الحلقة السادسة   من حوار هادئ مع الشيخ  محمد الامين ولد الشاه ١٤  ٨ ٢٠٢٢

خميس, 08/18/2022 - 08:13

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم 'والصلاة والسلام علي النبي الكريم ' وبعد :فهذه هي الحلقة السادسة من سلسلة  من حوار هادئ مع الشيخ 
محمد الامين ولد الشاه
وسأكمل فيها ملا حظاتي علي مقاله الذي نشره في موقع مراسلون ٢٨  ١ ٢٠٢١تحت عنوان الفقه المالكي في موريتانيا مكذب فقهي أومكب فقهي '
وسأ تعرض في هذه الحلقة لنقطة واحدة :قال الشيخ حفظه الله مانصه :
التيمم
لقد شرع لنا ربنا جل في علاه التيمم رخصة ولطفا بهذه الأمة، والواجب في التيمم إنما هو مسح الوجه والكفين فقط بضربة واحدة، هذا هو الذي عليه المحققون من الأئمة، وهو الذي يسنده الدليل، لأن النبي صلوات الله و سلامه عليه هو المبين عن ربه، ففي الذكر الحكيم يقول الباري جل في علاه (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)
 وقد بين المعصوم صلوات الله وسلامه عليه صفة التيمم بالنقل الصحيح الصريح، فليس فيه مسح المرافق وهو ضربة واحدة، لكن أصحاب فروع المذهب قد ضيقوا الواسع وعسروا على الناس، أخذا بمقايسات وتفريعات ما أنزل الله بها من سلطان.
قال الحافظ بن حجر في الفتح – كتاب التيمم (...إن الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم و حديث عمار وما عداهما فضعيف أو مختلف في رفعه ووقفه  والراجح عدم رفعه...
وأما ما استدل به من اشتراط بلوغ المسح إلى المرفقين من أن ذلك مشترط في الوضوء فجوابه أنه قياس في مقابلة النص وهو فاسد الاعتبار، ومعارض بقياس آخر وهو الإطلاق في آية السرقة... ولا حاجة لذلك مع وجود النص...
ومما يقوي رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين، كون عمار كان يفتي بعد النبي صلى الله عليه و سلم بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره ولاسيما الصحابي المجتهد.
وتعليقي علي هذاالكلام هو :أن الشيخ ساق هذه المسألة في معرض رده علي المالكية ولكن   مسح المرفقين في التيمم ليس مذهبا للمالكية' بل هو مذهب للجمهور  علي اختلاف بينهم في ذلك 'فمنهم من يري أنه سنة ومنهم من يري أنه واجب والمالكية يرون أنه سنة وهو المشهور 'وبالتالي فالشيخ هنا ضرب عرض الحائط بمذاهب الجمهور '
 ويدعو إلي إبطال صلاة الناس عند الجمهور  ' ومن الغريب أن المالكية الذين ينتقد عليهم هذه المسألة هم أقل المذاهب تشددا فيها' فالشافعية والاحناف يرون الاعادة مطلقا لمن ترك المسح إلي المرفقين ' قال القرافي في الذخيرة :قَالَ مَالك فِي العتيبة يجْزِيه ضَرْبَة إِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعِيدُ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حنيفَة يُعِيدُ مُطْلَقًا لَنَا مَا فِي مُسْلِمٍ وَالْبُخَارِيِّ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخطاب رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا أَمَا تَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ أَنَا وَأَنْتَ فِي سَرِيَّةٍ فَأَجْنَبْنَا فَلَمْ نَجِدِ الْمَاءَ فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ كَمَا تَتَمَرَّغُ الدَّابَّةُ وَصَلَّيْتُ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْكَفَّيْنِ فَقَالَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ يَا عَمَّارُ فَقَالَ عَمَّارُ إِنْ شِئْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ فَقَالَ بَلْ نُوَلِّيكَ مِنْ ذَلِكَ مَا تَوَلَّيْتَ وَيُرْوَى إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ الْأَرْضَ ثُمَّ تَنْفُخَ ثُمَّ تَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ وَيُرْوَى أَنْ تَقُولَ هَكَذَا وَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ وَنَفَضَ يَدَيْهِ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ .ثم قال : وَقَالَ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ إِنْ تَيَمَّمَ إِلَى الْكُوعَيْنِ أَعَادَ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَعَادَ التَّيَمُّمَ فَقَطْ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُعِيدُ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ أَبَدًا وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي ح وَش لِإِطْلَاقِ الْيَدِ فِي التَّيَمُّمِ وَتَقْيِيدِهَا فِي الْوُضُوءِ وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْوَجْهِ حُجَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْيَدَ أُطْلِقَتْ فِي السَّرِقَةِ فَحُمِلَتْ عَلَى الْكُوعِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا وَلِأَنَّ الْيَدَ لَوْ لَمْ تَصْدُقْ عَلَى الْكُوعَيْنِ لما قيل فِي الْوضُوء {إِلَى الْمرَافِق} لِأَن المغيا يَجِبُ أَنْ تَكْمُلَ حَقِيقَتُهُ قَبْلَ الْغَايَةِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَتْ إِلَّا لِلِاسْتِثْنَاءِ مَكَانَ إِلَى لِإِخْرَاجِ العضدين وَيمْنَع هَهُنَا حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا وُضُوءٌ وَالْآخَرَ تَيَمُّمٌ قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ الْمُطْلَقُ مَعَ الْمُقَيَّدِ عَلَى أَرْبَعِ أَقْسَامٍ تَارَةً يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ وَالسَّبَبُ كَالْوُضُوءِ وَالسَّرِقَةِ فَلَا حَمْلَ إِجْمَاعًا وَتَارَةً يَتَّحِدَانِ كَمَا لَوْ ذَكَرَ الرَّقَبَةَ فِي الظِّهَارِ مَرَّتَيْنِ مُطْلَقَةً وَمُقَيَّدَةً بِالْإِيمَانِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَتَارَةً يَخْتَلِفُ السَّبَبُ وَيَتَّحِدُ الْحُكْمُ كَالرَّقَبَةِ فِي الْقَتْلِ مُقَيَّدَةً بِالْإِيمَانِ وَمُطْلَقَةً فِي الظِّهَارِ وَفِي الْحَمْلِ مَذْهَبَانِ وَتَارَةً يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ وَيَتَّحِدُ السَّبَبُ كَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ فَالسَّبَبُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْحَدَثُ وَالْحُكْمُ مُخْتَلِفٌ وَهُوَ الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ وَفِي الْحَمْلِ مَذْهَبَانِ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ وَيَظْهَرُ أَنَّ إِلْحَاقَ التَّيَمُّمِ بِالْوُضُوءِ أَوْلَى مِنْ إِلْحَاقِهِ بِالسَّرِقَةِ لَكِنْ يُؤَكَّدُ الْمَذْهَبُ مِنْ جِهَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَحَدِيثِ عَمَّارٍ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ مَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ وَلَمْ يُذْكَرِ الْمِرْفَقَيْنِ وَرِوَايَةُ الْمُرْفَقَيْنِ مُنْكَرَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ شُعْبَةُ كَانَ سَلَمَةُ يَقُولُ الْوَجْهَ وَالذِّرَاعَيْنِ فَقَالَ لَهُ مَنْصُورٌ ذَاتَ يَوْمٍ انْظُرْ مَا تَقُولُ فَإِنَّهُ لَا يَذْكُرُ الذِّرَاعَيْنِ غَيْرُكَ وَلَوْ صَحَّتْ لَحَمَلْنَاهَا عَلَى الْفَضِيلَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَأَمَّا الْخَصْمُ فَيُعَطِّلُ أَحَدَهُمَا وَلِأَنَّ الْيَدَ تُغْسَلُ جُمْلَتُهَا لِلْجَنَابَةِ فَإِذَا أَبْدَلَ التَّيَمُّمَ مِنَ الْغَسْلِ تَيَمَّمَ عَلَى بَعْضِهَا وَتَرَكَ الْعَضُدَانِ فَكَذَلِكَ إِذَا أَبْدَلَ مِنَ الْوُضُوءِ تَرَكَ بعض مَا يغسل للْوُضُوء وَعَكسه الْوَجْه لما كَانَ يُوعَبُ لِلْجَنَابَةِ أُوعِبَ بَدَلًا مِنَ الْوُضُوءِ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ شُرِعَ فِيمَا لَمْ يُسْتَرْ عَادَةً فَأُسْقِطَ مِنْ مَحَالِّ الطَّهَارَةِ مَا سُتِرَ عَادَةً وَلِذَلِكَ لَمْ يُشَرَعْ فِي الرَّأْسِ لِسَتْرِهِ بِالْعِمَامَةِ وَلَا فِي الرِّجْلَيْنِ لِسَتْرِهِمَا بِالنَّعْلِ وَشُرِعَ فِي الْوَجْهِ لِكَوْنِهِ بَادِيًا فَكَذَلِكَ يُقْتَصَرُ عَلَى الْكُوعَيْنِ لِكَوْنِهِمَا الْبَادِيَيْنِ هَذَا الْكَلَامُ فِي الْإِجْزَاءِ وَالْأَفْضَلُ الْبُلُوغُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ لِأَنَّهُ فِعْلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ يَتَيَمَّمُ إِلَى الْآبَاطِ مِنْ أَسْفَلَ وَالْمَنَاكِبِ مِنْ فَوْقَ لِأَنَّ الْيَدَ اسْمٌ لِلْجُمْلَةِ .

ومن الغريب تحامل الشيخ علي المالكية وهم  لم يوجبوا الضربة الثانية والمسح إلي المرفقين ' مع أنه  ذهب أبو حنيفة والشافعي في الجديد وغيرهما الى وجوب 
ضربتين ووجوبه إلى المرفقين لحديث أبي داود: " «انه - صلى الله عليه وسلم - تيمم ضربتين مسح باحداهما وجهه والاخرى يديه الى المرفقين» " وروى الحاكم، والدارقطني عن ابن عمر مرفوعا: " «التيمم ضربتان: ضربة للوجه وضربة لليدين الى المرفقين» "وفي الموطإ:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع انه اقبل هو وعبد الله بن عمر من الجرف حتى اذا كانا بالمربد نزل عبد الله فتيمم صعيدا طيبا فمسح وجهه ويديه الى المرفقين ثم صلى .وفي الباب أحاديث كثيرة فقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، أَنَّهُ قَالَ:
 «مَرَّ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سِكَّةٍ مِنَ السِّكَكِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى كَادَ الرَّجُلُ يَتَوَارَى فِي السِّكَكِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى حَائِطٍ، وَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَ بِهَا ذِرَاعَيْهِ»، 
 وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ ظَبْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
 «الْتَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ:
 ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ».
 
 وَرَوَي  الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ:
 «تَيَمَّمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ضَرَبْنَا بِأَيْدِينَا عَلَى الصَّعِيدِ الطَّيِّبِ، ثُمَّ نَفَضْنَا أَيْدِيَنَا فَمَسَحْنَا بِهَا وُجُوهَنَا، ثُمَّ ضَرَبْنَا ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحْنَا مِنَ الْمَرَافِقِ إِلَى الْأَكُفِّ» 
 وَرَوي  الدَّرَاقُطْنِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي دَاوُدَ الْحَرَّانَيِّ،  عَنْ سَالِمٍ، وَنَافِعٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ:
 «وَفِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَتَانِ:
 ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ».
  وَرَوي  الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْمَاطِيِّ عَنْ عَزْرَةَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
 «التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلذِّرَاعَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ»، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ عَزْرَةَ بِسَنَدِهِ الْمَذْكُورِ، قَالَ:
 «جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ:
 أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، وَإِنِّي تَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ، فَقَالَ:
 اضْرِبْ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ يَدَيْهِ فَمَسَحَ بِهِمَا إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ».
 وَرَوَي  الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ
عَنِ الْأَسْلَعِ، قَالَ:
 «كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بِآيَةِ الصَّعِيدِ، فَأَرَانِي التَّيَمُّمَ، فَضَرَبْتُ بِيَدَيَّ الْأَرْضَ وَاحِدَةً، فَمَسَحْتُ بِهَا وَجْهِيَ ثُمَّ ضَرَبْتُ بِهَا الْأَرْضَ فَمَسَحْتُ بِهَا يَدَيَّ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ»، ،
 
 وَرَوَي الْبَزَّارُ، وَابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا:
 «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ:
 ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ»،
 
 وأما حديث عمار الذي أورده الشيخ فهو مضطرب فقد روي الطَّبَرَانِيُّ فِي الاوسط : «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ:
 تَكْفِيكَ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْكَفَّيْنِ»، وروي عنه أيضا :
 «كُنْتُ فِي الْقَوْمِ حِينَ نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ فَأَمَرَنَا فَضَرَبْنَا وَاحِدَةً لِلْوَجْهِ، ثُمَّ ضَرْبَةً أُخْرَى لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ».رَوَاهُ الْبَزَّارُ، 
فهذه الاحاديث وإن كان في أسانيدها مقال فإنها كلها تصلح للاحتجا ج 'وعلي هذا الطريقة سار المالكيون فأعملوها جميعا وقالوا بسنية المسح إلي المرفقين 'وإعمال الدليلين أولي من إلغاء أحدهما قال الشنقيطي في الأضواء  مانصه :
 
 فَإِذَا عَرَفْتَ نُصُوصَ السُّنَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ فَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمَسْحِ الْكَفَّانِ فَقَطْ، وَلَا يَبْعُدُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ وُجُوبِ الْكَفَّيْنِ، وَسُنِّيَّةِ الذِّرَاعَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، لِأَنَّ الْوُجُوبَ دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ فِي الْكَفَّيْنِ.
 وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ الْوَارِدَةُ بِذِكْرِ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ تَدُلُّ عَلَى السُّنِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا يَخْلُو شَيْءٌ مِنْهَا مِنْ مَقَالٍ، فَإِنَّ بَعْضَهَا يَشُدُّ بَعْضًا، لِمَا تَقَرَّرَ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ الطُّرُقَ الضَّعِيفَةَ الْمُعْتَبَرَ بِهَا يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا حَتَّى يَصْلُحَ مَجْمُوعُهَا لِلِاحْتِجَاجِ:
 لَا تُخَاصِمْ بِوَاحِدٍ أَهْلَ بَيْتٍ، فَضَعِيفَانِ يَغْلِبَانِ قَوِيًّا، وَتَعْتَضِدُ أَيْضًا بِالْمَوْقُوفَاتِ الْمَذْكُورَةِ.
 وَالْأَصْلُ إِعْمَالُ الدَّلِيلَيْنِ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ.
 
القاضي :سيد محمدمحمدالامين ولدبا ب ١٤ ٨ ٢٠٢٢.

يتواصل بحول الله ..