الحلقة الرابعة  من حوار هادئ مع الشيخ  محمد الامين ولد الشاه ١١ ٨ ٢٠٢٢ القاضي: سيد محمد ولد محمد الامين ولد  باب

خميس, 08/11/2022 - 20:08

 

بسم الله الرحمن الرحيم 'والصلاة والسلام علي النبي الكريم ' وبعد :فهذه هي الحلقة الرابعة  من سلسلة   حوار هادئ مع الشيخ :
محمد الامين ولد الشاه
وسأكمل فيها ملا حظاتي علي مقاله الذي نشره في موقع مراسلون ٢٨  ١ ٢٠٢١تحت عنوان: الفقه المالكي في موريتانيا مكذب فقهي أومكب فقهي '
وسأ تعرض في هذه الحلقة لعدة نقاط : النقطة الأولي :قال الشيخ حفظه الله مانصه :

لا فاتحة في صلاة الجنازة عند أهل المذهب وهذا خطأ مبين، فقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة سنة وحق.
وقد جهر بالفاتحة في صلاة الجنازة عبد الله ابن عباس فلما سئل في ذلك قال: (أردت أن أعلم الناس السنة) وهذا له حكم الرفع، وهو عند البخاري وغيره من حديث طلحة ابن عبد الله بن عوف.
وعجبا له كيف يشترط فيها الطهارة واستقبال القبلة وستر العورة، ويبدؤها بتكبيرة الإحرام ويخرج منها بالسلام ومع ذلك يقول ليست فيها فاتحة!
وتعليقي علي هوهذاالبحث الذي كتبته سابقا في الدفاع عن أدلة مذهبنا في القراءة في صلاة الجنازة وهذانص البحث :
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه،
وبعد :فقدورد سؤال عن حكم قراءة الفاتحة  في صلاة الجنازة؟ فاقول وبالله التوفيق:
أولا: قراءة الفاتحة اختلف فيها عند علماء المالكية على قولين:
القول الأول: المشهور عند المالكية عدم مشروعية قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة، ليست مستحبة ولا واجبة؛ قال الإمام مالك رحمه الله: "ليست القراءة في الجنازة مما يعمل به في بلدنا"، وذلك لأن صلاة الجنازة تنازع فيها أمران: شبهها بالصلاة، وشبهها بالدعاء؛ فأخذت الطهارة والنية وتكبيرة الإحرام والسلام من شبهها بالصلاة، وأخذت بقية الأقوال من شبهها بالدعاء، وقراءة الفاتحة ليست من باب الدعاء، فلا تشرع في صلاة الجنازة؛ لأنها ليست بصلاة على الحقيقة إنما هي دعاء واستغفار للميت؛ إذ ليس فيها أركان الصلاة من الركوع والسجود؛ فلم تكن فيها القراءة أيضا؛ قياساً على سجود التلاوة والطواف.النوادر والزيادات لابن أبي زيد: (ج1/ص591)

وهو مذهب الحنفية؛ بيد أنهم قالوا بمشروعية الفاتحة إذا قُرئت على سبيل الثناء والحمد لا على وجه قراءة القرآنية. وحجةالمالكية: ما روى أبو داود عن أبي هريرة أن النبيﷺ قال: «إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء»، فلم يأمرﷺ بالقراءة.
و ما روى الإمام مالك عن نافع: «أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان لا يقرأ في الصلاة على الجنازة»، والفاتحة من القراءة.
و ما روى الإمام مالك عن سعيد المقبري: «أنه سأل أبا هريرة: كيف تصلي على الجنازة؟ فقال أبو هريرة: أنا لعمر الله أخبرك، أتبعها من أهلها، فإذا وضعت كبرتُ وحمدتُّ الله وصليتُ على نبيه، ثم أقول: اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك، كان يشهد أن لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده». وهذا في صفة الصلاة على الميت، وفيها ذكر الثناء والحمد والصلاة على النبيﷺ والدعاء، وليس فيها قراءة الفاتحة.

وقال الشيخ عليش  في  منح الجليل:"وتكره قراءة الفاتحة عقب التكبيرة الأولى " 

و في المدونة :قال سحنون:" قلت لعبد الرحمن بن القاسم: أي شيء يقال على الميت في قول مالك؟
-قال: الدعاء للميت.
-قلت: فهل يقرأ على الجنازة في قول مالك؟
قال: لا.
قلت: فهل وقت لكم مالك ثناء على النبي وعلى المؤمنين؟ فقال: ما علمت أنه قال إلا الدعاء للميت فقط."

وفي المدونة قال مالك :"وقال مالك: ليس ذلك بمعمول به ببلدنا إنما هو الدعاء، أدركت أهل بلدنا على ذلك".واستدلوا كذالك 
بعمل جمع من الصحابة علي ترك القراءة  ومنهم عمر بن الخطاب و علي بن أبي طالب و أبو هريرة و ابن عمر..
ففي المدونة:"قال ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وفضالة بن عبيد وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وواثلة بن الأسقع والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وابن المسيب وربيعة وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد: أنهم لم يكونوا يقرءون في الصلاة على الميت."المدونة١ص٢٥١
.و استدلوابما رواه مالك في الموطأ أن ابن عمر لا يقرؤا  في الصلاة على الجنازة.
وفي الموطأ أيضا سئل أبو هريرة فكيف تصلي على الجنازة فقال لعمر الله أخبرك أتبعها من أهلها فإذا وضعت كبرت وحمدت الله وصليت على نبيه ثم أقول اللهم إنه عبدك....الخ" ولم يذكر القراءة. الموطارقم ٦١٤.
 و بمارواه أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنهه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء"سنن أبي داود٣١٩٩.

قالوا ولم يرد في القراءة على صلاة الجنازة حديث واحد صحيح  مرفوع إذ كلها موقوفة عن ابن عباس و أبي أمامة رضي الله عنهم 'نعم قد خولفوا بعمل غيرهم من الصحابة...طبعا قول ابن عباس لتعلمواأ نهاسنة له حكم الرفع قال في الطلعة :
ان كان من ذي صحبة وقوله 
اعني من السنة دابامثله 
قالوا فلعله اجتهاد منه خالفه فيه غيره ،وحينيذ لاحجة في رأيه لأن رأي  الصحابي لايكون حجة علي الراجح  إلا إذا انتشرولم يعلم له مخالف قال في المراقي :
رأي الصحابي علي الاصحاب لا
يكون حجةبوفق ماخلا
في غيره ثالثها ان  انتشر 
ومامخالف له قط ظهر 
 

قالوا :و لم يرد في الأحاديث الصحيحةالمرفوعة إلا الدعاء ،
،نعم ورد في الحديث عن جابر :أن النبي عليه السلام كان يقرؤا بفاتحةالكتاب في التكبيرةالاولي؛ وهوحديث ضعيف. انظرسبل السلام الصنعاني.  
وقد روى ابن أبي زيد رحمه الله في النوادر عن ابن حبيب عن مالك رحمه الله انه قال : ليست القراءة في الجنازة مما يعمل به في بلدنا وكذلك في سماع ابن وهب، قال ابن حبيب وروي ترك القراءة عليها عن علي وعمر وابن عمر وجابر وابي هريرة وكثير من الصحابة وكثير التابعين
وقال مالك في المختصر-لابن عبد الحكم- ولا قراءة في ذلك -في الجنازة-
قال ابونصر هلال: وأهل المدينة بأسرهم على هذا الا من شذ- لا قراءة في صلاة الجنازة -، والمعهود أن صلاة الجنازة تقع أبدًا ولا يكاد يخلو منه أسبوع أو شهر، وليس بالأمر النادر، ومحال أن تكون صلاة الجنازة مألوفة، و النبى - صلى الله عليه وسلم - ، يصليها بهم مدة حياته ، ثم يخفى عليهم ذلك جملة، وبقول مالك: ليست القراءة في الجنازة مما يعمل به في بلدنا ، ولا نُقل عن أحد من الأئمة أن النبى أنه صلى بالقراءة إلا ابن عباس والأكثر على خلافه.وقال الشيخ الحافظ ابن بطال في شرحه على البخاري :
وممن كان لا يقرأ على الجنازة وينكر ذلك: عمر بن الخطاب، وعلىّ بن أبى طالب، وابن عمر، وأبو هريرة، ومن التابعين: عطاء، وطاوس، وسعيد بن المسيب، وابن سيرين، وسعيد ابن جبير، والشعبى، والحكم، وبه قال مالك والثورى، وأبو حنيفة وأصحابه، قال مالك: الصلاة على الجنازة إنما هو دعاء، وليس قراءة فاتحة الكتاب معمولاً بها ببلدنا.
وماقاله ابن بطال هومانص عليه سيد عبدالله في المراقي ان ماكانت الدواعي متوافرةلنقله تواترا ولم ينقل كذلك بل نقل ءاحادا لايقبل ، قال في المراقي :
وبعض ماينسب  للنبي 
وخبرالاحادفي السني 
حيث دواعي نقله تواترا
ترى له لوقاله تقررا
فمحال أن تكون  القراءة علي الجنازة مما داوم عليه النبي عليه السلام ويروي عن كثير من الصحابة من أهل المدينةتركه كماتقدم .قال في المراقي :
ومالك بماسوي ذاك نخع
وماينافي نقل طيبة منع   
اذذاك قطعي ..
  
 
فالذي عليه شيوخ الصحابة الذين صلوا على النبي عليه السلام  وعلى شهداء أحد، عمر بن الخطاب، وعلىّ بن أبى طالب، وابن عمر، ،وكل من روى حديثا في صلاة الجنازة إما اقتصر على التكبير أو الدعاء وكلاهما شيء مألوف ولم يرووا قراءة الفاتحة لأنها لم تكن من عمل الناس وقتئذ حتى أظهر بعض الصحابة أنها سنة غير أن أهل المدينة استمروا على عملهم بالدعاء وترك الفاتحة 'وكلاهما الفاتحة والدعاء سنة لأن ابن عباس إنما قال إنها سنة لعلمه أن الناس لايفعلونها ،واقتصارهم على الدعاء فلم ينكر عليهم ولكن علمهم سنة أخرى ،فبان بهذا سقوط قول من أوجبها بغير نص صريح ،وإن كان فعمل المدينة يرده لأنهم أجمعوا على تركه، كالأذان والصاع وغيره كثير،

و أما حديث "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" الذي استدل البعض بعمومه على وجوب قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة 
فأجابوا عنه: بأن عمل أهل المدينة و المروي عن جمع من الصحابة يخصص عمومه فلا تدخل فيه صلاة الجنازة ، قال في المراقي :
وان يك العموم من وجه ظهر
فالحكم بالترجيح حتمامعتبر
  

القول الثاني: وهو غير المشهور عند المالكية قال أشهب بوجوبها بعد التكبيرة الأولى، وكان الإمام القرافي يحكيه ويفعله، وقال: "ومن الورع الخروج عن خلاف العلماء بحسب الإمكان؛ فإن اختلف العلماء في فعل: هو مباح أم حرام؛ فالورع الترك، أو مباح أو واجب؛ فالورع الفعل مع اعتقاد الوجوب، أو مندوب أو حرام؛ فالورع الترك، أو مكروه أو واجب فالورع الفعل، أم مشروع أو غير مشروع؛ فالورع الفعل؛ لأن المثبت للشرعية مقدم...، كاختلاف العلماء في شرعية الفاتحة في صلاة الجنازة؛ فمالك يقول: ليس بمشروعة، والشافعي يقول: مشروعة واجبة؛ فالورع القراءة".الذخيرة للقرافي: (ج13/ص246 و247).

قال العلامة المالكي أحمد بن غنيم النفراوي: في الفواكه الدواني ٢ص٦٩٠  "قراءة أم القرآن حكمها الوجوب عند الشافعي في صلاة الجنازة، وعند مالك الكراهة؛ إلا إذا قصد المصلي مراعاة الخلاف فيأتي بها بعد شيء من الدعاء حتى تصح الصلاة عندنا وعند الشافعي، والعبادة المتفق عليها خير من المختلف فيها...، وقولنا: "بعد شيء من الدعاء"؛ لأنه واجب عندنا كوجوب الفاتحة عند الشافعي، فلا بد منهما حتى تصح الصلاة على المذهبين"
وهو مذهبُ الشافعية والحنابلة والظاهرية؛ وحجتهم:
ما روى البخاري ومسلم أن النبيﷺ قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب؛ وجه الدلالة: أنَّ صلاةَ الجنازةِ نوع مِن جنس الصَّلواتِ، فتدخُلُ في عمومِ هذا النصِّ في كونِ قِراءة الفاتحةِ فرضًا فيها كسائرِ الصَّلواتِ.
واستدلوابما روى البخاري عن طلحةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عوفٍ قال: صليتُ خلفَ ابن عبَّاس رضي الله عنهما على جنازةٍ، فقرَأَ بفاتحةِ الكتابِ، فقال: «لِيَعْلموا أنَّها سُنَّةٌ»، وفي رواية الحاكم: «ثم قال: «إنما جهرت لتعلموا أنها سنة . 
 وبما روى عبد الرزاق والبيهقي عن أبي أُمامةَ بنِ سَهلٍ الأنصاري رضي الله عنه قال: «إنَّ السُّنَّة في الصَّلاةِ على الجنازةِ أن يُكبِّرَ الإمامُ، ثم يقرأَ بفاتحةِ الكتابِ بعدَ التكبيرة الأولى سِرًّا في نفْسِه، ثم يُصلِّي على النبيِّﷺ (أي: بعدَ التكبيرة الثانية)، ثم يُخلِصَ الدُّعاءَ للميِّت في التكبيرات لا يقرأ في شيء منهنَّ، ثم يُسلِّم» وفي رواية: «ولا يقرأ إلَّا مرةً». 

 وقد توسط آخرون فقالوا باستحبابها وعدم وجوبها ، وهو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فإنه قال :
" الفتاوى الكبرى " ( 2 / 121 ) .
" وتنازع العلماء في القراءة على الجنازة على ثلاثه أقوال : قيل : لا تستحب بحال , كما هو مذهب أبي حنيفة ومالك ، وقيل : بل يجب فيها القراءة بالفاتحة ، كما يقوله من يقوله من أصحاب الشافعي وأحمد ، وقيل : بل قراءة الفاتحة فيها سنة , وإن لم يقرأ بل دعا بلا قراءة جاز , وهذا هو الصواب " انتهى .

اذن فتبين مماسبق :أن المذهب فيه قولان، وأن أشهرهما الاقتصارعلي ما ورد عن أكثر الصحابة والتابعين، وما استقرعليه عمل أهل المدينة،وروته الكافة عن الكافة،وهو ترك القراءة،و الاقتصارعلي الصلاةعلي النبي عليه السلام والدعاء  ،مع أنه لاحرج في الخروج من الخلاف وقراءةالفاتحة كمايري القرافي وأشهب    .والله اعلم وصلي الله علي محمد وءاله. ٢  ٣     ٢٠١٩

يتوا صل بحول الله ...