ما هي رهانات قمة الاتحاد الأفريقي الـ31 في نواكشوط وحظوظ نجاحها؟

سبت, 06/30/2018 - 16:08

تحتضن العاصمة الموريتانية نواكشوط يومي الأحد والاثنين، القمة العادية الحادية والثلاثين للاتحاد الأفريقي، التي سيشارك فيها حوالي 40 رئيس دولة أفريقية والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ماهي رهانات هذه القمة في ظل الوضع الراهن والتحديات التي تواجهها القارة السمراء وأولها معضلة الهجرة غير الشرعية؟

تسعى موريتانيا إلى بذل قصارى جهودها لإنجاح القمة الـ55 لدول الاتحاد الأفريقي التي ستعقد أشغالها الأحد والاثنين المقبلين بالعاصمة نواكشوط بحضور نحو 40 رئيس دولة. وتأتي هذه القمة العادية في وقت كثر فيه الجدل حول أزمة المهاجرين الذين يعبرون الصحاري للوصول إلى أوروبا. ويشارك الرئيس الفرنسي للمرة الأولى في هذه القمة كونه يسعى، مع مسؤولين أوروبيين آخرين، إلى إقناع بعض الدول الأفريقية بقبول فكرة فتح مراكز لإيواء وفرز المهاجرين الذين يعبرون منطقة الصحراء، على أراضيها. فماهي رهانات هذه القمة الأفريقية وما حظوظ نجاح خطة إصلاح هذه المنظمة التي سيقترحها رئيس رواندا بول كاغامي؟

منظمة الوحدة الأفريقية: 55 سنة من الوجود

أسست منظمة الوحدة الأفريقية في 1963 بهدف توحيد الشعوب الأفريقية وبعث روح التضامن بينها. وهي تضم حاليا جميع الدول الأفريقية (55 دولة) المعترف بها دوليا. وكان يطلق عليها اسم "منظمة الوحدة الأفريقية "لكن في العام 2002 غيرت اسمها وتحولت إلى "الاتحاد الأفريقي".

لعبت هذه المنظمة في بداية تأسيسها دورا كبيرا في مساعدة العديد من حركات التحرر في القارة السمراء، فيما وقفت إلى جانب سكان جنوب أفريقيا، وعلى رأسهم نيلسون مانديلا، في نضالهم ضد التمييز العنصري.

لكن إنجازات هذا الاتحاد تبقى محدودة جدا. وبالرغم من أنه يحاول أن يستلهم من الاتحاد الأوروبي في طريقة تسيير شؤونه السياسية والدبلوماسية، إلا أنه لا يتمتع بشعبية كبيرة ويواجه انتقادات كثيرة من قبل الشعوب الأفريقية التي تتهمه بإيواء رؤساء دكتاتوريين استولوا على الحكم مدى الحياة وبالتقاعس عن محاربة الفساد وعدم معاقبة المتورطين فيه، وبعدم الدفاع عن حقوق الإنسان فضلا عن قمع الحريات.

لماذا تبدو قمة نواكشوط مهمة بالنسبة للدول الأفريقية نفسها ولأوروبا؟

من بين القضايا التي سيناقشها المشاركون في القمة، ملف الهجرة غير الشرعية التي تعاني منها بعض الدول الأفريقية نفسها مثل الجزائر والمغرب وليبيا التي يقصدها عشرات الآلاف من المهاجرين، الذين يعبرون الصحراء الكبرى أملا في الوصول إلى أوروبا.

وستكون الجزائر والمغرب في طليعة البلدان التي ستطلب من بعض الدول الأفريقية الجارةبذل جهود أكثر من أجل ضبط حدودها ومنع عشرات المهاجرين من التدفق إليها.

كما سيناقش المشاركون فكرة إيمانويل ماكرون القاضية بفتح مركز إيواء وفرز المهاجرين في أراضي بعض دول شمال أفريقيا ومنطقة الساحل علما أن الجزائر والمغرب، واجهتا لحد الآن، المبادرة الفرنسية بالرفض.

أما الملف الثالث، فيكمن في إيجاد سبل محاربة الإرهاب والجماعات الإرهابية لا سيما في ليبيا وشمال مالي ودول مجاورة أخرى.

إصلاح الاتحاد الأفريقي، حلم قديم يصعب تحقيقه؟

يرى المتتبعون للشؤون الأفريقية أن الاتحاد الأفريقي بحاجة إلى اصلاح واسع لهيئاته ومؤسساته الداخلية إذا أراد أن يلعب دورا محوريا في حل المشاكل التي تعاني منها القارة الأفريقية أو أن يكون طرفا قويا في المحادثات الدولية ومع الولايات المتحدة.

وقد بادر رئيس رواندا بول كاغامي الذي تترأس بلاده حاليا الاتحاد الأفريقي بخطة إصلاح ترتكزعلى ثلاث نقاط أساسية:

النقطة الأولى تتمثل في توفير التمويل الكافي لهذه المنظمة لكي تسير شؤونها ومشاريعها بنفسها دون أن تطلب في كل مرة الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي أو من الأمم المتحدة. يذكر أن حسب المجموعة الدولية للأزمات، لم تتجاوز في 2017 نسبة المشاريع الممولة من قبل الاتحاد الأفريقي 14 بالمائة. وهي نسبة أقل ما يقال عنها بأنها ضعيفة وبعيدة عن الهدف المسطر في البداية والمتمثل في بلوغ 75 بالمائة من التمويل في حلول 2020.

النقطة الثانية التي يتضمنها مشروع رئيس رواندا الإصلاحي هو إنشاء سوق أفريقية موحدة والسماح للمنتجات والأشخاص بالتنقل بين بلد إلى آخر بكل حرية. ويعتقد بول كاغامي أن مثل هذا المشروع بإمكانه أن يجلب أموالا كثيرة للمنظمة ويعزز من اقتصاد أعضاء الاتحاد. من جهته، اقترح رئيس البنك الأفريقي السابق الرواندي رونالد كباروك فرض ضريبة نسبتها 0.2 بالمائة على جميع المنتجات التي تأتي من خارج الدول الأفريقية.

أما الاقتراح الثالث فيكمن في إنشاء قوة عسكرية أفريقية مشتركة تتدخل في حال وقوع نزاعات بين الدول الأعضاء أو للحفاظ على السلام على مستوى القارة. وتجدر الإشارة إلى أن جل عمليات حفظ السلام في القارة السمراء تتكلف بها قوات الأمم المتحدة أو بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وبلجيكا.

ماهي حظوظ نجاح خطة الإصلاح المقترحة؟

بالرغم من وجود عدد كبير من الدول الأفريقية التي تساند خطة بول كاغامي (حوالي 21 بلدا) إلا أنه يبدو من الصعب في الوقت الراهن أن تتحول هذه الخطة إلى حقيقة واقعية في المستقبل القريب.

فإضافة إلى رفض بعض الدول التي تنتمي إلى فضاء الكومونويلث دفع ضريبة على منتجات قد تستوردها من بلدان غير أفريقية، تملك دول أخرى وزنا ثقيلا داخل الاتحاد مثل جنوب أفريقيا والجزائر والمغرب ونيجيريا ومصر. وهي غير متحمسة إزاء هذا المشروع وبإمكانها أن تهدد بتقليص نسبة التمويل الذي تقدمه لهذه المنظمة والذي وصل إلى 60 بالمائة.

أما المشكل الثاني الذي يمكن أن يعيق خطة الإصلاح فيتمثل في وجود عدة منظمات ثانوية (حوالي 10 منظمات)ترتبط بالاتحاد الأفريقي، من بينها منظمة وحدة المغرب العربي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ومنظمات جهوية أخرى.

كل هذه الكيانات المتشعبة جعلت الاتحاد الأفريقي يظهر كمنظمة بيروقراطية بعيدة عن اهتمامات الشعوب الأفريقية التي تموت من الفقر أو في البحار والصحاري. كما تبدو أيضا مصر التي ستترأس الاتحاد الإفريقي في 2019 غير متحمسة لتنفيذ خطة كاغامي الإصلاحية.

ماهي انعكاسات عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي؟

بعد غياب دام 33 سنة، تشكل عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي خطوة هامة في توحيد روابط الأخوة بين الدول الأفريقية.

والسؤال المطروح ما هو الدور الذي سيلعبه هذا البلد داخل الاتحاد؟ هل هو دور توافقي يدفع بالملفات إلى الأمام أم دور يعزز الخلافات القائمة بينه وبين بعض الدول التي تساند الصحراء الغربية، وعلى رأسها الجزائر وجنوب أفريقيا.

لغاية الآن الصورة غير واضحة تماما لكن يبدو أن هناك إرادة مغربية حقيقية بعدم عرقلة التسيير الحسن لشؤون الاتحاد. فبإمكان هذا البلد أن يساهم بالكثير من خلال مشاركة الدول الأفريقية تجربته الاقتصادية النشطة وتقاسم خبراته في مجال محاربة التشدد الديني والإرهاب الذي يهدد القارة.

بعض الأرقام حول الاتحاد الأوروبي

يضم الاتحاد الأفريقي 55 دولة بما فيها الصحراء الغربية. وتشير إحصائيات نشرتها جريدة "لوفيغارو" الفرنسية نقلا عن "دليل الاتحاد الأفريقي لعام 2018" إلى أن ميزانية الاتحاد بلغت 769 مليون دولار في نفس السنة. 318 مليون منها من تمويل خمس دول فقط وهي جنوب أفريقيا والجزائر ومصر والمغرب ونيجيريا. أما 451 مليون دولار المتبقية فهي تأتي من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة.

وتخصص حوالي 255 مليون دولار لتمويل عمليات حفظ السلام في القارة السمراء

وكالات