تثور بداخل كل مواطن حر براكين الغضب ويتملكه الحنق على النظام ومتزلفيه والمجتمع بأسره، عندما يستحضر معاناة فئات واسعة وتزييف واقعها وإهماله المتعمد.
عندها يجد نفسه في مواجهة نخب تقف في صف الطاغية وتلعن المواطن الذي تبيعه للسلطة من أجل مائدة أو سكن أو وظيفة أو مكانة لقبيلة، تريد بذلك رفاهية على حسابه ويريد أن يكون في خدمتها!
وعندما يتساءل عن إنسانيتنا وإسلاميتنا وأخوتنا، فلن يجد سوى أننا تجار متوحشين، تجار دين وقيم وتقدمية وقرابة ومعاناة!
تذكروا، أيها المتلذذون بمعاناتنا، أن هناك مرضى بأمراض مزمنة يتألمون الآن.
وأطفال ونساء وشيوخ يتضرعون جوعا وليس لديهم مايسد رمقهم!
لا تسخروا من ضعفنا حينا ولا تسعدوا كثيرا فإن كان من بيننا من يعتقد أن الصبر والإحتساب على المأساة يكفي، فإن البعض الآخر يرفض أن يكون الصبر استكانة، يريده قوة على مقارعة الظلم ، يريد الموت من أجل الحياة لا أن يموت خانعا ذليلا.
إن تضليلكم للفقراء وتدليسكم على الرأي العام وتزلفكم للحاكم أن " موريتانيا بخير" لن ينجيكم عندما يثور أبناء المحرومين وأصحاب الضمائر الحية من أبناء هذا الشعب.
عندها ستذوقون مرارة مازرعتم من غبن وتهميش وسيدرك طاغيتكم أن حبل الكذب قصير وأن لا عاصم لكم جميعا من بطشهم وانتقامهم.
في تلك اللحظة لن يعز على أحدهم الإنتماء لوطن ظلمه وسامه سوء العذاب ولا قبيلة باعته لتكسب منه مكانة حرم من ريعها ولا زعامات كانت تشرع ظلمه.
فهل ستعون، قبل فوات الأوان؟، أن وجود دولة الحق والديمقراطية، دولة تصون كرامة الإنسان وتخدمه، الضامن لتفادي ذلك كله.