الحلقة الاولي من سلسلة حوار هادئ مع الشيخ محمد الامين الشاه   القاضي :سيدمحمد ولد محمد الامين ولد باب 

اثنين, 08/08/2022 - 08:12

 

بسم الله الرحمن الرحيم ،والصلاة علي النبي الكريم ،وبعد: فهذه الحلقة الاولي من   سلسلة حوار هادئ مع  الشيخ محمد الامين ولد الشاه وسأتناول في الحلقة الاولي نقده للمدرسة  المالكية المحلية في مقال كتبه علي موقع مراسلون ٢٨ ١ ٢٠٢١. تحت عنوان : المالكية في موريتانيا :مذهب فقهي؟ أم مكذب فقهي؟ أم مكب فقهي؟

؛ زاعما أن في المذهب المالكي قرابة  ٣٧ مسألة مخالفة للسنة 'وتعليقي عليه ينقسم إلي قسمين :قسم كتبته قديما فلا داعي لإعادته ،كبحث البسملة والتسليمة الثانية ، والقراءة في صلاة الجنازة، والرفع 'وقراءة المأموم للفاتحة، وصيام ستةشوال ، وسأ نشرهذه البحوث المختصرة بحول الله . تحت عنوان: القول المنصف   الحاسم في رواية عبد الرحمن ابن القاسم '  والثاني :عبارة عن ملاحظات مختصرة علي ما كتب تحت عنوان   وهي كالتالي :
أولا :خلط الشيخ بين أمور انفردت بها القاسمية كما يسميها  ونوقشت فيها قديما وحديثا ،وألفت فيها الردود والردود المضادة ،وبين أمور تكاد تكون إجماعا ،أوهي مذهب للجمهور،أولم ينفرد بها المالكية علي الأقل، فنسبتها للمالكية غير مقبولة وهي استهداف واضح وربما ينسب قائلها إما  إلي عدم الاطلاع ' حاشا الشيخ من ذلك 'أو الاصطياد في المياه العكرة وترصد الأخطاء بغير دليل ' فمثلا: ترك التأمين من الإمام  والجهربه لم يروه إلاالمصريون من المالكية ،وكذلك  السدل الذي رواه ابن القاسم فقط  ،وموقف الإمام من الجنازة الذي انفردبه ابن القاسم وأبو حنيفة مستدلين بأثر عن ابن مسعود متكلم فيه  كماقال ابن رشد  ،  'وعد م اعتبار القتل شبه العمد 'وترك الاستفتاح ' هذه قضايا لا يمكن الخلط بينها وبين أمور أخري نسبها الشيخ للمالكية وتكاد تكون إجماعا أوهي مذهب الجمهور علي الأقل' ومع هذاينسبها الشيخ للمالكية وهذا غير مقبول من الشيخ ' فمن الأمانة نسبة القول لقائله 'أم أن المالكيين هوم (لحويط لكصير )فمثلا :
 اشتراط الطهارة لسجود التلاوة مذهب الجمهوروالاربعة '  و لم يخالف فيه  إلاابن عمر، ورجحه ابن تيمية، وابن باز، وابن عثيمين . ومثل عدم وجوب  علا ج الزوجة  يري الأربعة عدم وجوبه ' ولم يخالف فيه الا ابن عبد الحكم من المالكية وبعض المتأخرين 'ومثل وجوب  إبعاد الجنب والحائض عن الميت ،وعدم تولي غير المحارم دفن الأجنبية إلا لضرورة ،هاتان القضيتان  محل اتفاق من الأ ربعة .وحل القصر في محل إقامة الزوجة  لم يخالف فيه إلاالشافعية ، وليس مذهبا للمالكية وحدهم 'وكذلك اشتراط الولي لم يخالف فيه إلا الاحناف ، والمذهب المالكي راعي خلافهم وصحح النكاح بعد الدخول والطول 'بل نقل ابن رشد في بداية المجتهد  تخريجا علي رواية ابن القاسم أن الولي  سنة.
 وكذلك ترك الصلاة علي الجنازة في المسجد 'وتعميم الكفارة علي كل من أفطرعمدا  مذهب لمالك وأبي حنيفة 'خلافا للشافعية والحنابلة الذين حصروا الكفارة في الجماع فقط .
ومثل تأبيد  تحريم المعتدة علي من تزوجها في العدة  'فقد روي عن أحمد والشافعي فلم ينفردبه مالك مع أن فيه خلافا داخل المذهب  .
ومثل مسألة التحريم بأقل الرضاع فلم ينفرد بها المالكية بل قال بها الأحناف والثورى والأوزاعي' ورويت عن علي وعمر وابن عمر وابن عباس فقد أخذوابعموم الآية وهي :وأمهتكم التي أرضعنكم  .
ومسألة وجوب الحج هل هو علي  التراخي أوالفور قال الشافعي أنها علي التوسعة وفاقا للمشهور، مع أن رواية البغداديين هوأنه علي الفور  .وكذلك ترك السجود في المفصل فقد ذهب الشافعي في القديم إلى أنها إحدى عشرة وفاقا للمالكية 'مستدلين بأحاديث ترك النبي عليه السلام لذلك في ءاخرعهده 'مع أن في سندها كلاما لكن مالكا عمل بها وعضدها بعمل أهل المدينة من الصحابة والتابعين .
وكذلك كراهية الكلام بغير  في الوضوء ليست خاصة بالمالكية 'بل هي المشهور من مذهب الحنابلة' انظر الآداب الشرعية (1/ 335)، والإنصاف (1/ 137)، وعده بعض الشافعية من مستحبات الوضوء  
قال النووي في المجموع (1/ 489): في ذكره لسنن الوضوء ومستحباته: وأن لا يتكلم فيه لغير حاجة.وكذلك ترك سجود الشكر لك ينفرد به المالكية بل وافقهم الأحناف  مع أن مالكا روي عنه ابن القصار جوازه وهو قولُ ابنِ حبيبٍ من المالكيَّة، والقُرطبيِّ، وأدلتهم قوية جدا .
وكذلك ترك تشميت العاطس اذاخشيت منها الفتنة مذهب الحنابلة وليس خاصابالمالكية .

وكذلك تحديد سن البلوغ فقدذهب الأحناف  في رواية  إلى أن بلوغ الذكر والأنثى عند عدم وجود العلامات ، هو ثماني عشرة سنة للغلام وسبع عشرة سنة للجارية.وكذلك ترك الرفع في غير تكبيرة الإحرام مذهب للأحناف مع المالكية 'مستدلين بحديثي ابن مسعود والبراء ابن عازب مع أن كثيرا من  المالكيين رجح الرفع لقوة أدلته .
 فهذه قرابة عشرين  مسألة من السبعة  والثلاثين  التي شنع فيها علي المالكية  ' أخطأ فيها الشيخ خطئا واضحا 'فليته نبه علي أقوال المذاهب الأخري 'حتي لايظلم المذهب المالكي .

ثانيا :ناقش الشيخ القاسمية في قضية الكفاءة مع أن أكبر نص عندهم هو خليل يقول :والكفاءة الدين والحال إلي أن يقول :والمولي وغيرالشريف والاقل جاها كفء  ..

وقال في الكفاف :
والكفء من سلم من كفرومن
فسق ومن عيب به الردقمن 
ولودنيا لذوات   الشرف . ..
فتامل قوله :ولودنيا .
ولم تطلق  لاقديما ولاحديثا امرأة تزوجت مسلما عن تراض علي أساس النسب ،نعم إذاادعي أحد نسبا ليس له وخدع امرأة تطلق عليه ،وهذه مسألة واضحة قال خليل :وللعربية ردالمولي المنتسب  ..فتأمل قوله :المنتسب . 
ومثله قول الكفاف: 
كمالهاالرد إن انتمي إلي 
من فوقها ولوعليها أفضلا 
فلاعطربعد عروس كمافي المثل الكفاف وخليل ،فهما المتنان المقرران في فقه مالك عندالقاسميين كمايسميهم الشيخ ،  
ومثل ذالك الدنئة فقد عرفها المالكية بأنها :هي الخالية من مالها وجمالها ونسبها ، ولم يراعوا في ذلك لونا ولاعرقا ،فعلي الشيخ آن يراجع نفسه ،وألا يلصق تهمة بأبرياء ماتوا  قبل قرون ،فهذا لايليق بمقامه  ؛أنا أفرح بمعارضة أي معارض لقول فقهي يراه مخالفا للسنة ،وهو محق  ابتداءا  بإنكاره لمالم يتضح له ' لكن إلصاق العادات الاجتماعية المقيتة، بمذهب يدين الله به عشرات الملايين من المسلمين قديما وحديثا لاينبغي .

ثالثا :إذا كان لدي الشيخ ملاحظات علي القاسمية فله ذالك ،بل هومطلوب لكن يجب  عليه أن يتحلي بأدب العلم واهله ،ويتجنب عبارات مثل فقيه في ابنيطرة ثيابه متسخة يتفل في ثيابه 'وعبارة : حلقت ذقونهم بالموسي  ،كماساقها في معرض نقاشه لاشتراط الجمهور الولايةفي النكاح ؛وهو خلاف قديم، والشيخ مجرد ناقل فقط ،وكان الأولي ألا يشنع عليه ،وألاتتخذ المسألة القديمة فتوي جديدة .
وسبق أن  وصف الشيخ  المالكية والاحناف والحنابلة بالجهلة الاغبياء في معرض تضعيفه لحديث: من تأهل في بلد فليتم ،
ولعله لم يطلع علي عمل عثمان رضي الله عنه  وسكوت الصحابة علي ذلك 'فقد ثبت تقصير عثمان في مني وهو في الصحيحين نعم خالفه ابن مسعود ؛وقد اعتذر عثمان  بما روي أحمد في المسند  عن عثمان أنه صلى بمنى أربع ركعات فأنكر الناس عليه، فقال: يا أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تأهل في بلد فليصل صلاة المقيم. سبحان الله كيف يتجرؤا هذا الشيخ  علي وصف الحنابلة والاحناف والمالكية بالجهلة الاغبياء ؟مع أن دليلهم عمل خليفة راشد وسكوت جل الصحابة علي قبول عذره 'فهل هم أغبياء في نظر الشيخ حاشا ؟أنا أحسن الظن بالشيخ وأنا علي يقين من عدم اطلاعه علي حديث عثمان هذا .

 
رابعا :سبق للشيخ أن جمع أحاديث بعضها صحيح وبعضها حسن ،وبعضهاحسن لغيره بالمتابعات والشواهد ،وبعضهاضعيف ،وبعضهاموضوع ،فجعلها كلهاباطلة و(مامنه  اولااعليه)،ولم يعز تضعيفها أوبطلانها لأي محدث، سبحان الله هذا أسلوب لم يسبق إليه الشيخ ، وءاخرذلك حديث 
 حديث: أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِذَا اسْتَعْطَرَتْ الْمَرْأَةُ فَمَرَّتْ عَلَى الْقَوْمِ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ كَذَا وَكَذَا قَالَ قَوْلًا شَدِيدًا- يَعْنِي : زَانِيَةً -) فهذاالحديث رواه أبو داود (4173) والترمذي (2786) وصححه ابن دقيق العيد في "الاقتراح" (126) والشيخ الألباني في "صحيح الترمذي" .وأخرجه بهذا اللفظ ابن حبَّان (٤٤٢٤) وابن خزيمة (١٦٨١)، وهو عند أبي داود (٤١٧٣)، والترمذي (٢٧٨٦)، والنسائي (٥١٢٦)،  وحسَّنه الألباني في «صحيح الجامع» (٢٧٠١

وصححه ابن حبان وابن خزيمة والذهبي و...
وما ادعاه من أن مداره علي ثابت ابن عمارة الحنفي وانه ضعيف بحجة أن 
أبا حاتم الرازي قال فيه  : ليس عندي بالمتين
فمردود بتوثيق جل المحدثين له فقد قال فيه 
أبو بكر البزار : مشهور
وقال أحمد بن حنبل : ليس به بأس
وقال أحمد بن شعيب النسائي : لا بأس به
وقال ابن حجر العسقلاني : صدوق فيه لين
وقال الدارقطني : ثقة
وقال الذهبي : صدوق
وقال شعبة بن الحجاج : قال للنضر بن شميل: تأتوني وتدعون ثابت بن عمارة وهو ثقة.وأتحدي أي شخص يأتيني بحافظ ضعف الحديث قديما أوحديثا 'وقد كتبت فيه بحثا موجود علي صفحتي 'وكذلك حديث  : 
 يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم، فلا يجدون أحدا أعلم من عالم المدينة».

 'فهذا الحديث جاوز القنطرة وكلام الألباني وابن حزم في إعلاله لم يصادف محلا ' فقد صححه أوحسنه  جميع من قبلهما من المحدثين ؛وقد جمعت كلام المحدثين حوله وردهم علي من طعن فيه في بحث علي صفحتي .

ثم إن التصحيح والتضعيف لابد لمن يتقدم له آن يكون في مرتبة عالية  في هذا الفن ،فمثلا العراقي قال في الألفية نقلا عن ابن الصلاح  إنه ليس ممكنا في عصره قال في الألفية :
وعنده التصحيح ليس يمكن
 في عصرنا وقال يحي ممكن 
مع أننا لو قلنا  برأي يحي النووي  الذي قال بإمكانه مطلقا ؛ فلابد من توفر بقية الشروط الأخرى المعروفة لدي المحدثين ' فماكل شخص يحق له ذلك 'فعلم الحديث تخصص وكل تخصص لابد له من رجاله 'والرجال في هذا الفن إما :حافظ يحفظ ١٠٠الف حديث بأسانيدها 'أو حجة يحفظ ٣٠٠الف بأسانيها ' أوحاكم يحفظ الجميع 'وهناك مرتبة محدث دون ذلك لكن  دونها مفاوز وقفار ' فقد  روى أبو سعد السمعاني بسنده إلى أبي زرعة الرازي: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يقول: من لم يكتب عشرين ألف حديث إملاء لم يعد صاحب حديث.

وقال التاج السبكي في كتابه «معيد النعم»: من الناس فرقة ادعت الحديث فكان قصارى أمرها النظر في «مشارق الأنوار» للصاغاني. فإن ترفعت إلى «مصابيح البغوي»، وظنت أنها بهذا القدر تصل إلى درجة المحدثين، وما ذلك إلا بجهلها بالحديث، فلو حفظ من ذكرناه هذين الكتابين عن ظهر قلب وضم إليهما، من المتون مثليهما لم يكن محدثاً، ولا يصير بذلك محدثاً حتى يلج الجمل في سم الخياط، فإن رامت بلوغ الغاية في الحديث على زعمها اشتغلت بـ «جامع الأصول» لابن الأثير، فإن ضمت إليه «علوم الحديث» لابن الصلاح أو مختصره المسمى «بالتقريب والتيسير للنووي» ونحو ذلك، وحينئذ ينادى من انتهى إلى هذا المقام: محدث المحدثين وبخاري العصر، وما ناسب هذه الألفاظ الكاذبة، فإن من ذكرناه لا يعد محدثاً بهذا القدر، وإنما المحدث من عرف الأسانيد والعلل، وأسماء الرجال والعالي والنازل، وحفظ مع ذلك جملة مستكثرة من المتون، وسمع الكتب الستة، و «مسند» أحمد بن حنبل، و «سنن البيهقي»، و «معجم الطبراني»، وضم إلى هذا القدر ألف جزء من الأجزاء الحديثية. هذا أقل درجاته، فإذا سمع ما ذكرناه وكتب الطباق ودار على الشيوخ وتكلم في العلل والوفيات والمسانيد كان في أول درجات المحدثين، ثم يزيد اللّه من يشاء ما يشاء.

خامسا :أنااوافق الشيخ في الدعوة إلي عدم التعصب للقاسمية ،وأدعو إلي التبصر والنظر والمقارنة بين الأدلة،وأدعواإلي التيسير والأخذبالارخص وخاصة في مجال المعاملات والحلال والحرام ،ولي في ذلك عدة بحوث كبحث جواز الكيص و كبحث جواز الدجاج المستورد 'وكبحث تمدرس البنات وتحرير المرأة من العادات القديمة و وجوب تمدرسها وتحررها  'وبحث حول جواز الربا في بلاد الحرب  'وعشرات الفتاوي والبحوث حول معاملات معاصرة جري بها العمل فالاولي أن يترخص لها 'ولوبأقوال خارج المذاهب الأربعة 'وأدعوإلي التجديد والتيسير وإفتاء الناس بأيسر الأقوال في المعاملات والحلال والحرام 'مع تبيين الرأي المخالف ليتورع المتورعون ويحتاط المحتاطون ويترخص المحتاجون والمضطرون  .
لكن بالمقابل أدعو إلي عدم الفوضوية في التصحيح والتضعيف  وعدم التطاول علي المذاهب الفقهية 'والحسم في الظنيات .

سادسا:القضايا التي انفردت بها القاسمية كالسدل، وعدم التأمين، والاستفتاح ،وسجود الشكر ، وموقف الإمام من الجنازة ،من أراد النقاش فيها ومتابعة الشيخ بداه أومحمد ابن أبي مدين فليات بجديد، تاليفا،أوحتي مقاطع صوتية ،يناقش فيهاالادلة والأدلةالمضادة، ويرد علي حجج القاسمية ،بأدلة أقوي يستفيد منها العامي وطالب العلم ، وهذا أمرجيد ،لكن ينبغي  لمن يتعرض لنقاش هذه القضايا آن ينظرحجج القاسمية ويجمعها أولا ،ثم يرد لا أن يتجاهل أدلتهم ،ويأتي بالادلةالاخرى ،فذلك أسلوب غيرمقنع  .
القاضي :سيد محمدمحمدالامين ولدباب ٦ ٨ ٢٠٢٢.