بسم الله الرحمن الرحيم 'والصلاة والسلام علي النبي الكريم ' وبعد :فهذه هي الحلقة التاسعة من سلسلة : حوار هادئ مع الشيخ
محمد الامين ولد الشاه
وسأتابع فيها ملا حظاتي علي مقاله الذي نشره في موقع مراسلون ٢٨ ١ ٢٠٢١تحت عنوان الفقه المالكي في موريتانيا مكذب فقهي أومكب فقهي '
وسأ تعرض في هذه الحلقة لنقطتين :
الاولي :قال الشيخ حفظه الله مانصه :
سنن الصلاة
ما من شك في أن الصلاة هي عماد الدين، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث مالك ابن الحويرث ( صلوا كما رأيتموني أصلي)
ثم صلى بآلاف من الصحابة نقلها عنهم الآلاف من التابعين، صلاة محمدية لا يختلف عليها اثنان، مكونة من أقوال وأفعال مخصوصة، منها ما هو أركان ومنها ما هو سنن، وكل من الصلاة.
ثم حذر وأنذر من يخالف أمره فقال كما في الصحيح من حديث عائشة (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)
لكن أصحابنا تركوا من الصلاة المحمدية، ست سنن ثابتة في الصحاح والسنن والمسانيد بل جعلوها مكروهات منها مثلا:
- دعاء الاستفتاح
ـ التأمين جهرا بعد الفاتحة
ـ التسليمة الثانية
ـ وضع اليمين على الشمال
ـ الرفع للركوع
ـ الرفع للاستواء من الركوع
ـ الرفع للقيام من التشهد الأول
كل ذلك من المكروهات أو المتروكا ت في مشهور مذهب مالك.
(وكرهوا بسملة تعوذا)
وتعليقي هو : أن الشيخ حفظه الله قال كلاما لايليق بأمثاله' فكيف لمذهب أسسه واضحة ومنطلقاته واضحة ومرجعيته هي الكتاب والسنة وماتفرع منهما 'كيف لفقهاء هذا المذهب أن يتعمدوا مخالفة صلاة النبي عليه السلام وكأنهم كاتوليك ؟وكأن لديهم مصلحة في ترك التسليمة الثانية أو البسملة أوغير ذلك 'ومادري أن هذه الأحاديث ما ترك هؤلاء الفقهاء الأعلام العمل بها إلا بسب دليل معارض أقوي منها لديهم ' كما سأبينه إن شاءالله ' مع أنني لست متعصبا بل أرجح القبض والرفع والتأمين والا ستفتاح '
ولكل من هذه المسائل أدلتها ' ولكن هذه المسائل تختلف من حيث قوة الأدلة وضعفها ' فمثلا القبض هو الراجح في المذهب كماهو معلوم ' مع أن السدل وإن كان مرجوحا وقد انفرد به ابن القاسم فإن له أدلة ومن أراد مراجعتها فلينظر كتاب إبرام النقض لمحمد الخضر ولد ماياب 'وأما الرفع فأكثر المالكية عليه ' وإن كان ابن القاسم وأبو حنيفة لايريانه عملا بحديث ابن مسعود والبراء ابن عازب ' 'وقد أعددت فيه بحثا سأنشره في الحلقة العاشرة بحول الله ' كما أن مذهبنا في ترك البسملة أقوي أدلة من الاخرين ' وقد كتبت فيه بحثا سأ نشره 'أما التسليمة الأولي فقد كتبت فيها بحثا بينت فيه قوة أدلة المالكية 'وهذانصه : بسم الله الرحمن الرحيم ؛الحمدلله رب العالمين ؛والصلاةوالسلام علي النبي الامين ،وبعد:فقدوردسؤال حول موضوع التسليم قبل انهاالامام تسليمته الثانية؛وماهودليل المالكية علي ترك التسليمة الثانية فأقول :
من سلم قبل تسليم إمامه كاملا كما ورد في السؤال فقدأساء وصحت كمانص عليه الحطاب وغيره قال الوالدالشيخ محمدالامين ولدباب البوصادي :
أساوصحت مقتدقبل انقضا
تسليمتين بالسلام والقضا
واوجب الثانيةبن حنبل
كابن الصلاح الحسن المفضل
وغيرهم ممن بها قال تسن
لديه والاصبح ناح لسنن
اهل المدينةلذاتكفيه
واحدةحطاب هذافيه
اما التسليمةالاولي فقدوردت فيها أحاديث تكلم ابن عبدالبروابن حجرفي سندها لكن وردفيها حديث مرسل في السنن أن النبي عليه السلام وأبابكر وعمر كانوا يسلمون تسليمةواحدة .ولم يطعن فيه ابن القيم إلابأنه حديث مرسل والمرسل حجة عندالمالكية وأحمدوأبوحنيفة قال في الطلعة :
واحتج مالك به وأحمد
كذا أبوحنيفة المؤيد
وقال في المراقي :
وهوحجةولكن رجحا
عليه مسند وعكس صححا
نعم لم يحتج به الشافعي لأنه لايحتج بالمرسل ؛ ولكن من المعروف أن المرسل يتعضد بمرسل ءاخر وبمسند ءاخر وبالقياس ؛وبالعمل قال في الطلعة :
الاسنادوالارسال والقياس
ولانتشارعمل اساس
وقدعضد بأحاديث كثيرة وبالقياس لأن الصلاة تدخل بتكبيرةواحدة ؛فيقاس عليهاالتسليم ؛ويعضدبعمل أهل المدينة وهومن التواترالفعلي قال في المراقي :
واقطع بصدق خبرالتواتر
وسوبين مسلم وكافر
واللفظ والمعني وذاك خبر
من عادةكذبهم منحظر
من غير معقول واوجب العدد
من غيرمعقول علي مايعتمد
إلي أن يقول :
ومالك بماسوي ذاك نخع
وماينافي نقل طيبةمنع
قال ابن رجب في فتح الباري ٧ص ٣٦٧:وقد رويت التسليمة الواحدة عن ابن عمر وأنسٍ وعائشة وسلمة بن الأكوع، وروى عن عثمان وعليً -أيضاً -، وعن الحسن وابن سيرين وعطاءٍ -أيضاً - وعمر بن عبدالعزيز والزهري، وهو قول مالكٍ والاوزاعي والليث، وهو قول قديم للشافعي.
وحكاه أحمد عن أهل المدينة، وقال: ما كانوا يسلمون إلا واحدةً. قال: وإنما حدثت التسليمتان في زمن بني هاشمٍ، يعني: في ولاية بني العباس، وقال الليث: أدركت الناس يسلمون تسليمةً واحدةً.
وقد اختلف على كثيرٍ من السلف في ذلك، فروى عنهم التسليمتان، وروي عنهم التسليمة الواحدة، وهو دليلٌ على أن ذلك كان عندهم سائغاً، وإن كان بعضه أفضل من بعضٍ، وكان الأغلب على أهل المدينة التسليمة الواحدة، وعلى أهل العراق التسليمتان... ثم قال: والقائلون بالتسليمتين أكثرهم على أنه لو اقتصر على تسليمة واحدة أجزأه، وصحت صلاته، وذكره ابن المنذر إجماعاً ممن يحفظ عنه من أهل العلم". انتهى كلام ابن رجب،
وقدوردت فيها أحاديث في سندها مقال فقدروي عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - " أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُسَلِّمُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ " رواه احمدرقم :١٥٦٧.
وقدرويت التسليمة الواحدة مرفوعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث أنس ومن حديث عائشة، ومن حديث سلمة بن الأكوع ومن حديث سمرة بن جندب، ومن حديث سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنهم - وأسانيدها فيها مقال .
وقد ذكر الطبري بإسناده إلى أنس بن مالك قال "صليت خلف سيّدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يسلمون تسليمة واحدة. وفي صحيح مسلم أن أميرا كان بمكة يسلم تسليمتين فقال عبد الله بن مسعود:أنى عَلِقها أي من أين علمها.
قال القرطبي في المفهم 203/2:وهذا الاستبعاد من ابن مسعود يدل على أن عمل الناس كان على تسليمة واحدة.
وقال النووي في شرح مسلم عند المرجع الآنف:إذ لايأتي هذا الاستفهام إلا مع عدم العمل بالتسليمتين.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار 167/2:والعمل المشهور بالمدينة التسليمة الواحدة وهو عمل قد توارثه أهل المدينة كابرا عن كابر ومثله يصح الاحتجاج بالعمل في كل بلد لأنه لا يخفى لوقوعه في كل يوم مرارا.
وهو آخر عمل سيّدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام في السلام:"السلام عليكم"فقط لأنهم كانوا يأخذون بالآخر فالآخر من فعله عليه الصلاة والسلام ويرونه الناسخ وبناء على هذا يكون حكم التسليمتين منسوخا لأن العمل استقر على التسليمة الواحدة.
وقد صح عن الصحابة - رضي الله عنهم - الاكتفاء بتسليمة واحدة، والظاهر أنَّهم لا يفعلون ذلك إلا بتوقيف من بالنبي - صلى الله عليه وسلم قال في الطلعة :
ومااتي عن صاحب ممامنع
فيه مجال الراي عندهم رفع
فعن ابن جريج قال: أخبرني نافع وسألته: كيف كان ابن عمر - رضي الله عنه - يسلم إذا كان إمامكم؟ قال: "عن يمينه واحدة: السلام عليكم" رواه ابن ابي شيبو ٣٠١ باسنادصحيح ].
-وعن حميد قال: صليت مع أنس - رضي الله عنه - فكان يسلم تسليمة واحدة: السلام عليكم ورحمة الله" ابن ابي شيبة .٣٠١ ج١.
وعن القاسم عن عائشة - رضي الله عنها -: "أنَّها كانت تسلم تسليمة واحدة قبالة وجهها: السلام عليكم" رواه ابن ابي خزيمة .٣٦٠ ج١
وقد رويت التسليمة الواحدة عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وسلمة بن الأكوع - رضي الله عنهم .]
ثم إن هذه الاحاديث ولو أن جلها أو كلها متكلم فيها فإنها تصلح حجة ؛قال في الطلعة :
وحيث تابع الضعيف معتبر
فحسن لغيره وهو نظر
مالم يكن لتهمةبالكذب
اولشذوذفانجباره ابي
فان قال معترض نقبل هذاولكن سيدعبدالله قال عن الحسن :
وهو في الحجة كالصحيح
ودونه إن صير للترجيح
وأحاديث التسليمتين صحيحةلاغبار عليها قطعا؛ نقول نعم ثبتت التسليمتان في احاديث صحيحة لامطعن فيها قطعا ؛بصيغةكان النبي عليه السلام يسلم تسليمتين عن يمينه وشماله في الصحيحين وفي كتب السنة ؛لكن صيغة كان لاتدل علي العموم علي الصحيح قال في المراقي :
منه منكرالجموع عرفا
وكان والذي بهاقدوصفا
فلاتدل علي أنه كان يفعل ذلك في جميع احواله ؛بل ثبت الامران عنه ،
قال ابن رجب في فتح الباري ٧ص٣٦٧: الصحابة - رضي الله عنهم - قد كان منهم من يسلم تسليمتين، ومنهم من يسلم تسليمةً واحدةً، ولم ينكر هؤلاء على هؤلاء، بل قد رُوِي عن جماعةٍ؛ منهم: التسليمتان والتسليمة الواحدة، فدل على أنَّهم كانوا يفعلون أحيانًا هذا، وأحيانًا هذا، وهذا إجماع منهم على أنَّ الواحدة تكفي].
و قال ابن عبدالبرفي التمهيد١٦ص١٩٠: القول عندي في التسليمة الواحدة وفي التسليمتين - أنَّ ذلك كله صحيح بنقل من لا يجوز عليهم السهو ولا الغلط في مثل ذلك، معمول به عملًا مستفيضًا بالحجاز التسليمة الواحدة، وبالعراق التسليمتان، وهذا مما يصح فيه الاحتجاج بالعمل لتواتر النقل كافة عن كافة في ذلك... وكل جائز حسن .
ثم إن سيدعبدالله نفسه يقول في المراقي في الترجيح باعتبارحال المروي :
والمدني والخبرالذي جمع
حكماوعلة كقتل من رجع
يعني أن الخبر المروي من طرف أهل المدينة يقدم وقد استفاضت روايةالتسليمة الواحدة عنهم كماتقدم ،فإذا اعترض معترض وقال إن سيد عبدالله قال في المراقي : أن الحديث الذي ورد في الصحيحين يقدم علي غيره حيث قال :
وكونه أودع في الصحيح
لمسلم والشيخ ذي الترجيح
نقول :نعم نسلم ولاننكر صحة هذه الاحاديث ولكن هذه الاحاديث ءاحاد وقد تعارضت مع أحاديث أخري ومع التواتر العملي الذي رواه الكافة عن الكافةمن أهل المدينة ؛ومحال أن يجتمعوا علي باطل ،
ثم إن سيدعبدالله نفسه قال في المراقي في الترجيح باعتبار الراوي :
حريةوالحفظ علم النسب
وكونه أقر ب أصحاب النبي
ولا أحد أكثر قربا من عائشة وقد روت الاقتصار علي التسليمة الواحدة ،
وعلي العموم نستخلص مما سبق: أن السنةالصحيحة التي لامطعن فيها سندا ثبتت فيها التسليمتان ؛والتسليمةالواحدة ثبتت هي الاخري بأحاديث معضدة بعمل الصحابة وأهل المدينة ؛وبمراسيل صحيحة ؛وبأحاديث يقوي بعضها بعضا وبنقل الكافة عن الكافة من أهل المدينة،ورويت عن الخلفاء الاربعة،وبعض الصحابة فلامجال للطعن فيها ؛والله أعلم .القاضي سيدمحمدولدمحمدالامين ولدباب البوصادي ٢٩ ١٢ ٢٠٢٠
يتواصل بحول الله ...