في يوم من ايام الأسبوع الاول من شهر ديسمبر 2016 اتجهت الى هذه المدينة بعد ايام قليلة من تعييني رئيساً لمحكمة ولاية أترارزة، وفي الطريق كنت اسلي نفسي بعرض ذهني بطيء لأسماء وبعض إنجازات أعلام ورموز الوطن الذين انجبتهم او احتضنتهم ارض أترارزة الخصبة المعطاء ..!!
كانت فكرة عملية تساعد على تحمل الطريق خاصة بالنسبة لسائق سيارة يعود الى طريق بعد فترة طويلة تغيرت خلالها الطريق !!
كان مستوى الفخر والشعور بالشرف في تصاعد كلما مر بذهني اسم لعلم او رمز من رموز الولاية في الماضي او الحاضر: علماء أفذاذ وأمراء ابطال وشيوخ مصلحون وقضاة وشعراء وكتاب وأساتذة ورواد في ميادين الفكر والبحث واللغة والتاريخ والدراسات.. والقائمة الذهبية لا حصر لها.. (ما شاء الله لا قوة الا بالله) !!
بعد وقت يسير في مدينة روصو شعرت بدفئ حضنها فالناس طيبون للغاية مؤمنون بالطبع متحضرون في أخلاقهم بما تحمله الكلمة من معنى.
تجد هذه الصفات في ابسط معاملاتهم فهم في الغالب لا يدخلون عليك دون استئذان ولا يبادرون بالحديث قبل فهم الموضوع ولا تخرج أجوبتهم عن موضوع السؤال ولا يتنكرون لاي مقترح في نقاش الحلول الودية، ولا يخفون الامتنان والأدعية الصالحة عن كل تصرف مهما كانت بساطته بالاضافة الى خصال اخرى لا يتسع المقام اذكرها.
اول ملاحظة بدرت الي عن المجتمع الروصوي هي اختزاله العجيب لموريتانيا بكل مكوناتها ومستوى التآخي والمحبة والوئام بين تلك المكونات..كم شعرت بالفخر والراحة عندما تتكرر امامي هذه الحقيقة خاصة في قاعة الجلسات وفي الأماكن العامة، فأشعر بالهواء وقد امتلأ وطنية ووحدة ومساواة وسلاما ومحبة.
وقد كان هذا الجو المريح مصدر طاقة لي لبذل أقصى الجهد في اداء المهام المسندة الي، خاصة بعد ان من الله علي بطاقم مثالي يندر ان يتكرر..مثالي بقضاة شيمهم يعجز عن وصفها الواصفون وكتاب ضبط طبعهم الإخلاص والاخلاق المهنية واعوان دأبهم حسن الخلق والتفاني في العمل.. مرت علي خلال فترة عملي الوجيزة في روصو قضايا ومواقف لا تنسى وأكثر ما اتذكر منها قضايا أطرافها من عامة الناس لا من خاصتهم.
مع ان قضايا بعض الخاصة حظيت بتغطية إعلامية معروفة.
شكرًا لاهل أترارزة عامة واهل روصو خاصة وليعذروني على عجز لغتي عن وصف جل خصالهم فكلماتي تقف خجلا من محاولة وصف قوم عرفوا بعلمهم وبيانهم وشعرهم ونثرهم ولن اكون مهما بلغت في كتابتي عنهم الا كمن ينقل حصاة الى سلسلة جبال او ينقل قطرة ماء الى بحر لا ساحل له !!
اسأل الله تعالى ان يديم عليهم وعلى كافة اهالينا في جميع أنحاء وأقاليم موريتانيا نعمه ظاهرة وباطنة وأن يحفظهم من كل سوء.
شكرًا لاخوي وزميلي القاضيين الفاضلين سيدي محمد ولد مولاي احمد ولد ادي وسيدي عبد الرحمن ولد الشيخ ولد خطري على ما أحاطاني به من كرم وتعاون ومكارم اخلاق،
شكرًا لكتاب الضبط خاصة الأساتذة: محمدو تيوب والحسين ولد محمدن وسيد يحي ولد الحاج اعل واحمد الطلبة ومحمد عالي وجدو والشرطي دحود على أخلاقهم ومستواهم المهني الرفيع،
شكرًا للسكرتيرات امنة وياسين وأمباركة على نبل أخلاقهن ومهنيتهن.
شكرًا للحاجب العزيز الحسين ولد بيرام على أمانته وإخلاصه وطيب أخلاقه.
شكرًا لضباط الشرطة القضايية والمحامين على حسن أخلاقهم وعملهم المهني المتميز.
جزاكم الله جميعا عني خير الجزاء.
والحمد لله من قبل ومن بعد.
المحطة القادمة ستكون بإذن الله تعالى ولاية غورغول بعد تكليفي من طرف المجلس الاعلى للقضاء بتولي مهمة وكيل الجمهورية، وستكون فرصة اخرى لخدمة الوطن في ولاية متميزة من ولاياته بعد عملي في ولايتي داخلت نواذيبو واترارزة.
اسأل الله تعالى التوفيق لي وللجميع.
حفظ الله موريتانيا.