر بنفسه وذهب إلى قريش وحيدا فكافأه النبي صلى الله عليه وسلم بأن بايع عنه بيده الشريفة، وعلي رضي الله عنه الذي كان يقول: كان رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم أحب إلينا من آبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمإ، وكل الذين ساروا على نهجهم من الصحابة والتابعين وأولياء الله الصالحين الذين سطروا صفحات خالدة في محبة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ونصرته.
أين نحن من أولئك وفينا مسيء على نفسه ينتهك أقدس الحرمات والعياذ بالله يتنفس من هواء بلادنا ويطأ أرضها الطاهرة الطيبة التي لم تنبت سوى ثمرات محبة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم!
لذلك فإنني شخصيا ومن هو مني وإلي في التجمع الثقافي الإسلامي أذكر وأؤكد ما يلي:
أولا: لقد كنا بحمد اللـه في التجمع الثقافي الإسلامي أول المبادرين باعتماد محامين للذب عن الجناب النبوي، وذلك فور ظهور تلك الإساءة، سعيا منا لإيقاف المسيء عند حده وتطبيق شرع الله فيه وتحصين شبابنا من هذه الظاهرة الخطيرة الدخيلة على مجتمعنا. ومسيرتنا بحمد الله في نصرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وفي السعي لغرس محبته في نفوس الأجيال جزء من إيماننا وعقيدتنا ولا تحتاج إلى دليل نحمد الله سبحانه وتعالى على ذلك، ونسأله أن يجعله خالصا لوجهه وأن يديم علينا هذه النعمة، وأن يوفقنا في ما نحن بصدده حاليا من تنظيم مؤتمر جديد لنصرة النبي صلى اللـه عليه وسلم وفي سائر نشاطاتنا المستقبلية المشابهة.
ثانيا: أؤكد أن ما صدر في بيان السادة العلماء وفي مقدمتهم العلامة الشيخ محمد فال اباه بن عبد الله - حفظهم الله جميعا - هو الموقف الشرعي المعول عليه، وهو ما ينبغي اعتماده على مستوى القضاء وتطبيقه على أرض الواقع درءا للمفاسد وجلبا للمصالح وصيانة للعرض العام لهذا البلد حتى لا يتكرر مثل هذه الحادثة في المستقبل، وحتى تكون ذمة أهل البلاد أمام الله ناجية وحتى تظهر بلادنا أمام الله وأمام الجميع بالمظهر اللائق بالجمهورية الإسلامية الموريتانية.
ثالثا: نؤكد ثقتنا في الله سبحانه وتعالى ثم في فخامة السيد محمد بن عبد العزيز رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية وهو رئيس المجلس الأعلى للقضاء ونثني على مبادرته بدعوة النيابة العامة إلى استئناف الحكم، ونناشدالسلطات القضائية المختصة من أجل مراجعة الموقف بما يرضي الله جل وعلا، وبما يتناسب مع الشريعة الغراء ويحفظ لبلادنا كرامتها وسيادتها وموقعها بين الدول وحاضرها ومستقبلها، ويجعلها نموذجا لإعلاء كلمة الله والوقوف مع الحق بحزم وصرامة وإن أملنا في الله كبير وثقتنا في رئيس الجمهورية تتجاوز المطالبة بالموقف الشرعي في حق هذا المسيء لنفسه إلى اعتماد خطة عمل كاملة تضمن تجفيف منابع الإساءة داخل بلادنا وتؤمن عقائد أجيالنا وتوفر لهم أسباب المناعة الإيمانية، في مواجهة تيارات الإلحاد والتغريب والتهويد تحت مظلة حرية التعبير.
وفي هذا الإطار فإنه علينا في موريتانيا وعلى قيادتنا، وعلى جميع أطياف شعبنا مفكرين وقادة رأي وفاعلين في المجتمع المدني وإعلاميين أن نتعاون من أجل تحصينمجتمعنا من هذه الظاهرة السيئة التي تعرض الأمم إلى فقد هويتها وإلى سلب مقوماتها الذاتية وإلى الوهن والتفكك بل علينا أكثر من ذلك أن نكون فاعلين مؤثرين في المنظومة الدولية الغربية التي تصدر لنا هذه السموم. علينا أن نسعى للتأثير في كل مكان من العالم ظهرت فيه إساءة للجناب النبوي الشريف، وأن نكون فاعلين ومؤثرين في الرأي العام في الدانمارك وهولندا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكيةوفي كل مكان من العالم أراد سفهاؤه أن يتطاولوا على مقدسات هذه الأمة وبهذا فقط يحق لنا الاعتزاز باسمنا الذي حملناه منذ إنشاء هذا البلد (الجمهورية الإسلامية الموريتانية). وبهتظل بلادنا منارة شامخة في نصرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. وبه ننال رضى الله تبارك وتعالى ونفتح لشعبنا سبل السعادة في الدنيا والآخرة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من رواد نصرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وأن ينشر محبة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في نفوس أجيالنا صغارا وكبارا نساء ورجالا وأن يبعد عنا وعن بلادنا وعن أمة الإسلام كل سوء ومكروه وأن ينصر الإسلام والإيمان والإحسان إنه ولي ذلك والقادر عليه وما ذلك على الله بعزيز.
من المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى التسليم
بتاريخ الجمعة 21 صفر الخير 1439 هـ 10 نوفمبر 2017م
الشيخ محمد الحافظ النحوي
رئيس التجمع الثقافي الإسلامي