مصانع موكا في نواذيب قصة مأساة ابطالها السكان

خميس, 11/26/2020 - 09:36

تشكل مصانع دقيق السمك المعروفة ب " موكا " مشكلة حقيقية ليس لأضرارها البيئية ، بل لقصة معاناة سكان العاصمة الاقتصادية نواذيبو بسبب تأثيرها المباشر على صحة المواطنين ، ناهيك عن الروائح الكريهة والتي تفرض فى أغلب الاحيان على السكان مغادرة منازلهم بسبب نتنها .

ورغم ان الادخنة التي تحبس أنفاس أحياء في المدينة، فقد انتشرت هذه المصانع بكثرة و دون أي ضوابط حيث أضحت كل شركة مرخصة لتسويق الأسماك تقوم بإنتاج دقيق السمك دون علم السلطات أو بعلمها وباتفاق محلي يتم فيه التغاضي عنها.

هكذا ولأول وهلة كان سكان نواذيبو قد دقوا ناقوس الخطر حول خطورة المصانع معلنين أنها تصدر عنها رائحة لا تحتمل عندما تأخذها الرياح باتجاه المدينة حيث يختنق سكانها و بعضهم يغادر منازله طوال الليل.

وتشير المعلومات القادمة من العاصمة الاقتصادية إلى اتساع أضرار مصانع موكا ، حيث يحملها بعض السكان اتساع أمراض التنفس كالربو والفم والحنجرة ، والتسمم الهضمي والأمراض الجلدية.

وحسب معلومات حصلت عليها وكالة "الحقيقة" الاخبارية ، عن بعض سكان الاحياء الأكثر تضررا من مصانع الدقيق ، فإنه يلاحظ تزايد حالات الإجهاض بين النساء ، وموت الأطفال حديثي الولادة، ويرجئ معظم ساكنة المدينة تلك الحالات إلى تأثير مصانع موكا.

ويزيد الطين بله، أن بعض الشركات التي نالت الترخيص اولا للصيد تفضل دقيق السمك رغم مضاره، مثل الشركة الصينية "هونك دونك" التي افتتحت مصنعا لموكا.

وعود في مهب الريح
تتجاهل السلطات العليا منذ مدة صراخ الأحياء السكانية في مدينة نواذيبو، وتواجه المظاهرات بالوعود والأماني، مرجحة الجانب المادي على الجانب الصحي.
وحيث تذرف الأحياء دموع الحزن تحت ادخنة مصانع الموكا، تناور الشركات فتسيل لعاب السلطة لتنزع قناعا يحملهما معا مسؤولية الأضرار البيئية ومعانات السكان.
وكان الوزير الأول السابق يحي ولد حدمين قد خاطب ملاك دقيق السمك المعروفة محليا ب"موكا" بالقول "احترموا النظم والمعايير البيئية ، وذالك هو المطلوب".

وقد بدى مؤخرا أن ذلك لم يكن سوى للاستهلاك، أن وقطع الطريق أمام مظاهرات سكان حي "كانصادو" بعد ان أعلنت الولاية أن الامر لا يدخل في شؤون اختصاصاتها.

وسبق لوزير الصيد والاقتصاد البحري السابق الناني ولد اشروقه، أن أكد أن الوزارة تخطط للقضاء على مصانع دقيق السمك في غضون سنة أو سنتين عن طريق اتفاق بينهم ومصانع دقيق السمك، وقد عمر طويلا بعدها في منصبه، دون اتخاذ أي إجراء يذكر لكبح جماح شركات عن مصانع دقيق السمك.

ونفى نفس الوزير السابق في مقابلة مع الأخبار أن يكون منح أي ترخيص لمصنع دقيق السمك منذ تعيينه على رأس الوزارة منذ 2014.

وكشف الوزير عن انه أصدر تعميما منذ 2014 يقضي بتقليص الكمية التي تحصل عليها مصانع دقيق السمك كل سنة بـ 20% والآن لم تعد لديهم حصة حسب قوله.

وسبق لرئيس سلطة منطقة نواذيبو الحرة محمد ولد الداف أن اعلن في نهاية 2016 عن إغلاق جميع المصانع المتخصصة حصرا صناعة في دقيق السمك (المعروفة بمصانع موكا)، بسبب الآثار السلبية والروائح الناجمة عن نشاط بعض هذه المصانع".

وقال رئيس منطقة نواذيبو، إن المنطقة الحرة بالتعاون مع وزارة الصيد شكلتا لجنة للتحقيق في نشاط مصانع "موكا"، والسماح فقط لتلك التي تتوفر فيها المعايير والمواصفات المحددة في دفتر الالتزامات بمزاولة نشاطها، الا ان ذلك التعاون لم ينهي معانات السكان المريرة.
وتعود قضية مصانع موكا لتفرض نفسها بعد استفحال ضررها على الحياة والبيئة لتشكل أبرز تحديات المرحلة القادمة في ظل الانفتاح العام وترجيح مصلحة وصحة المواطن الموريتاني ووسطه البيئي.
ومهما يكن من أمر فإن صحة سكان نواذيبو تبقى الخيار الامثل والاستثمار الأفضل والقرار الأشمل للحياة في العاصمة الاقتصادية ومحيطها البيئي.