رسالة خطية لتنشيط العلاقات السنغالية الموريتانية غير الحسنة

أحد, 12/11/2016 - 12:38

فسر المراقبون الرسالة الخطية التي بعث بها الرئيس السنغالي ماكي صال لنظيره الموريتاني والتي سلمها أمس في نواكشوط وزير الصيد السنغالي بأنها «محاولة سنغالية لتنشيط العلاقات مع موريتانيا المتوترة منذ أشهر بسبب تأخر تجديد اتفاقية الصيد السنوية بين البلدين التي تعتبر حيوية بالنسبة للسنغال لاعتماد آلاف الأسر في شمال السنغال عليها».
واكتفى الوزير السنغالي الذي قضى يومين في نواكشوط منتظراً مقابلة الرئيس الموريتاني في تصريح للصحافة الرسمية الموريتانية بالتأكيد على أن الرسالة «تتعلق بالعلاقات المتميزة والعريقة القائمة بين البلدين في مختلف المجالات سواء تعلق الأمر بقطاعات البيطرة أو الصيد أو التجارة». وأكد «أن موريتانيا والسينغال بلدان شقيقان وصديقان وتربطهما علاقات ممتازة وأخوية ومثمرة».
ورغم هذه التصريحات الديبلوماسية المتفائلة، فإن الحكومة السنغالية منشغلة بتأخر الجانب الموريتاني في تجديد اتفاقية الصيد التي عرقلتها سياسة الصيد الجديدة المطبقة في موريتانيا.
وأكد الوزير في توضيحات أخيرة للبرلمان السنغالي «أنه لا توجد في الوقت الحالي اتفاقية للصيد مع موريتانيا لأنها اتفاقية سنوية ولم يتمكن الطرفان من تجديدها خلال عام 2016». وقال «نبذل جهوداً لتجديد الاتفاقية ولم نيأس بعد من ذلك، كما نبحث عن اتفاقيات صيد مع أطراف أخرى».
وأظهرت تصريحات أدلى بها مؤخرًا الوزير السنغالي انزعاج حكومة داكار من الإجراءات التي يتضمنها قانون الصيد الذي أقرته الحكومة الموريتانية مؤخراً والذي يلزم جميع من يمارس الصيد في المياه الموريتانية بتفريغ المصطادات على الأرض الموريتانية للتحقق من نوعها وكمها.
وأكد الوزير السنغالي «أن السبب في توقف المفاوضات بين موريتانيا والسنغال حول اتفاقية الصيد، هو مصادقة الحكومة الموريتانية مؤخراً على قانون جديد للصيد يلزم بتفريغ جميع المنتوجات البحرية المصادة في المياه الإقليمية الموريتانية، على الأرض الموريتانية قبل إعادة شحنها لوجهاتها الخارجية».
وقال «من الصعب على صيادينا التقليديين أن يفرغوا مصطاداتهم على الأرض الموريتانية ثم إعادة شحنها من جديد، وهذا ما سبب التأخر في توقيع اتفاقية جديدة للصيد بين حكومتينا»، حسب قوله.
وترتبط السنغال وموريتانيا منذ عام 2001 باتفاقية للصيد تجدد كل عام وتسمح للصيادين التقليديين السنغاليين بالحصول على رخص للصيد في المياه الموريتانية بمقابل مالي.
وأعرب الوزير السنغالي عن «أسفه لعدم تجديد الإتفاقية ولعرقلة نشاط صيادي سنلويس التقليديين في المياه الموريتانية، مضيفاً «نحن ندرك أن موريتانيا بلد له سيادة، إلا أننا نذكر سلطاتها بأن المعاهدات الدولية الخاصة بقانون البحار مقدمة على قوانين الصيد الوطـنية».
وتنص اتفاقية الصيد الموقعة بين موريتانيا والسنغال والتي انتهت صلاحيتها في تموز/يوليو من العام الماضي على منح موريتانيا ثلاثمئة رخصة للسنغال لفائدة مجموعة الصيادين التقليديين في ولاية سنلوي السنغالية المحاذية للحدود مع موريتانيا.
ويشكل صيادو سنلويس الذين يسمون «غت اندر» بعددهم الكبير وباعتماد آلاف الأسر على مصايدهم، مجموعة ضغط سياسية واقتصادية كبيرة على حكومة داكار، كما أنهم يشكلون ورقة ضغط هامة بيد حكومة نواكشوط. 
وظل الصيادون التقليديون السنغاليون على مدى قرون مضت يصيدون بحرية في المياه الدولية بدون رقيب، قبل أن تلزمهم الحكومة الموريتانية ضمن تشريعات حماية الثروة البحرية، باحترام مياهها الإقليمية لتفرض بعد ذلك على جارتها السنغال توقيع اتـفاق ينـظم نشـاط هذه المجمـوعة.
وكانت الرخص الثلاثمئة التي تلتمس السنغال تجديدها قد منحت بموجب اتفاق موقع مستهل حزيران/يونيو 2013 وتتولى لجنة متساوية الأطراف من كلا البلدين الإشراف على ضمان حسن تنفيذه وحل المشكلات التي تعترضه. وتسمح موريتانيا حسب الاتفاق المبرم بين البلدين، بدخول 300 زورق سنغالي تقليدي للاصطياد في مياهها الإقليمية وذلك بكمية لا تتجاوز 40 ألف طن مقابل تسديد الطرف السنغالي لمبلغ 10 يورو عن كل طن مصطاد.
ويلزم الاتفاق الطرف السنغالي بتفريغ نسبة 6% من الكمية المصادة في المراسي الموريتانية، كما يفرض على الطرف السنغالي تعريف أفراد أطقم الزوارق المستفيدة من الرخص لأسباب أمنية.
وشكل قانون الصيد الجديد الذي أقرته الحكومة الموريتانية مؤخراً والذي يلزم بتفريغ المنتوجات البحرية المصادة على الأرض الموريتانية للتعرف على نوعيتها وكميتها، عرقلة أمام الصيادين التقليديين السنغاليين الذين تعودوا منذ حقب طويلة على الصيد في المياه الموريتانية وحمل مصطاداتهم مباشرة للأسواق السنغالية.
وتؤكد مصادر مقربة من أوساط القرار في السنغال «أن حكومة داكار متضايقة كذلك من قيام موريتانيا قبل يومين بإطلاق أشغال تأسيس ميناء عسكري وتجاري بمنطقة انجاغو سيكون منافساً لميناء سينلويس أعرق موانئها.
واعتبر موقع «زهرة شنقيط» الآني في تعليق له على الموضوع «أن الحكومة الموريتانية تعتبر إنشاء ميناء انجاغو، استغلالاً لمياهها الإقليمية، وخلقاً لفرص شغل جديدة، بينما تنظر السينغال إلى إنشاء الميناء بقلق بالغ للمخاطر الناجمة عن استغلاله على مصالحها الحيوية».
ودشن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الثلاثاء الماضي انطلاقة أشغال ميناء انجاغو وهو منشأة متعددة الأبعاد ومنجزة بكلفة 352 مليون دولار أمريكي على نفقة الدولة الموريتانية وتتولى تنفيذ أشغالها شركة «بلي تكنلوجي» الصينية.
وسيوفر ميناء انجاغو إمكانية فتح طريق للنقل النهري الآمن والرخيص،عبر نهر السينغال على مسافة تقارب 15 كلم من الميناء، لتموين المدن الموريتانية الواقعة على ضفتي نهر السنغال وحتى جمهورية مالي. 
ويتألف ميناء انجاغو الذي يبعد 170 كلم عن العاصمة نواكشوط من ميناء عسكري ومحطة للرسو من جانبين ومنصة للإبحار وميناء للصيد يتكون من سبع منصات للإبحار، وورشة لإصلاح البواخر تبلغ طاقتها 70 باخرة للسنة ومحطة للبواخر التجارية بطول 80 متراً ونقطة للإبحار مجهزة للصيد التقليدي خارج الميناء.

القدس العربي