بسم الله الرحمن الرحيم 'والصلاة والسلام علي النبي الكريم ' وبعد :فهذه هي الحلقة الثالثة من سلسلة حوار هادئ مع الشيخ :
محمد الامين ولد الشاه
وسأكمل فيها ملا حظاتي علي مقاله الذي نشره في موقع مراسلون ٢٨ ١ ٢٠٢١تحت عنوان: الفقه المالكي في موريتانيا مكذب فقهي أومكب فقهي '
وسأ تعرض في هذه الحلقة لعدة نقاط : النقطة الأولي :قال الشيخ حفظه الله مانصه :
ويفضل أصحابنا الإفراد على التمتع والقران تحكما بغير دليل، ذلك أن الأنساك كلها في الفضل سواء، أو قل أفضلها أيسرها.
وتعليقي هو: أن نسبة تفضيل الأفراد إلي أصحابنا خطأ بين بل هو مذهب مالك والشافعي في الصحيح المعروف من مذهبه وابو ثور حيث ذهبوا إلي أن الافراد أفضل لأن الأفراد هوالمتواتر عن النبي عليه السلام وغيره خبرءاحاد 'فكيف يزعم هذا الشيخ أن المالكيين تحكموا بغير دليل أليس المتواتر أقوي من الاحاد اتفاقا ؟قال في المراقي :
واقطع بصدق خبر التواتر
وسو بين مسلم وكافر
قال ابن رشد في بداية المجتهد ١ص٣٧١:
قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَرُوِيَ الْإِفْرَادُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى مُتَوَاتِرَةٍ صِحَاحٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَائِشَةَ وَجَابِرٍ.واستدلوا بان الخلفاء الراشدين واظبوا على الافراد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، أبو بكر وعمر وعثمان 'فكيف يخطئ الشيخ الشاه فهم الخلفاء الثلاثة وعملهم '
وفي الموطإ: وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن ابيه عن عايشة ام المومنين «ان رسول الله صلى الله عليه وسلم افرد الحج» .وكذا رواه ابن عمر وجابر في الصحيحين وابن عباس في مسلم،
وقال الزرقاني في شرح الموطإ:ورجح الافراد بانه صح عن جابر وابن عمر وابن عباس وعائشة، وهولاء لهم مزية في حجة الوداع على غيرهم، فاما جابر فهو احسن الصحابة سياقا لحديث حجة الوداع فانه ذكرها من حين خروج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة الى اخرها فهو اضبط لها من غيره.
واما ابن عمر فصح عنه انه كان اخذا بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وانكر على من رجح قول انس على قوله وقال: كان انس يدخل على النساء وهن مكشفات الرءوس واني كنت تحت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم يمسني لعابها اسمعه يلبي بالحج.
واما عائشة فقربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم معروف وكذلك اطلاعها على باطن امره وظاهره وفعله في خلوته وعلانيته مع كثرة فقهها وعظيم فطنتها.
واما ابن عباس فمحله من العلم والفقه في الدين والفهم الثاقب معروف مع كثرة بحثه وتحفظه احواله صلى الله عليه وسلم التي لم يحفظها غيره واخذه اياها من كبار الصحابة،
وبان الخلفاء الراشدين واظبوا على الافراد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ابو بكر وعمر وعثمان، واختلف عن علي فلو لم يكن افضل وعلموا انه صلى الله عليه وسلم حج مفردا لم يواظبوا عليه مع انهم الايمة المقتدى بهم في عصرهم وبعدهم فكيف يظن بهم المواظبة على خلاف فعله صلى الله عليه وسلم. انتهي .نعم خالف في ذلك الأحناف والحنابلة ' فقد قال احمد التمتع افضل.
وقال ابو حنيفة والثوري: القران افضل . قال الزرقاني :مستدلين بروايات أنه عليه السلام حج متمتعا أو قارنا
فقد وروى انه كان قارنا عمر في البخاري، وانس في الصحيحين، وعمران بن حصين في مسلم، والبراء في ابي داود، وعلي في النسايي، وسراقة وابو طلحة عند احمد، وابو سعيد وقتادة عند الدارقطني، وابن ابي اوفى عند البزار، وسعيد بن المسيب في البخاري، وروي أنه كان متمتعا ابن عمر وعائشة وابو شموسى وابن عباس في الصحيحين.قال الزرقاني في شرح الموطإ:
وجمع بين الروايتين بانه صلى الله عليه وسلم كان اولا مفردا ثم احرم بالعمرة بعد ذلك وادخلها على الحج، فعمدة رواة الافراد اول الاحرام، وعمدة رواة القران اخره.
وأما من روى انه كان متمتعا كابن عمر وعائشة وابي موسى وابن عباس في الصحيحين وعمران في مسلم فاراد التمتع اللغوي وهو الانتفاع وقد انتفع بالاكتفاء بفعل واحد، وبهذا الجمع تنتظم الاحاديث وياتي زيادة في ذلك .أما قوله :
ذلك أن الأنساك كلها في الفضل سواء، أو قل أفضلها أيسرها.
فهو الباطل والتحكم بغير دليل فالمذاهب الأربعة المتبو عة اختلفوا كماتقدم 'فالشافعية والمالكية فضلوا الإفراد لتواتره 'وفضل الأحناف القران 'وفضل الحنابلة التمتع ولكل دليله كماتقدم 'أما كلام الشيخ هنا فاجتهاد منه 'ولعله يريد إحداث مذهب خامس 'فماهو دليله علي هذا القول وعلي ماذابناه ؟
النقطة الثانية قال الشيخ الشاه في مقاله في شأن الحج مانصه :
يقولون إن وجوب الحج إنما هو على التراخي، وإن من حج بالحرام فحجه صحيح، وهو كلام باطل لأنه مؤسس على أدلة واهية، فالقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم حج على التراخي لأن الحج كان مفروضا سنة ست للهجرة كلام غير صحيح، ذلك أن قوله تعالى (وأتـموا الحج والعمرة لله) وإن نزل في غزوة الحديبية سنة ست، إلا أنه لا يعني الوجوب ابتداء، وإنما وجوب الإتمام لمن أحرم بحج أو عمرة.
ثم إن وفود ضمام ابن ثعلبة على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، لم يكن سنة خمس كما زعم الواقدي، وإنما سنة تسع كما ذكره ابن هشام ورجحه ابن حجر وغيره، فوجوب الحج بدأ بنزول آية الحج في سورة آل عمران وكان ذلك سنة تسع، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليحج هذه السنة لانشغاله باستقبال الوفود وطواف المشركين بالبيت عراة..
فتحصل أن النبي صلى الله عليه وسلم ما حج على التراخي، والحج ليس وجوبه على التراخي فكل من استطاع إليه سبيلا فقد وجب عليه.
وتعليقي عليه هو أن الشيخ أخطأ في نسبة القول بأن الحج واجب علي التراخي عند المالكين بل ذلك مذهب الشافعية 'خلافا للأحناف 'والمالكية عندهم روايتان إحداهما موافقة للشافعي 'وإحداهما موافقة للأحناف مع أنهم اختلفوا في ذلك قال ابن رشد : وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ عَلَى التَّوْسِعَةِ.
وقال ابن جزي في قوانينه :وهو واجب على من استطالة مرة في العمر وجوبا موسعا على التراخي وفاقا للشافعي وقيل على الفور وفاقا لابي حنيفة اذا قلنا بالتراخي فيجب على من بلغ ستين سنة .
وقال خليل : وفي فوريته وتراخيه لخوف الفوات خلاف
ومعلوم أن خليلا هو المعتمد في بلادنا في المذهب' وقد شهر في توضيحه أنه واجب علي الفور 'ورجحه الدسوقي والحطاب وهما الكتابان العتمدان عند أهل موريتانيا قال الدسوقي :
واذا علمت ذلك فقد ظهر لك ان القول بالفورية أرجح ويويد ذلك ان كثيرا من الفروع التي يذكرها المصنف في الاستطاعة مبنية على القول بالفورية فكان ينبغي للمصنف الاقتصار عليه .
قال الحطاب في مواهب الجليل : سوى المصنف هنا بين القولين، وفي التوضيح قال: الظاهر قول من شهر الفورية، وفي كلام ابن حبيب ميل اليه وكانه ضعف حجة القول بالتراخي ولأن القول بالفورية نقله العراقيون عن مالك والقول بالتراخي انما اخذ من مسائل وليس الاخذ منها بقوي، وإذا علمت ذلك فقد ظهر لك أن القول بالفورية أرجح ويؤيد ذلك أن كثيرا من الفروع التي يذكرها المصنف في الاستطاعة مبنية على القول بالفورية فكان ينبغي للمصنف الاقتصار عليه .
فانظر كيف شنع علي المالكيين قولا لاينسب استقلالا إلا إلي الشافعية 'وبعض الأحناف وخلاف المالكية فيه واضح '
ومعلوم أن المذهب فيه روايتان :الأولي أنه واجب علي الفور فقد رواه ابن القصار والعراقيون عن مالك وشهره القرافي في الذخيرة 'وصاحب العمدة' وابن بزيزة' والثاني شهره ابن الفاكهاني 'وابن رشد ونسبه للمتأخرين من المالكيين ' والتلمساني .
يتوا صل بحول الله ...