أخبرت رسميا بأن وزيرة الثقافة و الشباب و الرياضة ستوشحني، باسم رئيس الجمهورية، بوسام لم أعد أتذكر هل هو من الدرجة الأولى أم الثانية...
المهم أني فرحت كثيرا و أنهالت علي التبريكات و التهانئ من طرف عمال الوزارة.
كانت تفصلني أيام قليلة عن يوم التوشيح و قد قضيتها مبتهجا و مزهوا بإحساس جميل مصدره أن الجهود التي أبذلها منذ نعومة أظافري قد أتت أكلها أخيرا و لم تمض أدراج الرياح.
و جاء اليوم الموعود فأستيقظت مبكرا و ارتديت أجمل ما عندي من البدلات العصرية ثم توجهت إلى المجمع الاوليمبي حيث سيقام حفل التوشيح.
وصلت المكان في حدود الثامنة و النصف و كان الموعد العاشرة، فبقيت في السيارة موصدا علي نوافذها خشية أن تتأثر ثيابي بالغبار قبل وصول المصورين.
في مخيلتي أن مشاكلي كلها قد وجدت طريقها للحل و أني سأكبر في عيون الناس بمجرد بث العنصر في نشرة الثامنة مساء.
وصل كبار المسؤولين تتقدمهم الوزيرة و ضابط من مراسيم الرئآسة يحمل معه الأوسمة و النياشين الصفراء و أمرنا -نحن الموشحين- بالإصطفاف.
و ما إن أخذت مكاني في الصف بجانب صديقي المرحوم محمد كابر هاشم، حتى رن هاتفي فأخرجته من جيبي، فإذا بالسائق يخبرني أن دورية من أمن الطرق قد اقتادت السيارة إلى محشر عرفات بسبب نقص بسيط في الأوراق اللازمة.
لم يزعجني الخبر و قلت له بنبرة الواثق من نفسه : "دعهم عنك... سأستردها قبل أن يحرروا محاضرهم... لعلهم لا يعلمون أن الدولة رضيت عني و جعلتني من الموشحين".
و لما انتهى الحفل البهيج، توجهت إلى محل احتجاز السيارة و الميدالية الصفراء تزين صدري و كلي ثقة بأنها كفيلة بتلميعي و إبراز مكانتي في عيون وكلاء أمن الطرق.
ظننت بداية أنهم لم ينتبهوا إليها "فسَيَّفْتُ الموجب" حتى رأوها و لكنهم واصلوا بكل أدب و مهنية شرح أسباب احتجاز السيارة و ما علي فعله لاستردادها.
تعجبت من أمرهم و تركتهم في شكلياتهم يعمهون ثم عرجت على الوزارة لعل ميداليتي تشفع لي عند الأمين العام في الحصول على مستحقات مالية تأخر التوقيع عليها منذ أشهر... استقبلني بوجهه المعتاد وردد على مسمعي نفس الأعذار التي أصبحت أحفظها عن ظهر قلب...
عدت متعبا إلى المنزل بعد أن أخفيت الميدالية في جيبي.
و ما زلت أحتفظ بها، مقدرا قيمتها الرمزية و منذ ذلك التاريخ، أصبحت كلما رأيت "محظوظا"، على شاشة التلفزة، يمد صدره ليوشح بميدالية، أقول بصوت منخفض : هنيئا لك و "تبر و افشك ذاك