لقد شهدت الدولة الإسلامية الموريتانية عدة تحولات سياسية بدءا بنظام تأسيس الدولة ،ومرورا بالنظام الإسلامي الذي حاول تطبيق الشريعة الإسلامية ،ثم بالنظام الديمقراطي نسبيا،ثم بعد أزيد من عقدين من الزمن تطور النظام الديمقراطي فحددت المأموريات ثم شاهدنا انتقالا سلسا للسلطة في بداية الشهر الثامن من السنة الجارية2019فكانت تجربة رائدة بإجماع.
ولم تسلم تلك الحقب السابقة من إخفاقات جعلت مسيرة النمو تسير ببطئ في نظر البعض ،وإن كان الإنصاف يقتضي أن لكل عملا وإن كان مشوبا بنواقص العمل البشري،إلا أنه من شبه المجمع عليه أن من بين العراقيل التي كانت عقبة أمام سفينة النمو بعض العقليات التي لم تسلم منها أية حقبة،
مما جعل الشارع منقسما منذ تنصيبكم سيادة الرئيس إلى عدة فئات
-فئة تريد منكم أن تكونوا يدا لتصفية الحسابات مع رموز النظام السابق وتحاول أن تخاطبكم بما خاطب به القرشي السابق هارون الرشيد لما رآه يدلل البرامكة ويقربهم.
ليت هندا أنجزتنا ماتعد*وشفت أنفسنا مماتجد*واستبدت مرة واحدة*إنما العاجز من لايستبد.
متناسية أوجاهلة الشهامة التي وضع الله فيكم والقوة والشجاعة التي تمنعكم من أن تكون لكم مواقف مسبقة من أي شخص يستطيع أن يضع لبنة واحدة في بناء الدولة،أحرى أن تكونوا ممن يحمل الأحقاد اوينقص ممن سبقه.
لا يحمل الحقد من تعلوا به الرتب*ولاينال العلى من طبعه الغضب.
-فئة أخرى تريد منكم المكافآت على الدعم الحملوي رامية بمبدإ(الرجل المناسب في المكان المناسب)عرض الحايط وكأنها تجهل انكم تقدمتم للشعب الموريتاني ببرنامج طموح يضع بناءالدولة أمام كل الإعتبارات وتعهدتم بتحقيقه ونحن واثقون من أنكم تستطيعون ذلك ،فحاشاكم من نقص القادر على التمام.
ولم أر في عيوب الناس عيبا*كنقص القادرين على التمام.
-أما الفئة الثالثة فهي الفئة المتعجلة والتي تريد أن يفعل شيء ولولم يكن منضوجا،متناسية أن من استعجل شيئا قبل إبانه عوقب بحرمانه ،مغلبة الهوى على العقل متجاهلة قول الشاعر
إذا نادى الهوى والعقل يوما*فصوت العقل أجدر أن يجابا.
تريد رزمة من القرارات الهامة والتعيينات المستعجلة وغير المدروسة وكأن بناء الدول والمحافظة على كينونتها أمر من السهولة بمكان ، لكننا نذكرهم بقول الشاعر
قد يدرك المتأني بعض حاجته*وقد يكون مع المستعجل الزلل.
و المتأمل لسياستكم سيادة الرئيس يدرك أن ثمت خطوات حثيثة لبناء الدولة نذكر منها على سبيل المثال
-تشكيل حكومة كفاآت -بعيدا عن الإعتبارات الضيقة-عهد إليها بتسيير مرافق الدولة
-الانفتاح على القادة السياسيين موالاة ومعارضة وإشراكهم والتشاور معهم ،مبرهنا بذلك على ماتحليتم به منذ نعومة أ ظافركم من أخلاق حميدة وثقافة واسعة تعتمد الشورى منهجا.قال تعالى (وشاورهم في الأمر)وقال( وأمرهم شورى بينهم )وقال الشاعر
شاور أخاك إذا نابتك نائبة*يوما وإن كنت من اهل المشورات *فالعين تبصر مامنها نأى ودنا*ولاترى نفسها إلابمرآت.
-ماشوهد في حكومتكم الموقرة من استعداد للعمل الميداني البعيد عن التطبيل و مغالطة الرأي العام وذلك مثل
$ العناية بالصحة والتصدي للكوارث (سيلبابي)نموذجا
$العناية بالتعليم بالإعلانات المتكررة باحترام الوقت والبدء في الدروس العلمية في أول يوم من السنة الدراسية
$بوادر تطبيق برنامجكم الإنتخابي والذي قدمه الوزير الأول للبرلمان والذي يعتمد العدالة بين كل المواطنين امرا لاسبيل عنه.
وفقكم الله لأن تكونوا تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله .