اتهم الدكتور محمد محمود ولد اماه رئيس حزب الاتحاد الشعبي الديمقراطي UPSD الرئيس محمد ولد عبد العزيز بمحاكاة ملوك فرنسا القدماء من خلال الممتلكات التي حصل عليها في كل القطاعات والتي تشمل ما وصفه ولد اماه بمناطق جميلة على امتداد التراب الموريتاني.
وأضاف ولد اماه خلال مقابلة مطولة مع جريدة "القلم" أن تلك المناطق حولت إلى منتزهات للرئيس وأن بعضها محروس من قبل الجيش ذاكرا منها بالاسم: تفلي وفاي وتيريس وبنشاب وواد النعام، وهو ما قال ولد اماه إنه صبغة مبسطة تحاكي قصور وأراضي صيد ملوك فرنسا القدماء على حد وصفه.
وفيما يلي نص المقابلة:
أولا: القلم، يواصل الرئيس ولد عبد العزيز إعلانه عدم الترشح لمأمورية ثالثة، كما يحظره عليه الدستور. ما هو رأيكم حول ذلك؟
د. محمد محمود ولد اماه: مع تطور الأحداث، توصلنا إلى قناعة بأن الرئيس ولد عبد العزيز لن يترك السلطة بمحض إرادته، لسبب بسيط هو أنه لا يثق في أحد؛ سواء كان ذلك الشخص الذي يدعي أنه يدعمه دمية أو مجرد صمام واق أو رجلا حديديا يضمن سلامته وسلامة ممتلكاته: تلك الممتلكات التي ما فتئت تنمو وتخوِّف والتي لا يخفيها المعني أيّما إخفاء، وتشمل كل القطاعات، بدءا من العقارات (تشييد المباني والأبراج)، وبناء الطرق وتأجير آليات الهندسة المدنية، وشركة الحفر، والصناعات الزراعية الرعوية، مرورا بالبنوك والشركات الصناعية والتجارية، وشركات التأمين وتوزيع المنتجات البترولية، الوطنية للنفط (NP)... الخ؛ إلى جانب المناطق الجميلة، على امتداد التراب الوطني، والتي تم تحويلها إلى منتزهات للرئيس، وهي مسورة وبعضها محروس من قبل الجيش، وتشمل تفلي، وفاي، وتيريس، وبنشاب، وواد النعام... الخ... إنها صيغة مبسطة تحاكي قصور وأراضي صيد ملوك فرنسا القدماء.
إن الموريتانيين المشغولين بالصراعات بين الأعراق وداخل نفس القبيلة ونفس العرق والتي يغذيها النظام ويجعل منها أداة للحكم، لا يعبئون بعواقب ارتباط ثروة الرئيس بالسلطة وبتسييرها وحفظها واستثمارها بالنسبة لمستقبل بلادنا. فلا بد إذن من الحديث عن ذلك.
سيبذل الرئيس ولد عبد العزيز قصارى جهده للبقاء مسيطرا على السلطة، سواء بتغيير شكل هذا النظام أو دون تغييره، وسواء كان رئاسيا أو برلمانيا. فبالنسبة له، فالشيء الأساسي ليس السلطة في حد ذاتها وإنما السلطة من أجل الحفاظ على الثروة التي كدسها مع تنميتها.
إذا تُرك ولد عبد العزيز وشأنه، فإنه يفضل النظام الرئاسي لأنه رجل لا يقبل سوى لقب الرئيس، حيث تتطلب وظيفة رئيس الوزراء العمل المتعب وليس من طبيعة ولد عبد العزيز أن يعمل كثيرا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الوظيفة لن تترك له الوقت الكافي لرعاية أعماله. ومن حيث الاختيار، يحتاج إلى فترة رئاسية ثالثة، وإلا، فرئيس حكومة يتمتع بصلاحيات الرئيس. لكن المأمورية الثالثة تتطلب الضوء الأخضر من القوة الاستعمارية السابقة، على الرغم من عدم احترامه للدستور وللشعب الموريتاني.
لسوء حظه تجري الرياح بما لا تهوى سفنه: إن الاتفاق الذي كان سيوقعه مع السلفيين للاحتماء من الهجمات الإرهابية، وهو الذي غالبا ما يسافر إلى شرق البلاد، ليس من شأنه تسهيل الضوء الأخضر من قبل القوة الاستعمارية السابقة. وأمام بطء وتيرة اندماج بلادنا في مجموعة دول الساحل الخمس (G5 Sahel)، وهذا ليس سيئا في حد ذاته، تساءل الرئيس الفرنسي قائلا: "ما هي اللعبة التي يمارسها الرئيس الموريتاني"؛ في حين بدأ سفيره في نواكشوط يتحدث عن "خلف ولد عبد العزيز"، وهو الذي كان يكتفي حتى الآن فقط "بأخذ العلم بتصريحات الرئيس ولد عبد العزيز بعدم الترشح لمأمورية ثالثة".
وفي المستعمرات السابقة، التي أصبحت "دولا مستقلة"، توجد السلطة الحقيقية في يد منسقية سفراء هذه القوى الاستعمارية القديمة. إنّ البروتوكولات وقواعد الأدب الدبلوماسي بين السفراء تضع المسؤوليات على ثلاثة مستويات: عميد السلك الدبلوماسي، الذي هو الأقدم وقد لا يكون سفير قوة استعمارية سابقة؛ والسفير منسق الاتحاد الأوروبي، الذي ينسق، كما يتضح من اسمه، معظم المسائل الأوربية، باستثناء تلك المتعلقة بالمشاكل السياسية الداخلية للمستعمرة السابقة، والتي تقع صلاحياتها الحصرية على عاتق سفير القوة الاستعمارية السابقة والتي هي فرنسا بالنسبة لنا.
إن الاستقبال المدهش والحار الذي خصصه ولد عبد العزيز مؤخرا للرئيس السنغالي (والذي تبعه في اليوم التالي، رحيل سيدتنا الأولى، على متن طائرة الرئيس السنغالي، بدعوة من عقيلته السيدة مريم فاي صال) والإصرار على الاستغلال المشترك لحقول الغاز البحري تحت إشراف فرنسا، توحي بأن ولد عبد العزيز سيسعى للحصول على خدمات ماكي صال بعد طلب دعم المملكة العربية السعودية، لتقريبه من الرئيس الفرنسي، الذي يقدم نفسه على أنه أقرب الأوروبيين من المملكة الوهابية التي يتباهى الرئيسان الموريتاني والسنغالي بكونهما تلميذيها. بل إن الرئيسين قد وقعا، من بين أمور أخرى، عقودا تثبت هذا الولاء، رغم خطر التضحية بمصالح بلديهما وإلحاق الضرر بسمعتهما. فقد سلم الأول السيد السنوسي إلى الليبيين، في اليوم التالي لعودته من عمرة أداها على متن طائرة سعودية (مع العلم أن الرئيس الليبي السابق ما فتئ يسخر من الأمراء السعوديين في كل قمة عربية)، قبل قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، Haut du formulaire
أفي اللحظة التي ترسل فيها الجزائر والمغرب طائرات محملة بالمواد الغذائية. أما الثاني، فقد أرسل للتو وزير خارجيته إلى إسرائيل لتمكين ولي العهد السعودي الجديد وإسرائيل من احتساب هذه البادرة كنقطة انطلاق إيجابية لتقاربهما.
وعلى فرضية الحصول على الضوء الأخضر الفرنسي لفترة رئاسية ثالثة، سيقوم ولد عبد العزيز آنذاك بتعديل الدستور بواسطة استفتاء يمكن من خلاله أن تبرئ فرنسا نفسها.
وإلا، فإن ولد عبد العزيز سيغير النظام الرئاسي إلى نظام برلماني ينتخب فيه رئيس الوزراء من قبل البرلمان ويتمتع بكافة صلاحيات الرئيس، وهو النظام الذي يناسبه أكثر، حيث يستطيع أن يخلف نفسه عدد المرات التي يريد، ما لم يقع حدث خارجي مستقل عن إرادته. ويتأسف ولد عبد العزيز على شيء واحد فقط هو كونه لم يعد يحمل لقب الرئيس، وهو لقب سيصبح شرفيا يمكنه منحه، بطريقة تناوبية، طورا إلى حرطاني وتارة إلى موريتاني أسود من الجنوب.
"إن الحملة الحالية ليست حملة مثل غيرها وهي تنذر، بلا شك، باستشارة وطنية تحسبًا لتغيير الدستور"
ثانيا: القلم، أي تفكير تستوحيه من حملة الانتساب إلى الاتحاد من أجل الجمهورية، التي أطلقها النظام منذ عدة أيام ؟
د. محمد محمود ولد اماه: إننا لا نجد أي هدف آخر لحملة الانتساب الحالية إلى حزب الرئيس سوى إعداد البلاد لاستفتاء جديد يعدل الدستور على الفرضيتين: فرضية مأمورية رئاسية ثالثة أو فرضية تغيير النظام السياسي من الرئاسي إلى البرلماني. وكما كتبه أحد الصحفيين مؤخرا، بل جعله عنوان مقاله: "حملة انتساب مخيفة".
وفعلا، فإن الموظفين ووكلاء الدولة والعمد والإدارات والمدنيين والعسكريين، أجل العسكريين، يخوضون جميعا حملة الانتساب إلى الاتحاد من أجل الجمهورية، حزب الرئيس، وتم وضع جميع وسائل الدولة تحت تصرفهم. كل شخص مكلف بجمع أكبر عدد ممكن من بطاقات التعريف الوطنية، التي يتم شراء الكثير منها؛ ويختلف السعر من 5 إلى 10 بل 15 ألف أوقية قديمة. وأحيانا نرى أشخاصا معروفين بمعارضة النظام بشدة يسلمون بطاقة تعريفهم لأخيهم أو أختهم لتمكين هؤلاء من تقديمها للسلطات، حفاظا على استقرار وظيفتهم.
يتم نقل بطاقات تعريف سكان نواكشوط، دون صاحبها، إلى داخل البلاد أو إرسالها من الخارج. ففي الأسبوع الماضي، تم ضبط مواطن موريتاني قادم من غينيا بيساو (عند مرور العبارة بين السنغال وموريتانيا) بحوزته أكثر من 200 بطاقة تعريف. وبعد إلقاء القبض عليه لبعض الوقت، تلقت سلطات الحدود أمرا بالإفراج عنه وعن كل ما يحمل. ولن يكون من المستغرب أن نرى، في يوم التصويت، شخصا يصوت مرتين أو ثلاث في مختلف أنحاء البلاد. ففي بعض الولايات، التي ليست أكثرها سكانا، وصل عدد المنتسبين إلى حزب الرئيس 180.000 شخص، في حين أن العدد الإجمالي للناخبين في الاستفتاء الأخير بلغ 1.389.092 ناخبًا، حصلت نعم على 573.935 صوتًا، بما في ذلك التزوير... وقد نادانا عدة مرات أشخاص ضلوا سبيلهم يبحثون عن مقار الاتحاد من أجل الجمهورية، المغمورة بـ"مناضلين" نقلوا على متن الحافلات. وقد تعين على بعض المقرات والمراكز التي افتتحت في هذه المناسبة اللجوء إلى قوات حفظ النظام. يعتقد الناس أننا في حملة للتصويت، بدأت يوم 28 مارس وتنتهي يوم الأحد 15 أبريل، بعد تمديد مدته أربعة أيام. وتجدر الإشارة إلى أن ولد عبد العزيز يتربع على السلطة منذ أغسطس 2008، وسبق أن قام بالتأكيد بعدة حملات انتساب إلى حزبه. ويعني ذلك أن الحملة الحالية ليست حملة مثل غيرها؛ وهي تنذر، بلا شك، باستشارة وطنية تحسبًا لتغيير الدستور، بهدف الحصول على مأمورية رئاسية ثالثة أو لتغيير النظام السياسي من رئاسي إلى برلماني.
ثالثا: القلم، أنت معروف بمعارضتك لمؤسسات بريتون وودز؛ وقد سخر البعض من ذلك آنذاك. ولكن الزمن قد أثبت أنك على حق في نهاية المطاف. بالنسبة لك، كان القصد من الإصلاح الهيكلي والعولمة ومؤسسات بريتون وودز ـ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ـ هو إعادة الأسباب التي دفعت القوى الاستعمارية السابقة إلى التسابق إلى إفريقيا إلى مربع البداية. كيف تم ذلك؟
د. محمد محمود ولد اماه: هرعت القوى الاستعمارية السابقة إلى المستعمرات لثلاثة أسباب رئيسية: البحث عن المواد الخام الرخيصة لمصانع الشمال؛ والبحث عن أسواق لبيع المنتجات النهائية لتلك المصانع، ولو تطلب الأمر أن يحظر على عبقرية الصناع التقليديين المحليين تقليد المنتجات الصناعية القادمة من الشمال وأخيرا مهمة ''حضارية'' تُمَدِّن ''السكان المحليين'' من خلال نشر الثقافة اليهودية المسيحية عن طريق تنصيرهم.
أصبحت المستعمرات السابقة "دولا مستقلة'' لا يطعن أحد اليوم في الطابع الشكلي لاستقلالها. أما القوى الاستعمارية السابقة، فقد صارت ''دولا ديمقراطية" لأنفسها ولكن ليس للآخرين، وهي ديمقراطية منهكة، يحجم عنها المواطنون على نحو متزايد لصالح ارتفاع نسب الامتناع عن التصويت، التي بلغت مؤخرا في فرنسا 57 %؛ وهذه الدول حريصة على احترام حقوق الإنسان، ولكن ليس لجميع الناس؛ وحرية التعبير التي تتوقف على ما يراد التعبير عنه وعلى الحرية المجردة، أي حرية الرجال ورؤوس الأموال والبضائع، كلما خدمتها تلك الحرية. إن هذه الدول التي تجاوزتها روسيا في المجال العسكري والصين في الميدان الاقتصادي تعود إلى المركنتيلية البدائية وتخرج من جديد أسلحة قديمة ميزت الفترات المظلمة: الحرب الباردة وأكاذيب نوع من الصحافة "بغي هذا القرن" حسب تعبير محام مشهور. إن حكومات، لا شعوب تلك الدول (لأننا لا نزال نتذكر المظاهرات المليونية في باريس ولندن ومدريد ضد احتلال العراق من قبل ائتلاف غربي يضم 47 بلدا، باستثناء فرنسا شيراك، بينما يضطرب مكرون اليوم مع اترامب كما فعل هولاند مع أوباما، لمعرفة من سيطلق النار أولا على الجيش السوري لنجدة الإرهابيين المهزومين)، وقد شكلت هذه الدول مجموعة تضامن تسمى أحيانا "العالم الغربي"، وطورا "المجتمع الدولي" أو ببساطة "العالم الحر"، وذلك باستخدام خادع لمنظومة الأمم المتحدة لوضع سياسة الكيل بمكيالين، ومطورة آثار الهيمنة والكراهية على بقية العالم.
من أجل التصنيع، اتبعت جميع القوى الاستعمارية القديمة نفس المسار ونفس عملية التصنيع (الصناعة هي "ثروة الأمم"، كما قال آدم سميث): حماية الصناعات الناشئة، المعروفة أيضًا بالكولبرتية من اسم الوزير القوي والمراقب المالي العام للملك لويس الرابع عشر، ولكنها أصبحت مذهبًا اقتصاديًا.
وعندما أصبحت صناعاتها الوليدة ناضجة وقادرة على مواجهة المنافسة، اختارت هذه البلدان الليبرالية الاقتصادية، لكنها منعت المستعمرات السابقة، التي أصبحت "دولا مستقلة"، من انتهاج طريق التصنيع. إن المنتجات الصناعية يمكن دائما إعادة إنتاجها عدة مرات حسب الضرورة. وبالمقابل، لا تمكن إعادة إنتاج قطار من المعدن الخام، بل ينزع من مخزون من المواد الخام محكوم عليه بالنفاد.
إن العالم الغربي، أي القوى الاستعمارية القديمة، لمواصلة السيطرة على المستعمرات القديمة قد أخضعها لسياسة الإصلاح الهيكلي في الثمانينيات، من أجل إعدادها للعولمة، التي هي اندماج اقتصادي على المستوى العالمي ضد تعاليم كتب الاقتصاد، التي تعلمنا بأنه يجب على البلدان المرشحة للاندماج الاقتصادي أن تستوفي شرطين على الأقل: يجب أن تكون هذه الدول في نفس المستوى من التنمية الاقتصادية (وإلا التهم العملاق الصغير) ويجب أن تكون قد حققت مستوى معينًا من الاندماج السياسي، لأن الدول المرشحة لوضع اقتصادها معا لا ينبغي أن تكون لها سياسات متعارضة.
ففي الاندماج الاقتصادي، يجب ألا نكون خاسرين على جميع الجبهات، حيث ينبغي أن يسود مبدأ استفادة كل واحد. يجب على كل دولة إجراء حساباتها أولاً؛ وإذا كانت في النهاية خاسرة، يجب عليها أن تحمي نفسها. ولكن دركيي العالم الجدد ـ البنك الدولي ، صندوق النقد الدولي، منظمة التجارة العالمية يمنعونها من ذلك؛ وهكذا فإن المستعمرات السابقة، "دولنا المستقلة"، لا تستطيع منافسة القوى الاستعمارية القديمة، وتم حشرها في وضعية المستهلكين العالميين، وموردي المواد الخام الرخيصة.
إن الاندماج الاقتصادي يشبه كثيرا القواعد التي تحكم الملاكمة: تتم الملاكمة حسب فئات الوزن. وإن مباراة بين ملاكم من الوزن الثقيل يتجاوز 100 كيلوغرام وملاكم نحيف وزنه 50 كيلوغراما لا تهم أي شخص، لأن نتيجتها معروفة مسبقا.
وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي اندماج سياسي أكثر منه اقتصادي. تضم منطقة اليورو أقل من نصف الدول الـ 28 التي تشكل الاتحاد الأوروبي. يتم سحق الدول الصغيرة بشكل منتظم من قبل الدول الأكبر الأخرى وأخيرًا، فإن ألمانيا هي التي تستفيد أكثر من غيرها، ولكنها تعطي أكثر من غيرها أيضًا. ولولا المنح الضخمة الممنوحة للدول الأخرى، لتفكك الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة. وبالفعل، فإن أربع دول هي المجر وجمهورية التشيك وبولندا وسلوفاكيا قد أعلنت بالفعل معارضتها المفتوحة للاتحاد الأوروبي. أما اليونان التي تخسر كل يوم ، فينبغي أن تكون قد خرجت بالفعل.
لقد عدنا إلى مربع البداية، حيث أصبحت المستعمرات القديمة مرة أخرى كما كانت:
* موردة للمواد الخام الرخيصة. يتم تحديد أسعار هذه المواد من قبل المشترين في البورصات التجارية الموجودة في القوى الاستعمارية القديمة.
* لا تستطيع المستعمرات القديمة حماية صناعاتها الوليدة ضد منافسة منتجات الشمال، وأصبحت أسواقا لبيع منتجات الشمال كما كانت.
* أما المهمة "الحضارية" وتوسيع الحضارة اليهودية المسيحية، فإن صورة الكاهن الذي يرتدي جبته بجوار الإداري الاستعماري قد حلت محلها الآن الشركات العابرة للحدود: كاريتاس، وورلد فيزيون، وهذه الأخيرة مكلفة في بلادنا مثلا، بالإضافة إلى مهمتها الخاصة، بتوزيع برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة وثلاثين مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية، على ضحايا ثلاثة أمراض هي السل والملاريا وفقدان المناعة البشرية المكتسبة (السيدا)، الشيء الذي يشكل طريقة لتسهيل مهمتهم الأصلية.