يترقب الشارع الموريتاني منذ بعض الوقت إطلاق اعمال حوار
وطني طالبت به بعض أحزاب المعارضة، وأبدت السلطات العليا استعدادها له بعد أن سمته تشاورا، ومهما يكن من أمر فإذا فهمت المقاصد فلا عبرة بالألفاظ.
ومن موقعنا كمواطنين غيورين على مصلحة هذا الوطن العزيز الذي يجمعنا فإن لدينا
قناعة راسخة بأن الحوار الوطني الشامل هو السبيل الأمثل والوحيد للتعاطي مع الشأن العام وحل كافة الاشكالات المتعلقة بمسار الدولة ووحدتها ومستقبلها التنموي٠
ونحن إذ نثمن الخطوات الملموسة التي قطعها مسار الحوار بعد تسمية المشرفين على التحضي له فإننا نبه على أن الحوار الوطني الشامل الذي تحتاجه موريتانيا هو ما عبر عنه فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بحكمة وحنكة حين قال إنه يريد حوارا لا يقصي أحدا ولا يستثني أي موضوع.
وبناء على ذلك فإننا في حزب التجمع من أجل موريتانيا (تمام) وانطلاقا من تجاربنا السابقة في الحوار نثمن الجهود المبذولة من أجل الحصول على إجماع وطني يؤسس لدولة جمهورية تتسع لكافة أبنائها ويحصل فيها كل مواطن على حقه في المشاركة في صناعة القرار وتصور مستقبله٠
وكنا دعونا حين شاركنا في الحوار الماضي إلى تجنب التطرق فيه لقضايا مرتبطة بنشأة الدولة ولا علاقة لها بتوزيع السلطة أو الثروة، وذلك لقناعتنا الراسخة أن مثل هذه القضايا تحتاج لإجماع وطني تعززه مشاركة فعلية لكافة المكونات المعبرة عن اتجاهات الشعب الموريتاني من سياسيين ونقابيين ومجتمع مدني.
كما شددنا في بيان نشرته وسائل الإعلام أنذاك على ضرورة الإبقاء على التحصينات الواردة في المادة 99 من الدستور المتعلقة بكيان الدولة والحوزة الترابية والصبغة الجمهورية للمؤسسات والطابع التعددي للديمقراطية الموريتانية ومبدأ التناوب الديمقراطي على السلطة والمبدأ الملازم له الذي يحدد مدة ولاية رئيس الجمهورية بخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
وحتى لا نكون بحاجة دائمة إلى حوارات يستغرق تنظيمها وقتا طويلا ويسعى المقاطعون لها إلى فرض أجندتهم في الوقت بدل الضائع، فإننا نأمل أن يستغل الجميع فرصة التشاور الحالي للإدلاء بمقترحاتهم، والخروج بحصيلة توافقية يمكن أن تشكل أساسا صلبا لعمل الحكومة خلال الفترة المتبقية من المامورية الأولى لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
وفي هذا السياق فإننا نؤكد أن موريتانيا تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى مصارحة تؤسس لمصالحة حقيقية تطوي آلام الماضي وتفتح الباب أمام آمال المستقبل الذي نطمح له جميعا، وننعم فيه بالرخاء والهناء والامن والاستقرار، ونخرج فيه من حلقة الضعف والوهن التي أنتجتها السياسات التنموية المرتجلة والفساد والمحسوبية والزبونية والقبلية والجهوية وغيرها من عوائق التنمية والتقدم.
نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لتجاوز الاقوال التي لاتنتج إلا اقوالا، إلى مرحلة الإنجاز والابتكار والفعل والتأثير والسير بسرعة العصر الذي نعيش فيه، فما نشاهده اليوم في الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من انفتاح على الجميع وما سمعنا منه من الصراحة في التشخيص الصحيح للوضع، والاستعداد للتغيير، يحتم علينا استغلال الفرصة لتحقيق إنجازات ملموسة تعود بالنفع علينا جميعا
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم٠
ولله الأمر من قبل ومن بعد يومئذ يفرح المومنون بنصر الله ينصر من يشاء.
وصلى الله وسلم على الحبيب الشفيع وعلى آله وصحبه أجمعين
د. يوسف ولد حرمة ولد ببانا (رئيس حزب التجمع من أجل موريتانيا تمام)