بسم الله الرحمن الرحيم 'والصلاة والسلام علي النبي الامين 'وبعد :فقد ورد سؤال حول شخص تنقص من مقام النبي عليه السلام حاشاه من ذلك 'زاعما أن ما صدر عنه من أوامر وقرارات -حسب زعمه- بعد أن نزل قوله تعالي :اليوم أكملت لكم دينكم ليس من الدين 'وأن أوامر النبي عليه السلام بعدمانزلت الاية كلها ليست من الدين 'وقارن فيه بين مقام رئيس الجمهورية ومقام سيد البرية'
الجواب:هذا الكلام ردة وفيه تطاول علي خير البرية 'وفيه رد عليه وتكذيب له 'فكأنه يقول له بلسان الحال جميع ماجئتنا به بعد الاية مردود عليك '
وكأنه هو فقط من فهم الاية' وكأنه هو من يفهم كلام الله وينفذ تعليماته حرفيا 'وبالتالي فجميع الأوامر الصادرة بعد الاية من النبي صلي الله عليه وسلم لاغية 'وهذالعمري الكفر بعينه 'فإن لم يكن هذا كفر فلا يوجد كفر 'أليس الرد علي رسول الله من الغض من وفور علمه ؟أليس رسول الله صلي الله عليه وسلم أعلم بمراد الله ؟ ثم هل يليق بمسلم تشبيه مقام النبوة بمنصب سياسي يحق للعامة نقد صاحبه ؟
هل يليق بمسلم نقد خير البرية ومعارضته كما يعارض رئيس الجمهورية '؟أليست معارضة النبي عليه السلام كفرا وردة ؟وأما معارضة رئيس الجمهورية فمشرعة طبق الدستور ؟كيف لمؤمن يؤمن بالله تشبيه مقام النبوة بمنصب موقت تنقضي صلاحية صاحبة بمجرد انتهاء مأموريته ويصبح بعدها رجلا عاديا '
فهذا الكلام كله كفر وردة بإجماع المسلمين 'لقَولِ الله عَزَّ وجَلَّ: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة: 65، 66] الآية) .
فقد كفر الفقهاء بأقل شأنا من هذا سدالذريعة انتهاك العامة للجناب النبوي '
مع أن هذا كفر بواح و فيه تنقص واضح من جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم قال خليل في المختصر :
وإن سب نبيا أو ملكا أو عرض أَو لَعَنه أَوْ عَابه أَو قذفه أَو استخف بِحَقِّهِ أَوْ غَيَّرَ صِفَتَهُ أَوْ ألحق به نقصا وإن في بدنه أَوْ خَصْلَتِهِ أَوْ غَض من مرتبته أَوْ وفور علمه أَو زهده أَو أَضَاف لَهُ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ أَوْ نَسَبَ إلَيْهِ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ عَلَى طَرِيقِ الذم… قتل ولم يستتب حدًا إلا أن يسلم الكافر و إِن ظهر أنه لم يرد ذمه لِجهل أو سكر أو تهور ))
وقال القاضي عياض رحمه الله :
" من استخف به – يعني بنبينا صلى الله عليه وسلم - أو بأحد من الأنبياء ، أو أزرى عليهم ، أو آذاهم ، أو قتل نبيا ، أو حاربه : فهو كافر بإجماع " انتهى من " الشفا بتعريف حقوق المصطفى " (2/284)
وقال الدردير المالكي :
" من سب نبياً مجمعاً على نبوته ، أو عرَّض بسب نبي فقد كفر ".
وقال الشربيني رحمه الله :
" من كذب رسولاً أو نبياً أو سبه أو استخف به أو باسمه ... فقد كفر " انتهى من " مغني المحتاج " (5/429)
وقال ابن نجيم الحنفي رحمه الله :
" ويكفر بعيبه نبياً بشيء " انتهى من " البحر الرائق " (5/130)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" مِن خصائص الأنبياء أنَّ مَن سبَّ نبيًّا مِن الأنبياء قتل باتفاق الأئمة وكان مرتداً ، كما أنَّ مَن كفر به وبما جاء به كان مرتداً ، فإن الإيمان لا يتم إلا بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله " انتهى من " الصفدية " (1/262)
وقال ابنُ نجيمٍ الحنفيُّ: (يَكفُرُ إن اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْضَى بِالْكُفْرِ،... وَبِعَدَمِ الْإِقْرَارِ بِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ، أَو عَيبِه نبيًّا بِشَيْءٍ، أَوْ عَدَمِ الرِّضَا بِسُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ) .
وقال الدردير المالكيُّ: (من سَبَّ نبيًّا مجمَعًا على نُبُوَّته، أو عرَّض بسَبِّ نبيٍّ، بأن قال عند ذِكْرِه: أمَّا أنا فلستُ بزانٍ أو سارقٍ؛ فقد كَفَر، وكذا إن ألحق بنبيٍّ نَقْصًا، وإنْ ببدَنِه كعَرَجٍ، وشَلَلٍ؛ أو وُفورِ عِلْمِه؛ إذ كُلُّ نبيٍّ أعلَمُ أهلِ زمانِه، وسَيِّدُهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أعلَمُ الخَلْقِ) .
وقال الشربيني الشافعيُّ: (من كذَّب رسولًا أو نبيًّا، أو سبَّه أو استخفَّ به أو باسمِه؛ ... فقد كَفَر) .
وقال مرعي بن يوسف الكرمي الحنبليُّ: (من سَبَّ رسولًا ... كَفَر) .
القاضي :سيد محمد ولد محمد الامين باب ٢٤ ٨. ٢٠٢٣.